شعلة الايمان.ز

كلمات مضيئة..شعلة الايمان

مازلت اذكر ذلك الرجل الذى كان يحدثنى عن الايمان بالله وعما يصنعه ذلك الايمان فى نفسه , كانت احماله ثقيلة عليه , ومع ذلك فقد كان متفائلا مبتسما مقبلا على الحياة , تاملت ما فيه متسائلا عن السر الذي يجعله اقوى من كل الاخرين  فلا يضعف واكثر صبرا وتحملا فلا يستسلم , قال لى : اننى على يقين ان الله تعالى اذا دعوته فسوف يستجيب لى فادعوه فاشعر كأن كل احمالى قد خف ثقلها على كاهلى فاكون اكثر تقبلا لها واقل ضيقا بها , تعلمت من ذلك الرجل مالم اتعلمه من كل الاخرين ممن هم اكثر منه علما وافصح منه كلاما , كان فيما قاله لى صادقا فيه لم يتكلفه او يبالغ فيه , كان شعورا عفويا لمسته منه واثار انتباهي واعجابى , واخذت اتامل فيما سمعته وافكر فيه , وقلت فى نفسي ما احوجنا ان نناقش قضايا الايمان من منطلق مختلف عن منطق علماء الكلام , كنت اذا قرات بعض كتبهم ضقت بها سريعا , كانت ادلتهم اقل اقناعا , لا اذكر اننى  تاثرت بفكرة من افكارهم او احتفظت بذاكرتى بما رايته مفيدا , ادركت حينها ان قضايا الايمان لا تخضع لنفس المنهج الذى تخضع له سائر العلوم العقلية والجدلية  , الايمان شعلة متقدة لا تنطفئ ابدا , فمن استضاء بها انارت طريقه وعبدت مسالكه وكان بها اقدر على ان يفهم الحياة كما هي وان يشعر بالسعادة فى رحلته فى هذه الذنيا , فمن انطفاات تلك الشعلة في قلبه اشتد عليه ظلام الليل وكان اكثر شقاءا بما هو فيه واقل سعادة , تلك الشعلة الايمانية تشعرك بالامل والضياء وتبشرك بالفرج ولو كنت فى اقبية مظلمة تدفعك الى اليأس والكابة والحزن , كنت ارى ملامح الامل فى وجوه كنت اتوقع ان اراها محبطة ويائسة لان شعلة الامل كانت تضيء وتغذى ولاتتوقف عن العطاء , لقد اعتدنا فى حياتنا ان نربط السعادة بالملذات الحسية والمادية وهي لذات عابرة ومؤقتة وقد تولد الما او ندما , بخلاف السعادة الناتجة عن الذات الانسانية فهي دائمة ومستمرة لانها من طبيعة الانسان نفسه , وكما تشتاق الابدان الى الكمال فان النفوس تبحث عن اسباب كمالها الروحي لانه يشدها الى العالم العلوى الذى يجعلها اقدر على تحمل الازمات والصبر على الالام , وكلما ارتقى الانسان عن طريق التربية والتكوين ارتقت اهتماماته , من الملذات الدنيوية الى الملذات الروحية التى تعمق الصلة بالله وتجعل الانسان مؤتمنا على ماهو مكلف به من القيام بالحقوق الواجبة عليه , والتعلق بالخير المطلق الذى يشعر الانسان باهمية ما هو مؤتمن عليه ..   

( الزيارات : 685 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *