زيارة الى القدس..

ذاكرة الايام..القدس عربية.

مازلت اذكر ذلك اليوم الذى رافقت السيد النبهان طيب الله ثراه فى زيارته الى مدينة القدس عام 1955 , كنت صغبر السن ولم اكن ادرك اهمية تلك الزيارة , سرنا من حلب الى دمشق الى عمان ثم القدس , كانت عمان مدينة صغيرة , مازلت اذكر ذلك الفندق الصغير  الذى نزلنا فيه وكان الفندق الاشهر  , كان مصعده قديما وتعطل بنا ومكثنا مدة نصف ساعة فى ذلك المصعد وكانت الحرارة شديدة , ولما خرجنا من عمان باتجاه القدس توقفنا امام مدرسة كانت تضم ابناء الشهداء ودخلنا اليها وسمعنا من مدير المدرسة قصص اولئك الاطفال الذين استشهد آباؤهم وهم يدافعون عن ارضهم , وفى القدس صلينا فى المسجد الاقصى وزرنا قبة الصخرة , ووقفنا امام هضبة عاليةواشار بيده قائلا ,  هذه هي القدس المحتلة كانت قريبة جدا , وزرنا بعض اسواق المدينة القديمة والاحياء التاريخية  ثم زرنا عددا من مدن الضفة , ومنها مدينة الخليل وطول كرم وجنين واريحا ,   وكانت قريبة من الحدود , وقبل عشر سنوات  كنت فى عمان لحضور اجتماعات المجمع الملكى لبحوث الحضارة الاسلامية زارنى الاخ الصديق الدكتور نوح الفقير   وهو احد ابرز مرشدى القوات المسلحة الاردنية وزرنا معا  المناطق المتاخمة للحدود,  ورأينا من بعيد بعض المدن الفلسطينية المحتلة وبعض المساجد التاريخية , لم اتصور قط بعد الزيارة الاولى للقدس  اننى لن اتمكن بعد ذلك من زيارة  القدس من جديد , القدس هي مدينة ليست كبقية المدن التاريخية انها ثالث الحرمين وهي بالنسبة لكل المسلمين مقدسة وذات مكانة خاصة وفيها اهم معالم تاريخ  الاسلام واضرحة الصحابة من المجاهدين , مكة والمدينة والقدس كلمات ذات دلالة روحية , لم اتصور يوما ان القدس  يمكن ان تكون عاصمة اسرائيل , من ظن ان هذا يمكنه ان يكون فقد اخطأ الفهم عندما يبلغ اليأس مداه فالغضب حتمي ولا حدود له  , اليوم خرجت مسيرات الغضب فى كل مدن العالم , منددة ومستنكرة وكلها ينادى القدس عربية اسلامية وهي عاصمة فلسطين , اغبياء من ظنوا انهم يمكن ان يحققوا ذلك , لا سلام بغير القدس ولا مفاوضات ولااجتماعات ولا حلول ولا دولة فلسطينية بغير القدس , تابعت اليوم اجتعاع مجلس الامن وانصت باهتمام الى كل الكلمات التى القيت فى هذا المجلس من كل الاعضاء  , كل اعضاء مجلس الامن تكلموا فى هذا الاجتماع وكلهم ادان القرار الاميركى الخاطئ المتهور المستفز الذي يهدد كل المنطقة بالاخطار والفوضى والعنف  ويدفع كل الشعوب الاسلامية الى الخروج الى الشوارع للتعبير عن الغضب , وهذه الخطوة سوف تشجع التطرف والعنف والمواجهات , وفضلا عن هذا فهذا تجاهل لكل قرارات الامم المتحدة التى اقرت ان مستقبل القدس لا يمكن ان يكون من طرف واحد ولا بد من احترام خصوصية هذه المدينة المقدسة عند الجميع والا يكون اي قرار احادى من اي طرف الا بالتفاوض الارادى الذ يحترم  خصوصية المدينة ,  وان فكرة الدولتين وهو الحل الممكن الذى لا بديل عنه لا يمكن ان يكون بغير القدس العربية , لا قيمة لكل الشرعية الدولية فى نظر امريكا , هناك قرار من الامم المتحدة يمنع ان تكون هناك اية سفارة فى فلسطين لانها مدينة محتلة , وقف مندوب امريكا متحديا ومبررا ومدافعا عن قراربلاده  وهو قرار قديم اتخذه الكونكرس من اكثر من عشرين سنة ولم يقدم عليه كل رؤساء امريكا خوفا من آثاره السلبية الخطيرة على السلم العالمى , الغضب الاسلامى امر حتمى  وسو يزداد , كل العالم الاسلامى مطالب ان يتكاتف ويتعاون ويقف صفا واحدا فى وجه هذا القرار الذى يستفز كل الشعوب , لن تكون هناك اية حلول او مفاوضات او لقاءات اذا لم تحترم  حقوق  الشعب الفلسطينى , الاتحاد الاوربي ادان هذه الخطوة , كل دول اوروبا عبرت عن ادانتها وان هذا القرار مخالف لكل القرارات الدولية الصادرة عن الامم المتحدة , لا يمكن لأي احد ان يلوم المظلوم اذا دافع عن حقه بكل الوسائل , واتساءل فى حوارى الداخلى مع نفسي : لما ذا تفعل اكبر دولة فى العالم ذلك وكيف يمكننا ان نثق بها وان نحتكم اليها ونثق بما تدعيه من الدفاع عن مصالحنا  , لماذا يدفعون شعوبنا الى التطرف والعنف , كلنا يدين التطرف والعنف ونعتبر ذلك عدوانا على الابرياء , ولكن الا نفكر فى مصير العرب والمسلمين من سكان القدس الذين يعيشون فى بيوتهم واراضيهم , لماذا يفعل رئيس امريكا مالم يفعله كل سابقيه من الرؤساء , اعتادت امريكا ان تسمع صخبا وان ترى غضبا ثم ينتهي كل شيء , قال مندوب اسرائيل فى مجلس الامن بلهجة متعالية ومستفزة  : على الفلسطينيين ان يختاروا بين العنف اوالسلام , ومن حق شعبنا ان يقول للاسرائيليين : لن يكون هناك سلام اذا لم تكن القدس عاصمة فلسطين العربية مهما كان الثمن .     

( الزيارات : 861 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *