اهم الشخصيات العلمية والفكرية فى المغرب

 الشخصيات العلمية والفكرية…

من الطبيعي أن يكون معظم أصدقائي من المغرب وفي غير المغرب من العلماء المثقفين والباحثين، وأن تكون صلتي بهم قائمة على أساس من التلاقي الفكري وأن تكون لقاءاتنا ذات طابع ثقافي ، وأن يكون حوارنا مثمراً ومفيداً ، فالثقافة اهتمام جامع للنفوس ومقرب لما تباعد من القلوب ، وكنت احترم الرأي حيث كان ، وأبحث عن أوجه التلاقي وهي كثيرة، وأعترف بحق الاختلاف  ، وأعطي للآخر حق امتلاك جزء من الحقيقة بالمقدار الذي أطالب به لنفسي، وكل طرف على حق فيما يراه ، ولو جلست في مجلس الآخر ونظرت من النافذة التي ينظر منها وتأثرت بالظروف المكانية و الزمانية التي تأثر بها فسوف أقول ما قال على وجه اليقين , فلماذا ذلك التباعد والتشاحن والتباغض ، ولماذا لا تتعدد الحقيقة بحسب كل فرد ، ولماذا لا تتكامل رؤية كل طرف مع رؤية الآخر لكي تتسع الرؤية وتتكامل الفكرة ويلتقى البعيد مع البعيد الآخر ، والحياة تتسع لكل الأفكار ولو كانت متناقضة , ولكل الثقافات ولو كانت متصارعة، والثقافات لا تتصارع ولا تتصادم، وإنما يتصارع الإنسان مع الآخر المخالف له دفاعاً  عن ذاته وتأكيداً لوجوده , لأنه يريد أن يمتلك الحقيقة وحده , وأسباب التصارع واحدة سواء في السلطة والنفوذ  او في الأفكار والثقافات , وكل فرد يريد أن يحقق وجوده من خلال امتلاكه لكل شبئ,  واعتراف من حوله بذلك..

كنت أبحث عن أصدقاء الفكر وهم ينتمون لمختلف المدارس الفكرية وكنت أجد من رموز المدارس الفكرية الأخرى خلقاً ونبلاً وفهماً , وهذا مما كان يسعدني فســـاحة الفكر رحبة وتتسع لكل من يرتاد هذه الساحة , وما يجمعنا هو الرحم الانساني الرحب فى فضائه  الواسع , ذلك هو منهجي,  وهذه هي طريقتي وما ضاق صدري بالآخر حيث كان مهما اتسعت الفجوة بيننا ,بشرط ألا يحتكر الفكر لنفسه أو يضيق الخناق عليه أولا يلتزم بأدب الحوار ولم أعط لنفسي قط حق الوصاية على الآخرين حيث كانوا، فهذا خيارهم فيما يختارون … فلماذا الوصاية على اختيارات العقول….

كنت أملك الكثير من الأصدقاء ولا حدود لصداقاتي، في كل البلاد التي عشت فيها، وكانت صداقاتي المغربية كثيرة، وكانت مجالسنا مجالس فكر وثقافة وحوار،

وأذكر هنا أسماء بعض أصدقائي المغاربة:

_الأستاذعبدالوهاب بنمنصور ..مؤرخ وباحث ومؤلف ,وله كتاب “أعلام المغرب””والوثائق الملكية” ” وعشرات المؤلفات وكان يسجل حياة الملك ونشاطه الرسمي فى “انبعاث  أمة” ,  وهو من أعز أصدقائي وأقربهم إلى نفسي وكنا نلتقي كثيراً………

نقص صفحة 327-328

 

 

 

 

-الأستاذ عبد الله كنون عالم كبير ومؤرخ ورئيس رابطة علماء المغرب , وهو شيخ العلماء وموضع ثقة كل العلماء ومحبتهم , وهو صاحب كتاب ((النبوغ المغربي )) وله جهود إسلامية وعلمية ويحظى بتقدير واحترام كل الأوساط العلمية والشعبية في المغرب , وكنت أحترمه وأقدره وألقيت كلمة في حفل تأبينه في مدينة طنجة ..

-الأستاذ عبد الرحمن الدكالي ابن شيخ الإسلام الشيخ شعيب الدكالي, وكان عالماً وشاعراً متميزاً وكان قريباً من الملك وكان أول من عرفته في المغرب وكان من أكثر أصدقائي وفاءاً ولا حدود لوفائه …وحزنت لوفاته وألقيت كلمة مؤثرة في حفل تأبينه وقال لي :لقد سخرني الله لخدمتك والدفاع عنك واستمر في ذلك الى حين وفاته ..

-الأستاذ محمد المكي الناصري عالم وفقيه ووزير الثقافة والأوقاف وزعيم حزب وطني وصاحب مواقف وطنية شجاعة وتولى رئاسة رابطة العلماء ورئيس المجلس العلمي للرباط,  وهو أول من رشحني للدروس الحسنية وأول من التقيت به من المغرب قبل سفري الأول ..وكان معي في جميع المواقف مشجعاً ومؤيداً ..

-مولاي إبراهيم الكتاني شيخ الطريقة الكتانية ووالد الدكتور يوسف الكتاني وهو من الصالحين وأهل التقوى والورع , وكان يحبني ويقف معي في الأزمات وكنت أتفاءل بدعائه وتشجيعه ولا أشك في ولايته وصفائه ..

_الدكتور عزيز الجباني فيلسوف المغرب ويخطى باحترام الأوساط الجامعية وعميد كلية الآداب بالرباط وصاحب مواقف فلسفية وهي اقرب إلى اليسار وله كتب عديدة في الفلسفة والشخصانية وهو زميل في الأكاديمية وكنت اقدره واحترمه وقد اختلف معه في بعض الآراء إلا أننا كنا أصدقاء ويجمعنا الفكر وهو زميل في الأكاديمية ..

_الأستاذ محمد شفيق  مثقف مغربي من دعاة الامازيغية  وضع قاموسا للغة الامازيغية , وكان مديرا للمهد المولوى وهو مهتم بالدراسات التربوية ,وهو صديق وزميل في الأكاديمية

-الاستاذ عبد العزيز بنعبد الله وهو من أهم الباحثين المغاربة في اللغة والأدب والتاريخ  والتعريب وهو رئيس إدارة تنسيق التعريب في الجامعة العربية , وهو أستاذ أكاديمي وله عشرات البحوث والدراسات في الحضارة والمدن العربية ..

_الدكتور عبد اللطيف بربيش عميد سابق لكلية الطب وهو طبيب الملك ورئيس الأكاديمية المغربية ومهتم بالدراسات الطبية وكان صديقا متميزا بأخلاقه العالية , وهو شخصية أكاديمية في فكرها وفي سلوكها ويشارك بجدية في الحوارات والمناقشات الثقافية .

الدكتور عبد الوهاب سعود التازي رئيس جامعة القرويين وهو باحث في اللغة والأدب وأستاذ أكاديمي وإداري ناجح وصاحب مؤلفات علمية وكانت تربطني به صلة مودة وصداقة ..

الدكتور آمال جلال أستاذ قانوني ومدير جامعة محمد بن عبد الله فى فاس وأصبح والياً لمدينة قاس وهو صديق عزيز

الدكتور أحمد التوفيق وهو أستاذ جامعي في الأدب والرواية وتولى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وهو غيور على الثقافة الإسلامية , وله مؤلفات جيدة وقد شارك في بعض نشاطات دار الحديث..

الدكتور سعيد بلبشير وهو أستاذ قانون وإدارة وتولى وزارة الثقافة وهو من قادة حزب الاستقلال وله نشاط وطني جيد وله اهتمام بالتربية وإنشاء المدارس التربوية وله مدرسة باسمه وكنا نتبادل الزيارات ونتحاور في كل القضايا بحرية كاملة وكنا نلتقي في الأفكار..  

الدكتور الحبيب المالكي :أستاذ جامعي مختص بالاقتصاد وتولى وزارة التربية الوطنية وهو من قادة حزب الاتحاد الاشتراكي ويتمتع بشخصية جيدة ,وله دراسات قيمة فى الاقتصاد, وهوعضو فى الاكاديمية….

 وكنت ألاحظ أن صلتي برجال العلم والفكر والثقافة كانت أكثر دفئاً ومتانة واستمراراً وكانت لقاءاتنا أكثر تواصلاً وتكاملاً , وتتميز الشخصيات العلمية بأخلاقية في العواطف والمواقف وهم أقل غضباً من غيرهم وإذا وصلوا إلى السلطة فإنهم يحرصون على التميز في السلوك  وكلما طال بهم المقام في السلطة ضعف هذا التميز وربما يصبحون بعد حين أكثر قدرة على المخاصمة والمنافسة, ويدوم هؤلاء في السلطة أكثر من غيرهم إلا أنهم بسبب ترددهم في بعض الأحيان قد لا ينجحون في بعض المهمات القيادية التي تتطلب سلوكيات ومواقف قد لا يرتضيها أهل الثقافة ..

واغتنم الفرصة لكي أشيد بصديقين هما من أقرب الأصدقاء وأعزهم وكنت أرتاح لمجالستهم التى كنا نناقش فيها قضايا فكرية وثقافية,  وكنت أستشيرهما فيما يعلمون من امور المغرب  وهما الأستاذ عبد الوهاب بنمنصور والدكتور عباس الجراري وكل منهما حجة في مجال اختصاصه , وكان الأستاذ بنمنصور يعرف جيدا التقاليد الملكية , المطلوب والمقبول والمحمود والمذموم والممكن وغير الممكن وكان ناصحاً عاقلاً وصادقاً ومحباً وكان ينقل لي بموضوعية ما احتاج الى معرفته وقال لي مرة وهو مؤرخ المملكة:  سيكتب المغاربة عنك وسوف يتساءلون عن سر استدعاء الملك لك وتكليفك بإدارة مؤسسة علمية سامية يرعاها الملك نفسه ,  وهو أمر غير معهود وقال لي: سأكتب عنك ترجمة موسعة في كتابي “إعلام المغرب” و أرجو أن تزودنى بنفسك بما احتاج البه من معلومات وأفكار  ونصحنى ان أكتب كل ذكرباتى عن المغرب  بصراحة وموضوعية,  وألا أتشر ذلك في حياتى لكيلا أحرج أحدا ,وقال لى :تأكد من وفاء المغاربة لك  والمغاربة يعتقدون أن ملوكهم لا يفعلون العبث ولم يحظ أحد في المغرب بما حظيت به من محبة المغاربة …

وقد أسعدني ماسمعت منه , وشجعني وحملني مسؤولية كبرى فيما أكتب  وكنت أحرص على التواصل  مع كل الشخصيات التي تحظى باحترام مجتمعها ومحيطها ولو كانت معارضة للنظام , وبخاصة الشخصيات التى تعتبر من رموز الحركة الوطنية ورأيت أن وفاء هؤلاء للنظام أرسخ وأقوى من وفاء بعض الشخصيات المحسوبة على النظام , ولا يدوم النظام السياسي إلا بوجود قاعدة شعبية قوية ومتماسكة تحمي النظام , وتوفر له الشرعية وتفشل  كل محاولة غادرة ضده , ويجب على أي نظام سياسي أن يوسع قاعدة المدافعين عنه من الشرائح الشعبية ولا يدافع عن النظام إلا من كانت له مصلحة في النظام,  وإذا وجدت الطبقة المستضعفة أن النظام يدافع عن حقوقها فسوف تكون أكثر دفاعا عنه  وتضحية فى سبيله..   

( الزيارات : 4٬626 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *