دلالة الطغيان

تأملت طويلا في ظاهرة الطغيان في الانسان وكيف تنشأ فيه وكيف تنمو وتكبر الي ان تتحكم فيه وتخضعه لاهوائه ولو كانت مريضة ، وما اكثر المرضي بين الطغاة والمستبدين الذين علوا في الارض وافسدوا الحياة ، معظم الطغاة تغلبهم. أهواؤهم. المرضية التي. تتحكم فيهم وتصبح عصية ولا يستطيع التحكم فيها ، الطغيان ليس صفة الاقوياء ، قد نجده كثيرا لدي الضعفاء عندما يشعرون بالقوة ويملكون اسبابها ويريدون التعبير عما كان كامنًا في داخلهم من رغبات حاقدة وميول عدوانية ، الاقوياء يتحكمون في انفسهم ، اما الضعفاء فينفلت الزمام من ايديهم عندما يشعرون بالقوة، ومصدر الطغيان هو تلك الغريزة الفطرية في الانسان. عندما تنمو بطريقة مرضية تولد الشعور بالطغيان. والرغبة فيه ، والطغيان مرض قاتل لصاحبه عندما يتحكم فيه ، الشعور بالقوة. مع الضعف النفسي وتقسو قلوبهم يولد الرغبة في الطغيان للتعبير. عن ذلك الضعف ، احذروا من الضعفاء عندما يشعرون بالقوة ويملكون اسبابها ، سوف يظلمون لامحالة وينتقمون وتضعف لديهم مشاعر الرحمة وتقسو قلوبهم. ويظنون انهم علي الحق ويزين لهم الشيطان سوء اعمالهم و ًانهم بذلك يكبرون ، فيفعلونً. كل شيئء. ، طغيان الافراد اشد قسوة من طغيان الدول وطغيان الدول ناتج عن قيادات مريضة ، تحكمت وتمكن منها ذلك الفرد المريض بقابلية الطغيان ، مصدر الطغيان هو. نمو الغريزة الشهوانية الاكثر قوة في الانسان والتي يطلب الانسان بها اسباب كماله ، من مطالبه الضرورية ، وعندما تترسخ لديه. بالاستجابة لها تنمو بسرعة. بطريقة مرضية وتظهر في البداية علي شكل رغبات واطماع ومطالب ، وعندما لا تقع الاستجابة لها يشتد الغضب المرضي الناتج عن الانفعال الداخلي ، واذا رافق ذلك الشعور بالقوة كانً الغضب شديدا وملحا. ويكون كالبركان المنفجر لا يمكن السيطرة عليه ، هناك طريقان لمواجهة الطغيان : اما الاستسلام له والخضوع لمنع اثاره السلبية وهذا خيار المستضعفين ، واما التصدي له عن طريق القوة مهما كانت التكلفة ، الطغيان يكبر بالصبر عليه والخوف منه ، وهذا ما يسعي اليه صاحبه ويعتبره انتصارا ، لانه يشعره بقوته ، التصدي للطغيان حتمي الا انه. لاً زمن له وهو قادم. لانه من سنن الحياة ، وموعده عندما يبلغ الطغيان قمته غرورا وتشتد ظلمته ، تلك هي سنة الله في الكون ان يخضع كل شيئ لارادة الله لكي تستمر الحياة ، كما ارادها الله لكل عباده ، لا بد من نهاية للطغيان ، تلك هي دولة التاريخ ، والطغيان لا ينتهي الا بأمرين : موت رموزه اولا ، والفشل الذريع الذي هو نهاية كل طغيان ثانيا ، بان يسلط الله علي الطغاة في الارض ولو كانوا افرادا من يشعرهم بالضعف الانساني ، والمحنة التي تأتيهم. قد تكون غير متوقعة وتأتيهم بغتة وهم غافلون ، والطغاة. قد يملكون الذكاء ولكنهم لا يملكون حسن الفهم لسنن الله في الكون ، رإيت الكثير من الدروس والعبر مما انتهي به امر الطغاة في الارض من الاذلال الذي هو من العدالة الالهية ، فالله غالب علي امره ، ولكن اكثر الناس لا يعلمون ولا يفقهون ولا يحسنون. قراءة سنن الاولين مما قصه الله علي الانسان من عبر الاولين ، كم كنت أجد في الحياة تلك الارادة الالهية والحكمة في ذلك التدبير ، فالحياة سوف تستمركما ارادها الله بمن فيها من الاحياء. وما فيها من الجمادات. التي ارادها الله لكمال الكون وجماله ، كم يحتا ج الانسان وهو المخاطب بامر الله ان يفهم العبرة مما خوطب به من سير الاجيال واحداث الاولين التي قصها الله علينا لكي نعتبر بها. ونتعلم منها ، مرض الطغيان اشد مرض يهدد الحياة ، وهو نقطة الضعف في الانسان ، من قبل ومن بعد. ، ولذلك كانت المجاهدات الروحية للسيطرة علي تلك الغرائز المنفلتة لكيلا تدفع صاحبها نحو المهالك في لحظة غفلته ، لقد خلق الله العقل لكي يمسك بزمام صاحبه ويمنعه من التجاوز ، ولكن ذلك العقل لا يملك ما تملكه الغريزة من جموح، انه ميزان بيان. واداة تمييز ، فيخضع ويستسلم.لتلك الغريزة ، ولا بد من تلك القوة الروحية الكامنة في القلوب والتي تحتاج الي تغذية مستمرة لكي تمسك بزمام صاحبها فتمنعه من التجاوز وتكون هادية له لكي ينتقل من تلك البهيمية التي لا بصيرة لها الي الانسانية المؤتمنة علي الحياة والمخاطبة والمكلفة ، الطغيان كمرض خطير النتائج علي صاحبه ، لانه يزين له كل الشرور ، ويتوهمها انها الطريق الموصلة ، وعندما يستيقظ من تلك الغفوة يجد نفسه في صحراء مقفرة وحيدا لا يملك من امره شيئًا ، لاجل الحياة يسلط الله علي الطغاة من يوقظهم ليمنعهم من ذلك الطغيان ، ولهذا تكثر محن الطغاة في الارض ، وتعظم عليهم تلك المحن ويشعرون بالعجز عن التصدي لها ، وقد تشعرهم بالاذلال فيما كانوا يعتزون به ، ان كان سبب الطغيان هو السلطة او المال. فالسلطة زائلة لامحالة. والمال قد تذهب بركته ويصبح هشيمًا تذروه الرياح ، اما المجد الدنيوي فهو وهم يشعر صاحبة بالشقاء والشعور بالاحباط، ما اشد قسوة الطغيان علي أصحابه عندما يكتشفون وهم ما كانوا فيه من توهّم القوة. وقسوة الجهل علي الجاهلين ، من كان قريبا من الله. بقلبه ادرك الحكمة وكان راضيا بقضاء الله ، وكان اقل غرورا بنفسه. واقل طغيانا ، التصور الديني للحياة هو الذي يجعل تلك الحياة مرادة من الله ، ولا بد فيها من العدالة. التي تريح النفوس ، لا اجد الحياة الانسانية خارج. التصور الديني لها تفسيرا لها. وتبريرا لما يجري فيها وفهما لأسرارها. ، الدين كرسالة الهية تكليفية يخرج الحياة من تلك العبثية التي تشعر الانسان بتفاهة الحياة ، وتجعله في موطن الخطاب الالهي والتكليف، وهذا تكريم للانسان. عن سائر المخلوقات. ، الانسان هو المستخلف. في الارض ، وهو الأكرم عند الله بهذا الاستخلاف ، الانسان هو الذي يملك اداة التمييز. وهو العقل ، كل الحيوانات تملك عقلًا غريزيًا. هاديا. له الي اسباب. كماله. ما عدا الانسان فانه يملك عقلًا. نورانيا يميز فيه بين الخير والشر والحق والباطل ، الانسان هو الوحيد الذي تحترم ارادته فيما يختار ، الانسان هو الذي يختار افعاله ويحاسب علي ما يختار ، الانسان هو الوحيد الذي يضع قانونه. الذي ينظم له حياته ، ويبين له حقوقه بطريقة عادلة ، الطغيان تجاوز وعدوانية ، ويقاوم الطغيان بجهد تكافلي للدفاع عن الحياة ، وهذا هو معني الجهاد ااحقيقي للدفاع عن الحياة كما ارادها الله ، ولا اجد الجهاد في اَي عمل عدواني حرمه الله علي عباده في كل الحقوق الانسانية ،

( الزيارات : 603 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *