كلمات مضيئة..جند الاجسام
ما زلت اتساءل عن ذلك السر الذى يحرك الانسان , وما هي تلك الحقيقة التى يبحث عنها , رحلة شاقة فى طريق غير معبدة , اظن ان حي بن يقظان ذلك الطفل الذى تخيلة ابن طفيل فى روايته قد اكتشف فى تلك الجزيرة النائية مع عالم الحيوان من الحقيقة اكثر مما اكتشفه معظم الفلاسفة والمفكرين , لسنا بحاجة لان نكتشف كل شيء عن الكون والحياة والانسان , هل الانسان بحاجة لتك الرحلة الشاقة لكي نكتشف بالفطرة التى نملكها اكثر مما يملكه كل الفلاسفة الذين ادعوا انهم يبحثون عن المعرفة , وما هي مصادر تلك المعرفة , لا قيمة للمعرفة اذا خلت من الثمرة المرجوة منها , لا شيء يطلب لذاته وانما يطلب لما يراد به , الانسان هو المكلف والمؤتمن , ولا يستقيم التكليف الا مع كمال الاهلية لذلك التكليف , لا شيء يحد من حرية الانسان في اختيار ما يريد , التكليف يقتضى المسؤولية والمسؤولية تقتضى المساءلة والحساب , الانسان يملك جندا واعوانا هي التى تمكنه من القيام بما هو مكلف به , العقل والنفس والقلب والروح , كلمات جميلة وتتردد كثيرا فى احاديثنا , الفلاسفة ينادون بسلطة العقل والثقة به والاعتماد عليه , والصوفية يتحدثون عن الروح وانها وسيلة التواصل مع العالم العلوى , وهي سر خفي لا يمكن الكشف عن اسراره , وعلماء التربية يتحدثون عن النفس وهي موطن الغريزة , والامام الغزالى يتحدث عن القلب وهو موطن الفهم ويعتبره هو المخاطب والمعاقب والمقرب الى الله والمحجوب عن الله , وكل فريق ينتصر لما يراه ويرى ان ما ترجح له هو الحق والصواب , ما ذا تركنا للانسان ذلك الجسم المادى الذى نراه , وعندما يفنى ذلك الجسم المادى ينتهي كل شيء , الانسان بكل ما فيه هو الذى يمثل الكمال , ومالا ندركه من جند ذلك الانسان اكثر مما نعلمه , كل هذه القوى متكاملة متضامنة وهي التى تصنع ذلك الانسان , كل القوى يفنى بفناء الجسد ولا يفنى الجسد بفناء بعض اجزائه , قد تتغلب قوة على اخرى وتسيطر وتتمكن وهذا ما يؤدى الى اختلاف فى الاستعدادات والقابليات , لا شيء مما فى الانسان يمكن ان ينتقص , ونفصه يؤدى الى خلل فى شخصية الانسان , ليس من الكمال ان ينتقص بعض ما يحتاج اليه الانسان , الصحة النفسية تتحقق بكمال القوى والاستعدادات , اهم قوة في الانسان هي قوة الخير فى الانسان ولا تكون الا بكمال كل القوى الاخرى , العقل ليس له قوة ذاتية بنفسه وانما هو اداة بيد القوى الاخرى المتحكمة ولهذا فان العقل يمكنه ان يعمل فى الخير وفى الشر , هو اداة تمسك بيدك وتقودك الى ما تريد الوصول اليه , العقل يدلك على الطريق الذى تريده , العقل لا يجعلك اكثر رحمة ولا يجعلك اكثر عدلا وفضيلة , مشاعر الخير مصدرها الفطرة والمشاعر الايمانية وتعلقك بالله , العقل ينمى فى الانسان الشعور بالانانية ولا يعمل الخير الا بمقدار ما يحققه له من المصالح , ليست الفضيلة هي التى تفعلها لما فيها من فائدة تعود عليك منها وانما هي التى تفعلها لان الله تعالى امرك بها وتريد ان تفعلها تعبيرا عن محبتك للخير ..
اترك تعليقاً