رسالة العنف فى المجتمع

.

 

علمتني الحياة

أنّ العنف في المجتمع هو رسالة أُولى للتعبير عن الذات ، إمّا في حالة الدفاع عن النّفس في مواجهة قوة معتدية ،أو في حالة الظلم إذا تجاهل القضاء العدالة أو في حالات الفقر إذا بلغ الفقر منتهاه ووصل الإنسان إلى حالة اليأس ، وعندئذ يشتدّ الغضب وتكون النفس مستعدّة لسلوكيات العدوان ، وتقسو القلوب ، واليائس إنسان محبط وقلّما يسمع النصيحة ، فإنّه إمّا يقتل نفسه أو يقتل غيره ، واليأس قاتلٌ لصاحبه ، واليائسون لا يترددون ولا يخافون ويسيطر عليهم شعورٌ مريضٌ يدفعهم للانتقام ، ولا يريحهم إلا العنف ، وكلّما تمّ تجاهلهم زاد حقدهم ، والأقوياء محميّون في الغالب بقوّتهم الذاتيّة وبقوّة أنصارهم وبقوّة السلطة التي تحميهم إمّا بالتدخل المباشر أو بالقضاء ، ولا يحتاج القويّ للعنف ، وإنّما يُحاول إذلال الآخر بتجاهله واحتقاره وأحياناً يسلط بعض أنصاره عليه ، والانتقام حتميٌّ ولو بعد حين ، فإن كان الضعيف فرداً فإنّه يحرّض ويحثّ كلّ المظلومين على التمرد والثورة ، وإن كانوا جماعةً أو قبيلةً أو حزباً أو طائفةً مستضعفةً فلا بد إلا أن يدفعها الظلم إلى التماسك الداخليّ وانتظار اللّحظة المناسبة للتعبير عن ذاتها ، فإذا سُمعَت كلمتها قبلت بالحوارِ القليلَ من الحقوق ، وكلّما زادت شوكتها تكاثرت إلى أن تبلغ حدّ إرهاق خصومها وإذا ضَمنت انتصارها قادت الأمور إلى المواجهة ، وانتقال السلطة بالرضا والاختيار والانتخابات الحرّة تشجع الاعتدال ويتراجع غضب الغاضبين ويأس اليائسين وإذا انتقلت السلطة بالثورة والعنف فلا حدود لمواقف الانتقام بالمواقف والسياسات والقوانين ، ولا يملك الآخرون إرادةً المقاومة فيستسلمون في الغالب حماية  لحياتهم وما تبقى من أموالهم ، والعقلاء يسلمون أن عهداً جديداً قد بدأ ومعظمهم يعيش في حالة وُهْم بإنتظار التغيير وقلّما يتحقق هذا التغيير ، وهذه سنّة الحياة ومن فرّط في البداية واستكبر وظلم فلابدّ الا أن يستيقظ وكل جديد إذا لم يتّعظ ويتعلم من السابقين فلابد له من نهاية كمثل نهاية السابقين وهذه القاعدة تنطبق على كلّ الأفراد والجماعات والدول ، هذه قوانين الحياة وقوانين التنافس والقوة منتصرة حتماً ولو كانت قوة ظالمة ، وقوة المستضعفين تكمن في وحدتهم وتناصرهم وقدرتهم على الصمود والتضحية ، والدين مع المطالب المشروعة وليس مع القوة ، ومع الضعيف لكي يسترد حقّه ، لا لكي يظلم خصمه وينتقم منه ، والعفو من شيم الكرام إذا صدر عن قوّة واختيار ، ولا عفو مع الإكراه ، واحذر من إذلال المستضعفين ، والإذلال هو مصدر الشرّ في النفوس ، والمُستذَلّ لا يمكن أن يعدل إذا حكم ، ولا يجوز إسناد القضاء لمُستَذلٍّ حاقد ، فلن يستطيع السيطرة على عواطفه وإن أراد العدل ، ومثله كمثل الغاضب والقريب ، ولا يسند القضاء للرحماء ولا للقساة ، وإنما يسند للحكماء والعقلاء وأصحاب الضمائر الحيّة الذين يخافون الله ، ولا يتعاطف الدين مع الاشخاص مهما كان انتماؤهم وشعارهم ، وإنّما يتعاطف مع المواقف الوطنية والسياسات العادلة بغض النظر عن الأنساب والمواقع الاجتماعية , والشعارات والانساب والمصالح الشخصية مرفوضة في نظر الدين .

( الزيارات : 1٬158 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *