ذاكرة الأيام..صفحات من حلب

ذاكرة الأيام..صفحات من حلب


كان من عادة السيد النبهان طيب الله ثراه أن يزور علماء حلب في مساجدهم ويحضر معهم في مجالسهم تعبيراً عن تقديره لهم , وإذا دعي إلى حفل أقاموه في المناسبات الدينية كان يحضر ويشارك , وكان يصحبه إخوانه في هذه الزيارات..
وذات يوم حضر الشيخ صلاة الجمعة في المسجد الأموي بحلب , وبينما كان الشيخ محمد الحكيم يخطب الجمعة وقف رجل لا أحد يعرفه وقال للخطيب بصوت عال: اسكت ياعدو الله..
غضب الشيخ وطلب من إخوانه إخراج ذلك الرجل من المسجد..لم يكن الشيخ يحب الإساءة للعلماء لأنهم رموز العلم وكان يكره من يتكلم في مجلسه عن أحد من رجال العلم , وكان يحض أصحابه على الستر إذا سمعوا شيئاً سيئاً عن أحد من العلماء , وعندما أضرب طلاب الخسروية ضد مديرها الشيخ عطا الصابوني قامت الشرطة بضربهم وطردهم من إقامتهم.. فتح الشيخ الكلتاوية لهم وناموا فيها بكل تكريم وطالب الشيخ المدير بإعاذتهم إلى مدرستهم , وكان من عادته أن يدعو علماء حلب للاجتماع في منزله لدراسة أي موضوع يسيء للدين ولعقيدة الأمة..
ولما قام أديب الشيشكلي بانقلاب عسكري وقف الشيخ ضد الانقلاب مستنكراً له ..ومنع الشيشكلي العلماء من لبس العمامة البيضاء ذات الطربوش الأحمر وخلع العلماء هذه العمامة واستبدلوها بالصفراء أو خلعوها كلية ..وكانت الدولة العسكرية قاسية على كل من يتصدى لها مهما كان موقعه ..
طلب محافظ حلب زيارة الشيخ في منزله وسلمه صورة برقية رفعها ثلاثة عشر عالماً من علماء حلب ليس بينهم أحد من كبار العلماء , إلى زعيم الانقلاب الشيشكلى يطالبونه فيها بإنقاذ سوريا وحلب بخاصة من كاشاني سوريا الشيخ النبهان , وكان الكاشاني هو زعيم إيرانى معروف أعلن الثورة على الشاه..قر أ الشيخ البرقية وقال للمحافظ : هؤلاء أبناؤنا نرجو الله أن يسامحهم , وتابع الشيخ حديثه ولم يعط للأمر أية أهمية وانتشر الخبر في حلب كلها.. لم أسمع الشيخ يتحدث عن هذا الأمر في أي مجلس من مجالسه..شعر العلماء الموقعون بالخجل من مجتمعهم وكان الشيخ عندما يلقى أحدهم يسلم عليه بكل المودة تقديراً لرمزية العلم..
ذهب الشيشكلي وبقيت حلب بأهلها وعلمائها وقيمها الإسلامية الأصيلة معقلاً للمواقف الوطنية ..
مازالت حلب كما كانت بالرغم من كل المآسي اليوم.. حلب ستعود كما كانت راسخة الجذور أصيلة المواقف ..ستعود حلب كما كانت مهما كانت الجراح..

( الزيارات : 1٬618 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *