سر التدبير الالهي

ذاكرة الايام…التدبير من امر الله

ذكريات المغرب كانت اهم الذكريات , مازلت اذكر الكثير من المواقف والدروس , فى كل يوم كان هناك الجديد مما يستحق ان يذكر , احيانا كنت اتساءل كيف استطعت ان اتجاوز كل تلك المنعطفات , اهم ما يمكننى قوله ان التوفيق كان حليفا , كان ايمانى بالله يمدنى بالقوة , كنت اشعر ان الله تعالى كان يسخر لى فى كل منعطف من يمسك بيدى وينير لى الطريق , كانت العقبات كثيرة ولكننى كنت اجتازها وكأنها ميسرة لى , كنت اؤمن اننى ساجتاز كل عقبة , لم اشعر بالتردد او الخوف ولم اشعر بالضعف او التعب ابدا , كل من حولى كان يسألنى عن سر ذلك , ما ضقت يوما بما كان يعترضنى , وكنت اجد باستمرار من يحمل عنى ويمسك بيدى , كل ذلك اشعرنى ان الخير فى الانسان هو الاصل فيه , وان الشر عارض وله اسبابه , اصبت فى مواقف واخطات فى مواقف , واخطات بمقدار ما اصبت , ما زلت اندم على بعض المواقف والوم نفسي , ولكننى ما اردت الشر ابدا و كنت احب كل الاخرين , مازلت اذكر ملامح اصدقاء كانوا رائعين وصادقين واوفياء , وكانوا معى  فى الازمات , لم اختر مهمتى فى المغرب ولم اتطلع اليها , ووجدت نفسي فى الطريق اليها , لوقيل لى اننى سانتقل الى المغرب لاصابتنى الدهشة , لم يخطر ببالى اننى سامضى  اكثر من نصف عمرى فى المغرب , ماندمت قط على قرارى , عندما جئت الى المغرب اصبحت اضيق بغيره , تذكرت كلمة ذلك الرجل الصالح الشيخ جلول التونسي وكان مشهودا له بالولاية وقد التقيت به امام الكعبة فى ليلة رمضانية , قال لي ما اخافنى وسرعان ما اعاد لى الابتسامة , اعترف ان الطريق كانت ممهدة , اكثر من اربعين عاما فى المغرب ما ضقت يوما بالمغرب , حاولت اكثر من مرة ان اغادره وكانت كل الطرق مغلقة , وعندما عدت الى حلب بعد ثلاثين عاما وجدت نفسي اعود بغير ارادتى , بعض ما يثير اهتمامنا مما يصادفنا  لانفهم اسراره , ليس كل شيء فى حياتنا يمكن ادراكه وفهمه , شيء ما لا تدركه العقول ولا يخضع لمنهجها , ما فى القلوب لا يمكن فهمه ابدا , القلوب تنشرح وتنقبض وتقبل وتدبر , وسر ذلك من امر الله تعالى , وفيه تتجلى حكمة التدبير , عندما نسلم امرنا الى الله يتولى الله امرنا , مازلت اذكر كلمة السيد النبهان طيب الله ثراه عندما رآنى اتامل وارسم لنفسي منهجا قال لى بما ذا تتامل قلت له:  افكر فى مستقبلى كيف يمكنه ان يكون , قال لى , ياولدى المستقبل بيد الله , كن صالحا يتولاك الله ,  ومنذ ذلك الحين ما عملت لامر معتمدا على نفسي الا فشلت فيه واعطانى الله ماهو افضل منه , وعندئذ ادركت عن طريق التجربة والذوق ان الله هو المدبر لامرنا ويختار لنا  افضل مما نختاره لانفسنا , لم اهمل الاسباب ابدا ولا فعلت ما لا تراه العقول , ولكننى كنت اجد الحكمة فىما يختاره الله , وادركت ان رعاية الله لخلقه لا تتوقف وهي كالنور يسرى فى الوجود كله , قد لا ندركه بعقوللنا ولكننا ندرك اثاره فيما نراه في انفسنا وفيما حولنا ..

( الزيارات : 593 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *