ثقافة الحكايات..والتكوين الخاطئ

.

 

علمتني الحياة

أن أكره ثقافة الحكايات التاريخيّة , لأنّ معظم هذه الحكايات التي يرويها المؤرخون والوعّاظ إما أنّها غير صحيحة , أو أنّها تُروَى وفيها الكثير من المبالغة , ومن اليسير على العقلاء إخضاع هذه الحكايات لمعايير النقد , فما ينكره العقل السليم لا يمكن أن يكون صحيحاً , ولا مبرّر لهذه المبالغات لأنها تسخر من العقل , وقد تميّز الإنسان بالعقل لكن يمكّن من استخدامه والعمل به ويجب أن ندرك أن العقل لا يمكنه معرفة أيّ شيء عن عالم الغيب , والعقل يعتمد على الحواسّ الظاهرة , وهناك عالم الغيب , وهو عالمٌ يسلم العقل بوجوده لأنّه لا يمكن أن يكون الكون قاصراً على عالم المشاهدات الحسيّة , وإلا لضاق الكون , والأرض جزءٌ صغيرٌ من هذا الكون , وما اكتشفه الإنسان من أسرارِ الحياة في الأرض هو القليل , ولم يكتشف قدرات الإنسان التي سوف يكتشفها العالم فيما بعد , ولا حدودَ لقدرة الله على خلق ما يريد , إلا أنّ الإنسان مكلّف بالالتزام بظاهر الشريعة والأخذ بالأسباب والاحتكام إلى العقل , والخوض في الغيبيات خروج عن المنهج الشرعيّ , ويكفي الإيمان بالغيب دون الخوض فيه , لئلا يضلّ الإنسان الطريق , فكلّ شيءٍ ممكن بإرادة الله , ولا يمكن بالعقل وحده أن يميّز بين الصواب والخطأ , وهذا يقودنا إلى وجوب الالتزام بالشريعة في مجال العقيدة والالتزام بالعدالة في المعاملات , والاستقامة في السلوك , وثقافة الحكايات قد تكون ضارّة لأنّها تشكك في قدرات العقل على التمييز , ولذلك تنتشر هذه الثقافة في المجتمعات التي ترتفع فيها نسبة الأميّة , وكلما ارتفعت أساليب الدعوة ارتفعت المفاهيم الاجتماعية السليمة , ولا ترتقي الدعوة إلا برقيّ الدعاة وفي حسن تكوينهم , وجودة إعدادهم , كما ترتقي الصناعات بجودة إعداد الصناع , ويرتقي الذوق الفنيّ لدى المجتمع بارتقاء المعايير والقيم السائدة ……

وما لا يقبله العقل من الحكايات يعتبر من الخرافة , ولا مبرّر للتشكيك في قدرات العقل , ولا لإضعاف الثّقة بالعلم , فالاحتكام للعقل والثقة بالعلم من أهمّ شروط نهضة المجتمع ….

وقد تكون الحكاية مقبولة إذا رُويَت للعبرة والاستفادة منها , إلا أنها يجب أن تكون معقولة ومقبولة , لإعلان مكانة القيم العالية , ولبيان مكانة العلم أولاً والعقل ثانياً والاستقامة ثالثاً , أما الحكاية التي تهدف للتشكيك في هذه القيم , فيجب أن تُقاوَم , وهناك خصوصيات يخص الله بها بعض عباده الصالحين والمقربين من الكرامات , وهذا أمر يكرم الله به أولياءه , ومن ادّعى هذه المرتبة وهو ليس من أهلها فهو كاذب , ولا يوثق بدينه , ومن نسب لنفسه الكرامة وهم كثير فلا يصدقون بما يدعون , ولا كرامة بغير استقامة , والصوفية الحقّة هي التي تهتم بطهارة القلوب ومحبّة الله والإخلاص في العبادات , أما الصوفيّة التي تهتم بادعاء الكرامات والتظاهر بالتقوى من غير استقامة,  ومعرفة الغيب فهي صوفية مذمومة لا يقرها الدين ….

( الزيارات : 762 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *