حوار داخلى مع النفس..

ذاكرة الايام.. حوار مع النفس..

كان هناك سؤال يتردد فى داخلى يخاطبنى حينا ويحاسبنى حينا أخر واحيانا يؤنبنى ويقول لى ليس هذا هو الطريق , ما ضقت يوما بذلك الصوت , لانه صوت الضمير والفطرة , انه لا يكذبك ابدا , احيانا كنت افرح بما اسمعه واحيانا كنت احزن واتالم , هذا الصوت كان هامسا لايسمعه الا صاحبه , ما اجمل ذلك الصوت فى اعماقنا , كان منصفا وعادلا , انه يصارحك بما انت فيه , انه يكشف ما اخفيته عن كل الاخرين , لا يعنيك امر الأخرين ان احسنوا او اساؤوا , لست وصيا عليهم ابدا , لا تنشغل بهم , هم مؤتمنون ومكلفون ومخاطبون , انت لا تعرف اسرارهم , التمس لهم العذر , ان اخطؤوا فكن معهم ناصحا وخذ بيدهم وان اصابوا فانصفهم فيما فعلوا , فالله اعلم بهم , ولا يضيع اجر من احسن عملا , اما امرك انت فهذا هي مسؤوليتك فحاسب نفسك وكن عادلا , ولا تنسب لنفسك ماليس فيك من الفضائل , فان احسن الناس ظنهم بك فاحمد الله وان اساؤوا الظن فانت اعلم بنفسك من كل الأخرين , لا يغرك ما يقوله الناس عنك من ثناء ومديح فانت اعرف بنفسك ,  لا تتبع عورات الناس فهذا من سوء الادب وتجاوز الحدود  , ولا تتعصب لما انت فيه فلست وحدك على الحق ولست مؤتمنا عليه , افعل الخير مع كل الاخرين,  ولا يعنيك من ذلك الذي تفعل الخير لاجله , انت تفعل الخير لان الله تعالى امرك به , انت لا تعلم من هو اقرب الى الله , فقد يكون من تنكر عليه فعله هو اقرب الى الله منك , قد يكون اكثر اخلاصا وصفاءا , وليكن معيارك عادلا ومستقيما وهو العمل الصالح , وكل انسان يدرك بفطرته ما هو العمل الصالح وما هو العمل السيء , وكل نفس بما هي عليه بصيرة , الايمان والعمل الصالح ولا شيء أخر,  وهذا ما امرنا الله به , دع كل الاخرين فيما اختاروا لانفسهم من السلوكيات والافكار , ماتراه فى مجتمعك اذا ناقض اصلا من اصول الدين فليس من الدين , لا تصدق كل ما تسمعه من مبالغات فيما اشتد خطره  تأباها الفطرة ولادلالة لها فى نظر الدين , رسالة الدين واضحة وثقافة الاسلام مستمدة من الوحي الالهي والبيان النبوى وما تجاوز ذلك فهو من جهد العقول وتراث الاجيال المتعاقبة , لا قداسة فيها ولاتميز,  فماكان منها صالحا ومفيدا يؤخذ به , وماكان من شطحات العقول وانزلاقات الاهواء فلا يعتد بها , ولكل جيل عطاؤه الثقافى الذي يعبر به عن رؤية مجتمعه لقضاياه من الافكار والثقافات والتصورات , كنت ارى الكثير مما يستحق الاهتمام قد اهمل  والكثير مما لا يستحق الاهتمام ولا يضيف شيئا قد انتشر واصبح يمثل ثقافة لمجتمعه , ما اقسى ما تعانى منه المجتمعات الجاهلة من تخلف بسبب  ما انتشر فيها من ثقافات , كنت اجد الكثير مما لا اصل له فى الدين يصبح من ثوابت الدين التى لا تقبل التامل فيها , ما احوج ثقافتنا الى تصحيح وتقويم لكي تكون اصيلة الانتماء الى الدين , لا شيء من جهد العقول لا يقبل التصحيح واحتمال الخطأ فيه , تاريخنا يحتاج الى تصحيح وفكرنا يحتاج الى تأمل لكي يكون ملائما لقضايا عصره واهتمامات مجتمعه  ويحمل ملامح الدين , التعصب فى فهم الدين ليس من الدين واستخدام الدين لغير ما يريده الدين ليس من الدين , وكراهية كل الأخرين ليس من اخلاق الدين , كنت  اتامل فى كل ذلك فى حواراتى مع نفسي فى لحظات تأملى , كنت اخاطب نفسي , كنت ارى بعض ما كنت اقرره واكتبه من ثقافتنا الاجتماعية  ليس مقنعا ولا يخاطب مجتمعنا وكانه تاريخ يحمل ملامح عصرة وقد نقل الينا ليس كما كان وانما كما اريد له ان يكون لكي يخدم اهدافا لا يقرها الدين من تجاهل الانسان ومن تبرير للواقع كما اريد له ان يكون , كنت احاسب نفسي , احيانا كنت اعبر عن قناعتى كما هي واحيانا كنت اتجاوز ذلك, تلك مهمة شاقة , عندما نتخفف من قداسات الماضى نستطيع ان نبنى من جديد بجهد العقول المؤمنة المؤتمنة على الحياة  , الحرية ليست جريمة ابدا وما تراه العقول ليس ترفا ولا شططا ولا انزلاقا فما زال الانسان كما كان هو المخاطب وهو المؤتمن وهو الذى اناط الله به مسؤولية اختيار طريقه الذى يقوده الى ما يحبه الله له من افعال الخير وما فيه صلاح الحياة واستقامة الانسان ,  

( الزيارات : 799 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *