ثوب السلطة ..وتجربة الانسان

فقه الحياة
السلطة ثوب مزركش جميل الملامح يمنح صاحبه هيبة وجلالا , ومن يرتديه يفرح به ويكبر بارتدائه فى نظر نفسه وفى نظر الاخرين , ومعظم من يرتديه يسيطر عليه الوهم , ويرى نفسه كبيرا, ويمشى بخيلاء فى ثوبه الفضفاض المهيب , قلة من الناس يرون انه ثوب لا بد من ان ينزع منه يوما بارادته او بغير ارادته فيعمل لما بعده من الصالحات التى يدخرها لنفسه عند الله وعند الناس , وكثرة من الناس لا يتعلمون من تجربة السابقين فيحسبون انهم خالدون فيه , ما اشد عناء هذا اثوب عندما يرتديه من لا يحسن ارتداءه لصغار فى بدنه او جهل فى كيفية ارتدائه , فيكون الثوب فضفاضا لا تحتمله اكتاف صغار النفوس , وهو ثوب دافئ تشتهيه النفس وترى فيه الكمال والجلال , عندما ينزع هذا الثوب عمن يرتديه يترك فى نفس صاحبه الما وحزنا , واحيانا لا يصدق ان الثوب قد نزع عنه فيحسب نفسه ما زال يرتديه , ويتوهم الجلال والهيبة فى نفسه ويراها وحده ولا يراها فيه غيره , ويتهم الاخرين بقلة الوفاء له لانهم لم يروا فيه ذلك الجلال المهيب فتشتد نقمته على من حوله ويعيش فى عزلة قاسية من الحسرة والالم , واحيانا يمتد الوهم الى كل من حوله من ابناء واحفاد , يعيشون اسرى لذلك الوهم فى انفسهم , ويتوارث الاجيال ذلك الوهم فى نسبهم ومكانتهم ويتناقلون تاريخ الامجاد ..
هذا هو تاريخ الانسان, وهذا هو وهم الشعوب والحضارات والاسر والعائلات , امجاد التاريخ تصنع مجدا لمن بناه , ولا مجد لمن عاش على ذكريات الامس, , ثوب الماضى وهم يرتديه من لا يريد ان يواكب مسيرة الحياة..

( الزيارات : 1٬213 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *