كلمات مضيئة.اين الحقيقة

كنت كثير التامل  المقارنة بين منهجي الففلاسفة والصوفية فى البحث عن الحقيقة , ولا اقصد بالصوفيه هو نراه من تقاليد وطقوس ومجالس وتقاليد معتادة , فتلك من الاعراف الاجتماعية وهي تقترب او تبتعد عن الصوفية الحقيقة الملتزمة كمنهج معرفي اصيل يجد جذوره فى ثقافتنا الاسلامية , وهو كيس كما تراه العامة فى عصور الانحطاط والتعصب والتقليد , الصوفية منهج معرفي ومنهج تربوى يجد جطوره فى الفطرة الانسانية , وله ثوابته عند اهله , وهو ينطلق من الله وكل ما فى الكون هو من الله , وهو اكثر تعبيرا عن القيم الايمانية , ويعتمد على التجربة الانسانية الناتجة عن التامل وهو بهذا المفهوم فهو النقطة المحركة لكل شيء فى الوجود , وقد ازدهرت المعرفة الصوفية فى عصر الازهار وكان لها رموزها العلمية والمعرفية , وفى المقابل هناك المنهج الفلسفى المستمد معظمة من الفلسفة الاغريقية القديمة وتأثر بهم معظم فلاسفة الاسلام من امثال ابن سينا والفارابي وابن رشد , ل يستطع هؤلاء ان يقدموا فلسفة اسلامية وغلب عليهم منهج الاقدمين وبخاصة فى مجال حديثهم عن الالهيات وقدم العالم والطبيعية والمعاد , واتهم معظم فلاسفة الاسلام بالزندقة والالحاد وامتحن الكثير منهم بسبب ارائه , ولم تستطع المجتمعات ان تقبل تلك الفلسفة لانها حاولت تكلفا ان تحقق التوافق بين الدين والحكمة كما فعل ابن رشد , وقد شهد القرن الخامس والسادس الهجرى تلك المواجهات بين رموز المدرستين من امثال الغزالى وابن رشد وابن عربي  , كانت الاندلس فى تلك الفترة التاريخية من مراكز الثقافة الاسلامية ,  كان الغزالى قد درس الفلسفة من كتبها وكتب كتابة الشهير تهافت الفلسفة الذى هدم بكتابه اعمدة الفلسفة لمنهج للمعرفة , وكان هذا الكتاب هو بداية النهاية لمنهج الفلاسفة لانها فند فيه ادلتهم ومناهجهم , وعندما جاء ابن رشد بعد عصر الغزالى بفترة وجيزة وكان من ابرز فلاسفة الاسلام فى قرطبة وكان فقيها متميزا ومن اعلام المالكية كتب كتابه تهافت التهافت الذى سفه فيه اراء الغزالى , وبعد اربعين سنه من مولد ابن رشد ولد ابن عربي  فى قرطبة , والتقيا معا وكان ابن عربي صغير السن , وتحدث عن ذلك اللقاء بنفسه , وسأله ابن رشد قائلا له هل وصلتم عن عن طريق الذوق الى اليقين فقال له نعم وسلا , ثم انتقل ابن عربي الى مكة ثم الى دمشق التى توفي فيها وترك اهم كتاب فى الفكر الصوفي وهو كتاب الفتوحات الملكية الذى يعتبر اهم كتاب علمى يبحث عن حقيقة التصوف , وقد حظي هذا الكتاب باهتمام العلماء والمفكرين وبخاصة لدى فلاسفة الغرب اليوم نظرا للمنهج المتميز فى التوصل الى المعرفة , وقد عكف الدكتور عتمان يحيى مدة خمس وعشرين سنه فى تحقيق كتاب الفتوحات , وقد نشات من طفولتى على حب هذا الكتاب ولكننى لم اقرأه , وكان السيد النبهان طيب الله ثراه ينهى غير اهل الاختصاص من قراءة هذا الكتاب , وكان يثنى عليه وعلى ابن عربي ويعتبره من افضل من كتب عن المعرفة الصوفية , قرأت بعض الصفحات والعبارات وكانت قضاياه بعيدة عن اهتمامى , لم يكن ابن عربيى كما قال عنه خصومه , ولم يتضمن كتابه تلك الشطحات التى نسبت لكثير من اعلام التصوف , كان راقي العبارة دقيق المعانى يعبر عن فكر ابن عربي الذى اشتهر باه سلطان العافين وهو الامام الاكبر , وقد اتهم من قبل بعض علماء عصره من امثال ابن تيمية وابن الجوزى بالالحاد والجهل ,

كنت اتساءل مع نفسي فى لحظات التأمل اين الحقيقة فيما نراه او نسمع عنه من تلك التعددية , كنت اتساءل اين موطن الضعف فيما نحن فيه , هل يمكننا ان نختلف ذلك الاختلاف الكبير الذى يدفع كل فريق لاتهام الاخر بالزندقة واحيانا تهدر دمه كما فعلوا بالحلاج , اين نقطة الخطا فيما نحن فيه , لما لا نحترم حرية الرأي ونؤمن بدور الفكر فى اثراء فكرنا وثقافتنا , كنت اقف حائرا وانا اتتبع حياة الاعلام وافكارهم , كنت اجد فى عصر الانحطاط ان الجهل يطارد الفكر ويتعقب اعلامه فارضا عليهم وصايته , كل باحث عن الحق فله نصيب من الصواب , اذا كانت الغاية هي الله فلما ذا لا نؤمن بتعدد الطرق النوصلة اليه , ليس من اختصاص الانسان بقدراته المحدودة ان يدرك الحقيقة المطلقة , قدرة العقل لا تتعدى المهمة التى خلق لها ولا يمكنه ان يتجاوز , ما تراه الحواس هي ما يمكن للعقل ان يتصوره , الله تعالى هو الكمال المطلق والكون كله من تلك التجليات الالهية , والعقل كالسمع والبصر لا يمكنه ان يتجاوز محيطه , وهي حاجة الابدان , تحركها الغراز الفطرية ويمسك بزمامها العقل لكي تحسن الاختيار , والابدان فاتية ولها بداية ونهاية , اما قوة النفس الروحية فهي من الفيض الالهي المتجد فى اشكاله وتحلياته فى كل المخلوقات ومنها الجمادات , ذلك سر الخلق , ما لا نراه بحواسنا او بعقولنا نؤمن به ولا نتحدث عنه فليس من اختصاصنا , لقد عرض لنا الله تعالى صورة اجمالية للخلق والانسان , ولم يستطع العلم ان ينقض ذلك اليقين الذينى , وذليل ضعفهم ان كل فريق يقدم تصورا يناقض به تصور الاخرين , فاين هي الحقيقة ..