تجربة حياة..

ذاكرة الايام..تجربة حياة..

لا احد لا يستعيد ذكريات الماضى ,  عندما نتاملها نضحك حينا ونحزن حينا اخر , نتذكر كيف كنا , احيانا نتعلم من تلك الذكريات دروسا , انها المرآة الصادقة لما نحن فيه , كل واحد منا يتساءل فى داخله : هل يمكننا ان نفعل ماكنا نفعله من قبل , هل نحن اليوم افضل مما كنا فيه , نحتاج الى معيار نقدى لكي نضع انفسنا امام المساءلة الوجدانية , تلك صفحات حقيقية فى تاريخنا , هناك مواقف نعتز بها ونفخر , وهناك مواقف نخجل منها ونتمنى انها لم تكن , هناك اخطاء قد ارتكبناها ودفعنا ثمنها , ما احوجنا الى منهج نقدى نحاسب به انفسنا , الحياة هي المدرسة الاهم فى حياتنا,  وهي الكتاب الذى كتبناه واليوم نعيد قراءته , سؤال يتردد باستمرار : لوعدنا الى البداية هل سنمشى فى نفس الطريق الذى سرنا فيه من قبل  , احيانا نريد ان نجنب اولادنا تلك الاخطاء التى ارتكبناها , كنت شديد القسوة على نفسي في مساءلتى لنفسي عما فعلت من قبل  , ليس كل مااخترناه لانفسنا كان صحيحا , مازلت اذكر ملامح رجال صادفتهم فى حياتى  وازداد اعجابا بهم وحبا لهم , وهناك اخرون لم يكونوا كذلك ابدا , اذكر اننى التقيت قبل خمسين عاما  برجل ليس صديقا ولا اعرفه من قبل  والتقيته مرة واحدة وما زلت اذكره حتى اليوم واتمنى ان اراه لكي اشكره على موقف او خلق ما زلت اكبره  , وهناك اخرون لم يكونوا كما توقعناهم ابدا , ولكن هذه هي الحياة , رأيت الدين والاخلاق فى اناس ليسوا ممن اشتهروا بالدين والاخلاق فى مجتمعهم  ولكنهم كانوا كبارا فى مواقفهم وانسانيتهم , لم اكن اهتم بالمظاهر ابدا,  كنت ابحث عن الانسان , هناك رجال ليسوا كما نظنهم فيه , كان معيارى هم الانسان بقيمه العالية وخصاله الرفيعة , ما اجمل مدرسة الحياة ونحن  نعيش احداثها يوما بيوم , اننى اشعر اننى مدين لكثير ممن عرفتهم وما زلت اذكرهم باستمرار , كنت ارى الاخيار اكثر من الاشرار , وكنت ارى الصالحين اكثر من الفاسدين , الخير موجود فى الانسان , ما رأيت سببا لافساد النفوس كالظلم , وما رأيت وصفا اشد اذلالا لصاحبه من الجهل , وما رأيت نعمة اشد ضررا بصاحبها من الترف , اوصاف ثلاثة هي الاشد فتكا  بالانسان , الظلم والجهل والترف , وما اجتمعت هذه الاوصاف فى شخص الا افسدت حياته وجعلته اكثر شقاءا , كانت لى معايير مختلفة كنت اعتمد عليها , الجهل لا يعنى عدم القراءة والكتابة وانما هو اعم واشمل , رايت الجهل فى كثير ممن تعلموا وتفوقوا فى علمهم وشهاداتهم , واسوا الناس هم قساة القلوب وهؤلاء لا يعرفون الرحمة وهم ابعد الناس عن الله تعالى ولو ادعوا خلاف ذلك , كنت احترم كل انسان يخجل من افعال النقصان ولو كان خصما لى , وكنت احب كبار النفوس وهؤلاء هم اصحاب الهمم العالية ,

ما زلت اذكر الكثير مما شاهدته من الاحداث وما التقيت بهم من الاشخاص , لم اكن اسمح لنفسي ان اكون وصيا على ما يختارون لانفسهم , وهذا امر لا يعنينى لانه من اختصاص اهله  , وكنت اعترف ان من حق الاخر ان ينظر لى وفق معاييره الخاصة وهذا حق له ,  فقد يحكم علي بنفس المعيار الذى انظر اليه فيه , جمال الحياة فى ذلك التنوع والتعدد وهذا هو كمال الحياة , عندما نفهم  كل الاخرين فنحن نقترب منهم , وعندما نحبهم نكون اكثر رحمة بهم , كل الاخرين يملكون مانملك من حقوق,  وهذه الحياة هي ملك لكل الخلق , وهؤلاء هم عباد الله ولو قصروا او اخطؤوا او ضلوا,  والله هو الذى يحاسبهم وهو اعرف بهم وارحم , ليس من وظيفة العبد ان يتدخل فيما اختص الله به , تعالوا نحاسب انفسنا عما قصرنا فيه,  وندع شؤون الاخرين لانفسهم فالله اعرف بهم وبما يسرون وبما يعلنون ..  

( الزيارات : 971 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *