تأملات نقدية

ذاكرة الايام..تأملات نقدية

منذ ان انهيت كتابى عن نظام الحكم فى الاسلام بدأت  اسأل نفسي هامسا هل ما كتبته هو نظام الحكم فى الاسلام ام نظام الحكم عند المسلمين كما كان فى تاريخ الدول الاسلامية المتعاقبة , وهو نظام يعبر عن حاجة عصرة بما يحقق مصالح الحكم , ما زلت اذكر ان الماوردى فى الاحكام السلطانية كان يتحدث عن الامارة , وهي امارة تقلييد وامارة استيلاء , والاستيلاء على الامارة هو اغتصاب للسلطة عن طريق التغلب  , المتغلب كان يقيم دولته كما يريد لاه الاقوى  , لا شيء من الاسلام فيما كان , اين الشرعية الناتجة عن التفويض الارادى والتكليف والقيام بحق الله وحق العباد , كنت ابحث عن كلمة الحريات وحقوق المواطن فلا اجدها , ومن الظلم ان ننسب الى الاسلام ما ليس منه , كنت اقول لنفسي مفهوم الحكم فى الاسلام لا يحتاج لاكثؤ من صفحة واحده تعبر عن مفهوم الدولة ككيان ارادى وتعاقدى لتنظيم امر المجتمع والسهر على امن المواطن  وما يحتاجه , واختيار الحاكم الكفء المؤتمن الذى تجتمع الكلمة عليه , ماكان بالاكراه لا شرعية له , اختيار الاكفاء الامناء هي امانة ومسؤولية  , الحكم يؤدى مهمة تكليفية وليست تشريفية , العدالة اهم قاعدة فى الحكم , ليس هناك نظام اسلامى لان النظام يضعه المجتمع بما يلائم عصره وحاجته , البيعة هي تعبير عن الارادة , اهل الحل والعقد مؤتمنون على اختيار الاصلح , هناك واجبات تجب على الحاكم ولكنها لم تحترم فى الواقع , كانت المنافسات على الحكم وغنائم الحكم هي الاغلب , لا شيء مما يريده الاسلام كان يحترم من حقوق المواطن , النظام يتجدد باستمرار لكي يحقق المصالح المشروعة فى الحكم والاموال والاستثمار وانماط الحياة , كنت اكتب عن الاسلام ولا اجد الاسلام فيما كنت اكتب عنه , لم نكن نجد خصوصية الاسلام فيما كان من الانظمة السياسية والاقتصادية والمالية , لقد انعزل فقه الفقهاء عن فقه الاسلام الذى يدعو الى احترام الثوابت الانسانية وقواعد العدالة فى المعاملات والعقود , كنت اجد فى المصارف الاسلامية نفس منهجية الاستغلال والاحتكار والارباح الفاحشة والاتجار بحاجات المستضعفين , الفقراء لا يحتاجون الى صدقات الجشعين من المحتكرين والفاسدين والمرتشين وانما يحتاجون الاعتراف بحقوقهم المشروعة فى الحياة والعدالة , ما كان من الثروات الطبيعة فهي الرزق الذى سخره لكل خلقه لكي يوزع بينهم بالعدل , هي المائدة الممدودة وهي كالماء المتدفق من اعماق الارض لكي يروى حاجة الانسان القادر والعاجز , ولا يمكن لاحد ان ينفرد به دون الاخرين , لا احد ينفرد الا بقيمة جهده وعمله , المال لا يلد المال والارض لا تعطى الا بالعمل , فمن عمل بها فقد احياها وهي له منفعة لا رقبة  لان الارض من ثروات الحياة , ومن اهملها اخرج منها لصالح من يعمل فيها و ثروات الطبيعة لكل الاجيال , ولكل جيل حاجته , لا فردية خارج الضوابط الاجتماعية ولا انانية تتجاوز حدود الحقوق , الاسرة الكونية واحدة متكافلة متناصرة مؤتمنة على الحياة , يتنافس الافراد والشعوب فى الجهد ويتفاضلون مكانة وجهدا ولا تجاوز للطرق المعبدة لكيلا يكون التزاحم , لا ثروة تهدد امن المجتمع واستقراره , ولا ملكية تتجاوز قيمة الجهد , ولا توارث فى اموال الفساد , ولا يمكن لاحد ان يسافر خارج الطرق المعبدة , والسرعة محددة ومن تجاوزها بما يهدد استقرار مجتمعه فيجب ايقافه , المصالح الاجتماعية خط احمر فلا يجون تجاوزه , الفوضى ليست حرية , قانون السير يضبط حركة السير لكيلا يقع التصادم , قانون السر يحترم العجزة والمعاقين ويحدد لهم طرقهم الامنة , وكذلك فى العلاقات الانسانية لا بد من احترام المستضعفين والعجزة والايتام وتوفير اسباب الحياة لهم في كل مطالبهم الضرورية , هؤلاء هم افراد الاسرو الكونية فلا يمكن تجاهلهم , هذه هي رسالة الدين فى المجتمع ان يحقق العدالة والكفاية , من اوقف تجاوزه وعدوانه على المستضعفين بارادته فهذه هي صفة الصالحين,  ومن تمادى فى العدوان والتجاوز فمهمة الدولة المؤتمنة على تحقيق العدالة ان تحقق كامل العدالة عن طريق القهر والقوة ولا حدود لسلطة الدولة فى دفاعها عن العدالة وانصاف المستضعفين ورفع الظلم عن كل المظلومين , كنت اتمنى ان اكتب عما يجب ان يكون فى الحكم والاقتصاد , لا ان ابرر ماكان من تجاوزات تاريخية كانت تتناقض مع رسالة الدين ..   

( الزيارات : 518 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *