رد الدكتور النبهان على مناقشات وتعليقات اعضاء الاكاديمة على محاضرته الرحلة المغربية

  • ·    ردود العضو الزميل السيد فاروق النبهان :

تأثرت جدا بالمداخلات المفيدة والناصحة والمادحة. وشعرت باعتزاز كبير.

كنت صادقاً فيما كتبته. كانت هناك مواقف في غاية الروعة.

الوقت لا يتسع أن أذكر كل شيء. أنا أكتب كتاباً بعنوان الرحلة المغربية، وكتاب آخر بعنوان “ربع قرن في المغرب” حوالي 500 صفحة وعرضت فيه بعض الشخصيات ممن عرفتهم (لم يطبع بعد)، وكتاب آخر عن حياتي كلها.

كتبت بتلقائية وبعفوية. طبعاً حاولت أن أركز على المغرب اليوم. حاولت فقط التكلم عن المغرب ولم أرد أن أتحدث على أي شخصية خارج المغرب. ولذلك حاولت أن أتكلم في قضايا جديرة، أو ذات إشارات معينة. هناك أحداث أخرى قد لا تكون لها إشارات، ولكن كل قضية تحدّثت عنها أردت منها إشارة لشيء. مثلا الخلاف مع الحاج با حنيني، كان الهدف منه هو وجود تيارات فكرية معارضة.

أشرت إلى أنني وقعت في أخطاء كثيرة في السنة الأولى، نظراً لوجود تداخلات لا أحد يعرفها.

الدكتور محمد الكتاني يعرفها الآن. بمعنى أنه عندما تقترب من جهة ما فأنت تبتعد عن الأخرى، دون أن تشعر بذلك.  فلما كنت أقترب من الحاج محمد با احنيني، كنت أشعر وكأنني بعيد عن الأستاذ بنسودة والأستاذ عبد الوهاب بنمنصور والأستاذ بوطالب.

كنت أشعر أنه لا بد من عملية توازن مع هذه الأطراف. أدركت أنه يجب ألا تقترب من أحد. ألا تقترب كثيراً، أن أكون بعيداً حتى من القصر، حتى من جلالة الملك. وهكذا أستطيع أن أتعامل مع كل الشخصيات في المغرب.

أنت يمكن أن تتصور أن العمل في دار الحديث الحسنية هي الدعاء لجلالة الملك، فقط. لذا أردت أن أضع مؤسسة علمية مهمتها أن تُكوّن علماء ليسوا محسوبين على النظام فقط بل هم أوفياء لجلالة الملك، ولكنهم لا يعني أن مهمتهم فقط الدعاء لجلالة الملك. كنت أحرس على هذا الجانب.

هناك نقطة أشار إليها الزميل إدريس العلوي العبدلاوي في ما يخص الشيخ المكي الناصري لما أراد أن يعرفني أكثر، كنت حتى أنا لا أتوقع أن ألقي درساً. وحتى لو أنني ألقيته كنت أتصور أن هذا الكلام لن يلقى قبولا لدى الملك. وذكرت هذا، لأنني أنا أعرف فكري ولن أغيره. لن أقول شيئا يغيره.

حتى لما سلمت على الملك، زارني عميد السلك الدبلوماسي في الفندق في نفس اليوم، قال لي : أظن أنك لن تلقي درساً أمام جلالة الملك. قلت له : لماذا ؟ قال : أنت لما سلمت عليه سلمت وكان لازما أن تحني رأسك. وهذه غلطة كبيرة. أنا تجاوزت هذه الأشياء ولم أرد أن أذكرها في عرضي، فأنا لم أكن أتوقع ذلك. الشيخ المكي الناصري كان يخشى ذلك الأمر لأنه هو الذي شجعني لكي ألتقي بجلالة الملك. إذن هو المسؤول، بمعنى إذا أخطأت أنا فسيكون هو المسؤول أمام جلالة الملك.

ولكنني لما التقيت جلالة الملك، لم تكن هناك حدود لسروره وحينها وشحني…

طبعاً هناك قضايا كثيرة في الموضوع. هناك قضية عائشة عبد الرحمن. الدكتورة عائشة كانت أستاذة، ولها ضمير حي في العمل العلمي، ومتقنة لعملها العلمي. لما جاءت لدار الحديث كانت عائشة وعمر بهاء الدين الأميري، كانا جزءاً من دار الحديث. لم تكن هناك دار إطلاقا، كانت هناك أخطاء علمية، ولم يكن هناك منهج علمي. وأنا جئت ولكن لم أستطع أن أصلح شيئا، لماذا ؟ لأنه كان هناك شيء قائم.

لم يكن لدي سلطة لكي أصلح الأشياء أو أتدخل في تغيير شيء غير منطقي.

فأبعدت الأول والثاني نهائياً. لم تبق لهما سلطة في الإدارة.

 غضبت الدكتورة عائشة. وبدأت تحرض الأشخاص ضدي. وتقوم بذلك في كل المجالس لدرجة أنه وصل الأمر إلى جلالة الملك ! إلى أن جاءني الأمر من جلالة الملك يقول : افعل ما تشاء ! والسبب في ذلك أنها وقعت في خطأ حين كتبت مقالا في الأهرام ضدي. قالت عن المؤسسات العلمية أنها تسند لغير أهلها فهذا يؤدي إلى الخراب.

هذه المقالة اطلع عليها جلالة الملك وغضب. لأنه في هذه المسألة هو المسؤول على الاختيار، وعندما انتقدت هذا الاختيار، فقد انتقدت جلالة الملك. فجاءني أمر خلال خمس دقائق لكي أصدر قرار نهاية عملها في دار الحديث، وبأمر من جلالة الملك.

بعدها جاء السيد العلوي المدغري، أراد أن يناقش أطروحته، وكانت عائشة مشرفة عليها، فطلب مني أن أسمح لعائشة أن تعود من أجل هذا فعادت. وبعد ذلك أرسل لها السيد عز الدين العراقي رسالة تنهي مهمتها في دار الحديث وفي المغرب.

فأرسلت رسالة للملك ألتمس منه أن يأمر بإعادتها، فأمر بذلك.

وكان رد الفعل أن الدكتور عز الدين العراقي ظن أنني شكوت به. وأنا لم أكن أريد ذلك فلما راسلت جلالة الملك كان قصدي شيئاً آخر. أنا لم أختلف معها من أجل كفاءتها، وإنما من طريق عملها. وعندما رجعت جاءتني تبكي وتقول : كيف أنت ترسل رسالة لجلالة الملك، وتطلب منه أن أعود ؟!  قلت لها : أنا أكنّ لك كل التقدير وكل الاحترام.

قضايا كثيرة وقعت، هناك أحداث لم أنشرها لأنها ربما كانت محرجة.

لما اختلفت مع الحاج با احنيني، قال لي : أنا وأنت على خطين متوازيين لا يلتقيان. وهو كذلك. وقال لي : “أترك دار الحديث، وإن سألني الملك عن هذا فأنا سأجيب”. فقلت له : أنا لم آت من أجل هذا. لم يكن ممكنا أن أتصرف بطريقة أخرى. فكان من واجبي أن آخذ قراراتي وأن أكون مسؤولاً عليها.

 

( الزيارات : 1٬530 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *