دار الحديث والنشاط الثقافى العام

مشاركة دار الحديث في المؤسسات الثقافية

شارك أبناء دار الحديث الحسينية فى معظم النشاطات، العلمية والثقافية الإسلامية في المغرب، وهذا أمر طبيعي،فهم  يملكون ألمؤهلات العلمية ويملكون القدرة على المشاركة الفعالة في كل نشاط ثقافي إسلامي، وكان يعتمد عليهم في ذلك ..وأهم هذه النشاطات ما يلي :

أولاً :التدريس بكليات جامعة القرويين

تضم هذه الجامعة  أربع كليات علمية، أولها كلية الشريعة  بمدينة فاس، وهي الكلية الأكثر أهمية  وكانت الكلية الأولى التي تخرّج منها معظم علماء المغرب، ولما تم تنظيم التعليم العالي خضع التعليم في القرويين للنظام الجامعي المعتمد، وهو أمر ضروري  ومفبد ,والقرويين هي  أقدم جامعة في العالم الإسلامي وقد فقدت خصوصيتها ، فقد كان يؤمها علماء كبار، وكان علماؤها يخطون بمكانة متميزة في كل بلاد المغرب الإسلامي والبلاد الإفريقية المسلمة، ، وكان علماء القرويين يحظون بمكانة  شعبية كبيرة، ويثق المجتمع بعلماء القرويين، نظراً لعلمهم واستقامتهم، وكانوا رموزاً إسلامية مضيئة وخضعت القرويين الآن لنظام التعليم العالي ، وأصبحت إحدى الجامعات المغربية إلا أنها تختص بالعلوم الإسلامية ، وبالإضافة إلى كلية الشريعة فهناك كلية أصول الدين في تطوان وكلية اللغة العربية في مراكش وكلية الشريعة بمدينة أغادير، واعتمدت كليات القرويين على أبناء دار الحديث الذين يحملون الشهادات العالية للتدريس فيها ,وبخاصة في مدينة فآس وتطوان، وتولى أبناء الدار عمادة  بعض هذه الكليات, وأثبتوا كفاءة وجدارة

ثانياً : التدريس في الجامعات المغربية

عندما أنشئت شعب الدراسات الإسلامية في كليات الآداب أسندت مهمة التدريس في هذه الشعب إلى أبناء دار الحديث، وامتلأت هذه الشعب بأساتذة من خريجي دار الحديث، واستطاعت هذه الشعب التي أنشئت حديثاً أن تؤدي دورها الثقافي في الكليات الجامعية , وكان لذلك أثر كبير في بروز التيارات الإسلامية داخل الجامعات المغربية ، وحدث تحول كبير في المشهد الثقافي المغربي وأصبحت شعب الدراسات الإسلامية هي المصدر الأهم الذي كان يمد دار الحديث الحسنية بالطاقات الشابة من طلاب هذه الشعب..        

ثالثاً:عضوية المجالس العلمية

أنشئت في المغرب  محالس علمية للإشراف على كل النشاطات الثقافية والتدريس في المساجد ومراقبة كل النشاطات الإسلامية,  وأصبح لكل مدينة مجلس علمي يخضع لإشراف المجلس الأعلى لهذه المجالسالذى يرأسه الملك وينولى الامانة العامة الدكتور محمد يسف الكاتب العام لجمعية خريخى دار الحديث الحسنية وهو شخصية تحظى بالاحترام والثقة ، والغاية من إحداث هذه المجالس تنظيم الشؤون الإسلامية وعدم السماح بأي نشاط إلا بموافقة هذه المجالس ، وقد تم اختيار عدد كبير من رؤساء هذه المجالس وأعضائها من أبناء دار الحديث الحسنية، وهذه دليل على الثقة التي يتمتع بها علماء هذه المؤسسة من المجتمع الغربي، وأنا أؤكد على أهلية هذه النخبة للمشاركة في كل المجالس العلمية وكل اللجان الثقافية، لما يتمتعون به من كفاءة علمية وتكوين جيد ونزاهة وأخلاقية  واستقامة …

 

 

رابعاً:العمل في السلك القضائي

التحق عدد كبير من خريجي دار الحديث بسلك القضاء، وقد نجحوا في هذه المهمة، وخصوصاً من كان يحمل إجازة في العلوم القانونية، وقد أعدّ عدد من الباحثين أطروحاتهم حول القضاء والعمل القضائي، وإجراء دراسات مقارنة بين الفقه الإسلامي والقوانين الوضعية، وكنت أشجع على دراسة القضايا القانونية …واجتهادات المجلس الأعلى للقضاء..

وقد أسهمت هذه المشاركات العلمية  في إبراز دور دار الحديث في الحياة الثقافية المغربية، ولم أجد بين هؤلاء العلماء من رفع شعار التطرف , وكانوا نموذجاً جيداً للشخصية الإسلامية في مواقفها العاقلة والبانية والحكيمة وفي التزامها بالقيم الإسلامية الأصيلة..

وكانت مشاركة علماء دار الحديث في الندوات والمؤتمرات العلمية كبيرة وفاعلة وجادة , وكانت بحوثهم التي يقدمونها لهذه المؤتمرات مهمة وتحظى بالتقدير , وهذه ظاهرة جيدة أحيت الدور المغربي القديم في نشر العلوم الإسلامية في إفريقيا بصورة خاصة في مجالي الفقه المالكي والتصوف الإسلامي , وكانت البلاد الإسلامية في إفريقيا الغربية تنظر إلى المغرب باحترام وتقدير,  وكانت القرويين تستقبل أبناء أفريقيا وهذا ما أكده الملك الحسن الثاني في خطاب افتتاحه لدار الحديث الحسنية إذ قال :إن الفتوحات العلمية للمغرب لا تقل عن فتوحاته السياسية , واعتقد أن دور علماء دار الحديث سوف يتزايد أكثر خلال السنوات المقبلة عندما يكبر هذا الجيل الذي ما زال في بداية طريقه سواء في الحياة الثقافية المغربية أو في المؤسسات العلمية أوفي مجال البحث العلمي, وسوف يكون اسهامهم مفيداً لمجتمعهم وبخاصة إذا ضمنت الحريات الفكرية لهذا الجيل لكي يعبر بحرية عن أفكاره, ومن المؤكد أن هذا الجيل يختلف في ثقافته وتكوينه وفكره عن الجيل السابق لهم وسوف تكون أفكار هذا الجيل معبرة عن قضايا مجتمعهم ولا ينبغي أن نضيق بهم إذا رفعوا شعارات الإصلاح فهذا أمر طبيعي وثمرة حتمية لكل ثقافة تنمى الوعي الاجتماعي..      

 


 


 

( الزيارات : 802 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *