سلطة الكنيسة ليست هي الدين

كلمات مضيئة..سلطة الكنيسة ليست هي الدين

الفكر الانسانى هو وليد واقعه يعبر عنه ولا يتجاوزه ويتأثر به قبولا له اونقدا , وهذا امر طبيعى , معظم الفكر الفلسفى الدديث الذى اطلقوا عليه فكر التنوير انما ينطلق من واقع المجتمعات الاوربية التى نشأ فيه , واهم ذلك هو نقد سلطة الكنسة واضطهادها للمفكرين والعلماء والفلاسفة بسبب ارائهم التى اعتبرتها الكنيسة مسيئة للدين او لسلطة الكنيسة , ولا حظت من تتبعى لاراء ابرز هؤلاء العلماء ورايت ان معظمهم لم يكن ضد الدين والايمان ولم يكن ملحدا واوصلتهم عقولهم المادية الى تصورات خاطئة مزجوا فيها بين الله والطبيعة , وبعضهم كان يؤكد على اهمية الايمان فى حياة المجتمع كما يراه , ولكن الكنيسة وهي التى كانت صاحبة سلطة فى مجتمعها كانت تخشى من افكار هؤلاء التى كانت تنكر عليهم الكثير مما كانت ترسخ الكنيسة مفهومه فى نفوس العامة مما يخالف العقل ويخالف ثوابت الدين  وقد انكروا على الكنيسة ما تعتبره من ثوابت الدين , نقد الكنيسة لا يعنى نقد الدين , ونفي الالوهية عن السيد المسيح ونفي الخطيئة عن الانسان لا ينفى نبوة المسيح ومكانته كصاحب رسالة ,   والكنيسة كمؤسسات نافذة فى مجتمعها متحالفة مع الاقطاع  والطغيان السياسي والاقتصادى فى مواجهة الطبقات المتضعفة  ادى الى مطاردة كل فكر ناقد لسلطة الكنيسة  فى اضطهاد لمن يخالفون ثوابتها فيما توصل اليه العلم من اكتشافات جديدة , الدين لا يمكنه ان ينكر دور العقل فى التامل والتفكير , والله  هوخالق العقل وملهمه  ومبدعه  لكي يكون هو اداة التنوير الانسانيى للبحث عن الحق اولا وعما  اراده الله من الانسان ان يقوم به , والعقل هو وليد العوامل المكونة له من ذكريات والام ومعاناة ومن تربية ومحيط اجتماعى وظروف اقتصادية وواقع سياسي ومن اعراف سائدة ممدوحة ومذمومة ونافعة وضارة , وكل ذلك يولد له خواطره التى هي الافكار والاختيارات العقليه , بعضها تدعوه الى الخير وبعضها تدعوه الى الشر ,  وهنا يكون التردد بين الخير والشر والتدافع الداخلى الذي يحس به الانسان وحده لا احد يعلم ما فى داخل ذلك الانسان , الوجود كله من منظور انسانى ولا شيء خارج ذلك التصور,  ما لا اراه ولا اتصوره لا يعنينى فى شيء , وهو ليس موجودا الا اذا شعرت بوجوده فى عقلي او قلبى او مشاعى الداخلية مالا اراه قد يكون موجودا ولكنه لا يعنينى , امور الغيب اؤمن بها ولا ابحث فيها الا بما امرت من الله فيها , مهمة الدين ان يدعو الانسان الى الخير والتسامح والاخلاق والاستقامة والرحمة واحترام الحياة ومهمة العقل ان يمسك بيدى لاختيار افعالى الاختيارية واملك حرية كاملة فيما اختار ما يجبرنى هو قناعتى العقلية وميولى الداخلية ومشاعرى وغرائزى  ومصالحى وما اراه نافعا لى ومفيدا , العقل لا يعمل بطريقة رياضية خالية من المؤترات الداخلية كالعواطف والمشاعر والقوى الروحية التى تؤثر فى اختيارات العقل وتدفعه لاختيار الخير وكراهية الشر واحيانا يفعل الشر باختياره ايضا ولا احد يقدم على فعل بغير ارادته , الدين لا يمكنه ان يواجه العقل ويلغى دوره وهو المكلف وهو افضل مافى الانسان , ولا حدود لحرية العقل الا اذاكان فى حالة مرضية نتيجة لخلل فى تكوينه فيدفع صاحبه الى الشروالعدوان , كل ماتراه العقول فى امر حياتها مما تختص به فهو من مسؤولية العقل , والدين لا يتصدى للعقل فيما يختاره الانسان لما يرى فيه  كماله , ومن العبث ان نحمل الدين مسؤولية ما ينسب اليه من مواقف تخالف ما دعا اليه الدين من نبذ الكراهية والظلم وقتل الانسان والحروب التنافسية للدفاع عن المصالح او هي ثمرة للخلافات والاحقاد وتنازع السلطة , عندما نثق بالانسان فيجب ان نحترم عقله , لاوصاية على عقل الانسان فيما يراه الحق , وترجح له انه الصواب , ويجب ان تقبل العقول كماهى فى تعدد احكامها على الاشياء ,  من انفرد براي يحتمل الصحة ولو بوجه من وجود التأويل فلا ينسب اليه التكفير ولا التبديع ولا يوصف بالضلال  , ذلك عدوان على حرية الانسان فيما ضمنه الله له من الكرامة والحرية كرامة  , ادراك الحقيقة ليس واحدا والطرق اليها قد تكون متباعدة ومن بحث عن الحق غير متجاوز او مدع او معتد فهو على حق , وكل من بحث عن الحق فله اجره ولا يتهم فى دينه ولا عقيدته , لا يستخدم اسم الدين فى الصراع على السلطة , فذلك امر يخضع لمعيار ارادة الجماعة فيما تراه الافضل لها , وعندما يقع الاختلاف بين الجماعة فيحتكم فيه الى المعايير التى تراها عادلة ومنصفة , ولا تخل بالاستقرار الاجتماعى , فى ظل الثوابت الايمانية فالعقل يملك كامل حرية التفكير والتامل فى كل العلوم والمعارف وقوانين الطبيعة ومعايير الجمال ومبادئ الاخلاق وان يكتشف قوانين النفس الانسانية وما تتكون منه من اجسام مدركة بالحواس وطاقات روحية تصلها بعالمها العلوي الذى تؤمن به والذى لا يمكن للعقل ان يدرك اسراره الا بتتبع اثاره , ومن حق العقل ان يتصوره وفقا لتلك التجليات التى اكرمه الله بها , ولا حدود لتلك العطاءات الالهية , بشرط ان يكون من ادعاها من اهل الاستقامة والا تخل بظاهر يدل عليه الشرع فى ثوابت الايمان , وكنت اريد ان اقول لكل الفلاسفة الذي يرون سعادة الانسان فى التفكير لكي يصل الى الحق , اتساءل هل وصلتم نتيجة التفكير الى الحق واليقين , عندما تتبعت فلسفة الحكماء رأيت فيما كتبوه فوضى عارمة من الافكار المتناقضة  المتصادمة الانفعالية التى تعبر عن نفسيات قلقة  تفتقد السكون والاستقرار واليقين واوصلها اضطرابها الى الشكوك حتى فى يقينيات العقول الناتجة عن الحواس , وكنت اجد لدى عوام الناس من السكون والسعادة واليقين ما جعلهم اكثر فهما للحياة الواقعية كما هي وكما يراها الانسان كنت اكبر العقل الذى يبدع فى اكتشاف النظام الافضل الذي يسهم فى اسعداد الانسان فى شؤون معاشه وامنه وصحة بدنية وتعليمة تلك قضايا اساسية لانها تهتم بالانسان وكل اكتشاف على او معرفة او جهد انسانى يسهم فى اسعاد الانسان والتخفيف من معاناته فهو عباده , اذا كان عصر الانوار قد قاد المجتمعات الاوربية الى التحرر من سلطة الكنيسة والكهنوت فقد نجحوا فى ذلك , ولكن المسيحية كدين يدعو الى المحبة والتسامح استمرت كدين فى قلوب كثير من المؤمنين بها , وتظل رسالة الدين اساسية فى كل مجتمع لكي يسهم فى تعميق صلته بالله لكي يكون بفضل الدين اقل عدوانية  وتبريرا للحروب وتطوير اسبابها فى علاقاته مع كل الاخرين , واقل انانية وقسوة فى سياساته الاستعلائية  مع الشعوب المستضعفة ..

( الزيارات : 574 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *