اي ثقافة نريد

كلمات مضيئة ..اي ثقافة نريد

 عندما نستمد فكرنا من الواقع نرتقي به ونجعله فكرا متجدد المعالم  ممتعا لمن يتابعه  ممكنا وليس مثاليا  لا يخضع لمقاييس خيالية وافتراضات وهمية وتاملات فلسفية ، تلك هي محنة النخب الثقافية  فى معظم المجتمعات  التى تحلم وهي تفكر  وتحلق بعيدا عن الواقع الاجتماعي وتحاول ان تفرض قوانينها عليه من خلال توهم الكمال كما تراه وتتخيله ,  وتلك هي محنة الفكر والمفكرين قديما وحديثا , ما ابعد الفكر الناتج عن التأمل عن الواقع الذى يحتاجه مجتمعه , مالا ينهض بمجتمعه من الافكار والثقافات  فلا حاجة اليه ومالا يعالج قضايا المجتمع وهموم الانسان  فمن اليسير الاستغناء عنه   ، لاكمال خارج  الحياة والقضايا التى تهتم  بمطالب الانسان وكرامتة  فيما يعتبره ضروريا لحياته ، ما يعني الانسان هو ما ارتبط بوجوده  من الاسباب المعيشية  فى الدرجة الاولى  التى تشغل اهتمامه  وهي المطالب الضرورية التى تتعلق بوجوده الانسانى كمؤتمن من الله تعالى  ومخاطب بما اؤتمن عليه  ان يكون مؤمنا بالله قائما بحقوقه مستسلما لحكمة تدبيره مستلهما منه الهداية والرشاد لكي يكون النور الذى يضيء  ليله ويلهمه رشده ,  وما يفكر فيه  من امر دنياه  ومعاشه هو الذي يشغله  وهو الذى يجب ان تتجه اليه جهد العقول لمساعدة  الانسان على التغلب امره في كل ما يتعلق بحق من حقوقه ، ما اهتم به الفلاسفة ليس هو ما يهم الناس وما يشغلهم ,  ماكان من الالهيات والغيبيات  وكل ماتجاوز مدركات الانسان فليس من اختصاص الانسان وليس مكلفا به وهي قضايا اختص الله بها  ولا علاقة لها بمرتبة العبودية ، ما هو ضروري للانسان وما ارتبطت حياته به هو الذي يجب الاهتمام به ويشمل كل ماكان طريقه العقل  والعلم  والتجربة الانسانية ,  واهمها الحقوق التبادلية والنظم والقوانين التى تحميه من سلطة الاقوياء الذين احكموا قبضتهم على السلطة والقانون والاخلاق والقيم ، ثقافة النخبة  ثقافة طبقية  بعيدة عن الواقع  تحلق فى فضاء من الاحلام  والامال  والافتراضات  والاحتمالات  التى لاتضيف شيئا الى  الحياة الواقعية  وتتجاهل مطالب الانسان فى سعيه للعدالة  التى امر الله بها عباده , العدالة حق انسانى لاتستقيم الحياة الانسانية الا به , فى كل امر من الامور , الاخلاق والقانون والقيم  يجب ان تكون فى خدمة العدالة , العدالة اولا وكل شيء من الدولة والسلطة والقانون والاخلاق لخدمة العدالة , مهمة الدولة الاولى هي تحقيق العدالة , واذا انتفت العدالة انتفى كل شيء ، كيف يمكن للانسان ان يثق بمن يكتبون عن  العدالة وحقوق الانسان  وهم يريدون  بما يكتبون  استرضاء  من يهدد العدالة ويبرر لنفسه  التجاوز والجور لانه يملك اسبابه  من رموز المال والسلطة  واسباب الطغيان , معظم الذين كانوا يكتبون من رجال الفكر والثقافة  واعمدة العلم  والبيان  كانوا يهدون كتبهم الاولى  للحكام  والامراء  استرضاءا لهم وطمعا فى ان ينالوا شيئا منهم  يطمعون  فيه , , ومعظم الذين يكتبون  عن القيم  والاخلاق يمجدون القوة ويتحدثون عن الانتصارات فى الحروب  ولا يتحدثون  عن  الرحمة  ومعاناة  المستضعفين  والمغلوبين  ولو كانوا من الاطفال والابرياء والصالحين , كنت اتساءل اين هي ثقافة المحبة والسلام  واحترام الانسان فى ثقافتنا  وهي من ثوابت  المنهج الالهي  الذى اؤتمن الانسان عليه ,  اين هي ثقافة الاسلام فى مناهجنا التربوية كمنهج لتكوين الشخصية الانسانية  المؤمنة بالقيم الروحية  التى تحترم الانسان  المؤتمن على الحياة  التى ارادها الله لكل عباده  , ثقافة القوة والعنف والكراهية ليست هي الثقافة التى تحقق العدالة  التى يحبها الله  لعباده  كمنهج يوفر اسباب  السلام بين الشعوب  , ثقافة النخبة تجعل الاخلاق في خدمة ما تعارفه مجتمع النخبة من القيم التي تكرس الطبقية الاجتماعية والعدالة المزيفة التي تشجع الظلم وتتجاهل الكرامة التي يحتاجها الانسان ، عندما يهتم الفكر الانسانى  بمعاناة المستضعفين والمحرومين يقترب من انسانيته الرحيمة  وهي التى  تجسد  الاخلاقية  الاسلامية التى تتميز بخصائصها الروحية التى تسهم فى معالجة  الخلل فى المفاهيم والقيم التى تبرر  الفساد والطغيان ، لاعدالة مع انتفاء الرحمة بالمستضعفين , والرحمة خصوصية انسانية لا يعرفها الحيوان ولا يشعر بها , الحيوان تتحكم فيه غرائزه , وعندما يجوع يقتل فريسته ولا يشعر بالرحمة وهو يستمتع باكلها , اما الانسان  فالرحمة تمنعه من العدوان على من هو اضعف منه  ، من العدالة التى يحبها الله ان يتكفل الكبير  بالصغير وان يحمل القوي الضعيف ، ومن العدالة ان تخفف العقوبة عن الجائع والمظلوم والمحروم مراعاة لما هو فيه من الشعور بالمهانة والاحساس بالظلم ، مفاهيم العدالة ترتقي وتتجدد وتتسع لكي تعبر عن كرامة الانسان ، لا كرامة لجائع ولا حرية لخائف، ما نحتاج الىه  هو تلك  الثقافة التى تعلمنا كيف  نكون اكثر رحمة ومحبة واستقامة ..

 

 

 

( الزيارات : 944 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *