ظاهرة التطرف في المجتمعات الإسلامية أسبابها ووسائل علاجها

ظاهرة التطرف في المجتمعات الإسلامية

أسبابها ووسائل علاجها

قدم

إلى المؤتمر العام الثامن للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية

الذي انعقد بالقاهرة من 24/7/1996 إلى 26/7/1996

حول “الإسلام ومستقبل الحوار الحضاري”

 

أصبحت ظاهرة التطرف في المجتمعات الإسلامية من أبرز القضايا التي تشغل اهتمام الباحثين، وتثير انتباه الملاحظين، نظراً لسرعة بروزها كظاهرة اجتماعية أولاً، ولخطورة آثارها على الصعيد الإجتماعي ثانياً، وبالرغم من المحاولات الجادة التي استهدفت تطويق الآثار السلبية لهذه الظاهرة فإن التطرف على اختلاف أشكاله، السلوكية والفكرية، مازال يجد الأرض الخصبة لنموه وامتداده.

والسلوكية المتطرفة إذا كانت فردية لا تهدد أمن المجتمع واستقراره لا تعتبر خطيرة ولا ضارة، وبخاصة في ظل قيم تربوية متوازنة يحترم فيها كل فرد خصوصيات الآخر، وكثيراً ما يقع التعايش والتساكن بين المجتمعات المتباينة في مواقفها إذا احترم كل فريق خصوصيات الفريق الآخر، وكلما نمت قيم الفضيلة في المجتمع واتسعت آفاق الرؤية الإنسانية كانت أسباب التعايش والتساكن أرسخ، وأقوى، وكانت قادرة على صياغة قاعدة سليمة وعادلة لتعاون مثمر ومفيد، لتحقيق مصالح مشتركة لكل من الفريقين.

والمجتمعات الإسلامية أقدر من غيرها على تحقيق هذه المعادلة بين الطوائف والمذاهب والأديان، وهذا ما يؤكده تاريخنا الإسلامي الذي احتضن أروع صورة من صور هذا التعايش، في ظل قوميات متباعدة، ولغات متباينة، وبين شعوب متنافسة.

ومن أبرز الأسباب التي أدت إلى ذلك ما يلي:

أولاً- احترام الإسلام لجميع الأديان السماوية، واعتبار هذه الأديان ذات رسالة واحدة، سواء فيما تعلق بفكرة الإيمان بالله وبما جاء من عند الله، أو فيما يتعلق بقيم الفضيلة في مجال السلوك، ومحاربة الانحراف والمظالم في العلاقات البشرية.

ثانياً- اعتبار التعددية الثقافية مظهراً من مظاهر الثراء الحضاري، ولهذا ازدهرت حركة الترجمة في صدر الإسلام، وحفلت الخزانات العلمية بنفائس الكتب المترجمة والمؤلفة، واندثرت في إطار الحضارة الإسلامية الحضارات ذات الطبيعة القومية أو النزعة العنصرية..

ثالثاً- إقرار الإسلام لمكانة الإنسان ولحقوقه الإنسانية، وتكريمه بكل مظاهر التكريم، سواء في مكانته الاجتماعية ككائن إنساني مستخلف ومكلف، أو في حقوقه التي تُعتبَر امتداداً لوجوده، كحقه في الحياة والكرامة والحرية والمساواة.

والعنف أمر مرفوض في السلوكية الإسلامية، لأنه عدوان، والعدوان أمر محرم في نظر الإسلام لأنه ظلم، وجاءت الشريعة الإسلامية لمحاربة الظلم، ومن أقسى أشكال الظلم الاعتداء على الأنفس والأموال والأعراض.

وحفلت كتب الفقه بالكثير من الأحكام الفقهية التي أقرها الإسلام لترسيخ مبدأ العدالة في العلاقات الإنسانية.

وقرر علماء الإسلام أن الطهارة لا تقتصر على طهارة الأجسام من النجاسات، وإنما تشمل طهارة النفوس من الآثار والذنوب والجرائم، وأكد “الغزالي” في كتابه “الإحياء” على أهمية طهارة القلوب من الخواطر السيئة التي تشوش صفاء القلوب وتجعلها مظلمة وقاسية.

ولا شيء أقسى في الأخلاقية الإسلامية من سلوكيات الاعتداء على النفوس، ونظراً لجسامة هذه الجرائم وخطورتها فقد تشدد الفقه الإسلامي في عقوبتها، وجعل القصاص هو العقوبة العادلة التي تجعل المجرم أسير عقوبة مماثلة لجريمته.

ويجب أن نفرق بين العنف والتطرف، فالعنف مرفوض في جميع الظروف والأحوال، ولا شيء يبرر العنف، لأنه جريمة، وكل اعتداء محرم وفي موطن الإدانة والإنكار، ولا يمكن لمسلم أن يقر العنف أو أن يجد مبرراً له، إلا في حالات الدفاع المشروع عن النفس، وضمن الضوابط الشرعية.

أما التطرف في الأفكار والسلوك الناتج عن قناعة فلا يعتبر خطراً على المجتمع، إذا اقتصر أثره على صاحبه، ولم يؤد إلى عنف في السلوك أو اعتداء على حريات الآخرين.. والتطرف في مجال الفكر أو السلوك ظاهرة نفسية تعبر عن شخصية قلقة ذات قناعات ذاتية متطرفة، إلا أن هذه القناعات لا تعطي لصاحبها أي حق في ممارسة وصاية على سلوكيات غيره، لأن شرعية الحق واحدة، فالقانون الذي يعترف بحق المتطرف في سلوكيات التطرف هو الذي يعطي الطرف الآخر شرعية التعبير عن آرائه وتصوراته وأفكاره، ولا وصاية لأي فريق على آخر، وعندما يقع التصادم بين الحقوق فيجب أن يقع الاحتكام إلى القضاء الذي يمثل السلطة الحامية للحقوق.

ولو جاز لأي فرد أن يعلن وصايته على الآخر لتزاحمت الحقوق وتصادمت الإرادات، وتنافرت النفوس، وهذا أمر مناف لأخلاقية الإسلام، وحق الاجتهاد ثابت لكل من توافرت فيه أهلية الاجتهاد، ولا يجوز لمجتهد أن يفرض اجتهاده على آخر.

والدولة مؤتمنة على حماية عقيدة الأمة وحقوق الأفراد وحياتهم وأموالهم وأعراضهم، وحق النصح لولاة الأمر ثابت، بالكلمة الهادئة المنصفة العادلة، التي تنفتح القلوب لها، لصدقها وإخلاصها.

والتطرف في جميع الأحوال ظاهرة مرضية، سواء في سلوكيات الفرد أو في سلوكيات المجتمع، والفضيلة كما يقول بن مسكويه وسط بين رذيلتين، فإذا تجاوز الإنسان حدود الوسط تخطى حدود الفضيلة، وكلما اقترب من أحد الطرفين في الإفراط أو التفريط اقترب من رذيلة.. فالشجاعة وسط بين تهور وجبن والسخاء وسط بين إسراف وتقتير، والحكمة تتمثل في حسن استخدام القوة العقلية بحيث تؤدي إلى حسن التدبير.

ومن أبرز الأسباب المؤدية إلى سلوكيات التطرف ما يلي:

أولاً- المناهج التربوية الضيقة:

ويعتبر المنهج التربوي هو أداة التقويم والتكوين والإصلاح، ومهمة المربي في البيت أو المدرسة تقليص الزائد من الطبائع والغرائز وتنمية الضعيف منها، بحيث يقع التوازن في السلوك الإنساني، فلا تتغلب طبائع الغضب على السلوكيات، ويحسن أن يوجه الاهتمام إلى جمالية الحياة البشرية، وربط الاستقامة بالمعاني الجمالية، لكي تشعر النفس المتوثبة والمتوترة بطمأنينة القلب والأنس بقيم الفضيلة والخير.

ثانياً- الضغوط الاجتماعية:

وتتمثل هذه الضغوط في حالات الاحتقان المتولدة عن قيم أخلاقية خاطئة، وبخاصة في ظل المجتمعات المنغلقة التي تعكف على احتضان آلامها ومشاكلها بطريقة قسرية، فينفجر الغضب في كيانها على شكل مواقف وسلوكيات خاطئة ومتطرفة، ثم يتراكم هذا الاحتقان في النفس ويترسخ إلى أن يصبح قيمة أخلاقية يتمسك بها الفرد، ويجد في التخلي عنها انحرافاً عن ذاتيته وأخلاقيته، ولذلك فإن من الضروري إيجاد قنوات من التواصل الاجتماعي بين مختلف الشرائح الاجتماعية وإيجاد منابر للتعبير عن الذات، لتفريغ الطاقات المتوثبة والمحتقنة، وتشجيع الشباب على ممارسة هوايات مريحة، رياضية وثقافية واجتماعية، لكي تتوجه الطاقات إلى أعمال مفيدة وممتعة.

ثالثاً- حالات الإحباط الناتجة عن مشكلة التشغيل:

وهذا السبب من أبرز الأسباب وأهمها وأكثرها خطورة، فالبؤس كما يقول “ابن خلدون” في مقدمته يؤدي إلى خلق البأس، والبأس يؤدي إلى قوة المدافعة عن النفس ثم إلى قوة المغالبة في رحلة البحث عن الذات، ولا شك أن البطالة من أكثر الأسباب المؤدية إلى التطرف، والمجتمعات التي تكثر فيها البطالة يزداد فيها خطر التطرف، وهذه مشكلة عالمية، وليس من اليسير إيجاد حلول سريعة لها، لأن الدول النامية تعاني من أزمات مستعصية في مجالات التنمية والتشغيل، ومن المتوقع أن تزداد حدة هذه الظاهرة مع تجاهل الدول المصنعة لواجباتها الأخلاقية في مساعدة دول الجنوب لتجاوز مشاكلها الاقتصادية، وبخاصة فيما يتعلق بتراكمات الديون وأثرها في اقتصاديات الدول النامية.

والتنمية هي الوسيلة الوحيدة لإيجاد ظروف العمل المريح، الذي ييسر للشباب المتمرد والبائس أسباب الشغل، وهناك مسؤولية دولية ذات طبيعة تكافلية توجب على الأسرة الدولية أن تشجع أسباب التنمية وأن تعطي للدول النامية الفرصة لتطوير اقتصادها والاستفادة من مواردها، في ظل أنظمة للمنافسة تراعي الظروف التي تعيشها هذه الدول، وتسهم في تشجيع التشغيل الذي يخفف من ضغوط البؤس والتوتر الاجتماعي.

رابعاً- تجاهل المطالب المشروعة في الحرية والكرامة:

وهذا السبب يضاعف من ظاهرة التطرف، ويوسع من قاعدتها، ويجعل من التطرف مظهراً من مظاهر التعبير عن الاحتجاج، ولا شك أن الالتفات إلى تلك الطبقة الاجتماعية المهمشة والاهتمام بمطالبها المشروعة، سيخفف من ظاهرة التطرف، ويبعدها عن العنف، ويجعلها أقرب للاحتضان.. ومن أبرز المطالب المشروعة حق المواطن في التعبير عن أفكاره وعدم استفزاز مشاعره الدينية وتقاليده الاجتماعية، لأن المشاعر والعواطف الوجدانية هي جزء من كيان الإنسان، فإذا وقع استفزازها وتحديها أثارت مشاعر الغضب والانفعال.

خامساً- انعدام التنمية الثقافية السليمة:

وتعتبر التنمية الثقافية السليمة من أبرز عوامل التكوين النفسي السليم والرشيد، والثقافة أمن، والأمن الثقافي لا يقل أهمية عن الأمن الذي توفره الأجهزة الأمنية، فلا ترتكب من الأخطاء ما لا يليق بالسلوكية الإنسانية، فالمدرسة مؤسسة تربوية تسهم في تحقيق الأمن إذا أدت رسالته بأمانة، والمسجد يسهم في تحقيق الأمن النفسي إذا كان التوجيه فيه نقياً وصادقاً وناصحاً.

ويجب أن نؤكد أن التربية الدينية من أهم العوامل المؤدية إلى الأمن النفسي وإلى الاستقامة السلوكية وإلى نبذ العنف وإلى إقرار قيم للتعايش والتساكن، انطلاقاً من دعوة القرآن الكريم إلى احترام كرامة الإنسان وحقوقه.

والتطرف ليس وليد التربية الدينية السليمة، ولا يمكن أن تتهم الشخصية الإسلامية بالتطرف، ولا يمكن أن يوصف الإسلام بالتطرف والعنف، ولا يقاوم التطرف الديني إلا عن طريق التربية الدينية السليمة التي ترسي دعائم الفضيلة في النفس، وتغذي قيم الخير وقيم التساكن في المجتمع.

وأعتقد شخصياً أن الإعلام الغربي قد أسهم بطريقة مباشرة في تكوين الظروف النفسية للتطرف في المجتمعات الإسلامية لأنه استغل بعض مظاهر التطرف السلوكي لتشويه صورة الإسلام، وإثارة مشاعر الغضب لدى المسلمين.

والتطرف ظاهرة عالمية، ونجدها واضحة في المجتمعات الأوروبية من خلال المواقف العنصرية الموجهة ضد العرب والمسلمين، والسياسات الانغلاقية الضيقة التي تحاول تضييق الخناق على الأقليات الإسلامية، سواء من خلال أنظمة الضمان الاجتماعي وحقوق العمل.. أو من حيث سياسة التهميش والتجاهل للحقوق الإنسانية  لهذه الأقليات.

ويعبر التطرف عن ظاهرة احتقان نفسي، وهو كالحرارة التي تصيب الأبدان، وهي دليل خلل في البدن، ويجب أن يعالج الخلل لكي تخفّ درجة الحرارة، وعندئذ يصبح الحوار أداة التواصل بين ضفتين محكوم عليهما بالتعايش.

ولا يمكن أن ينجح الحوار إلا في ظل مناخات ملائمة ومريحة، بحيث يشعر كل طرف بأنه أخذ وأعطى، وسمع وتكلم، والمحاور يجب أن يمد يده الأولى لكي يعطي ويمد يده الثانية لكي يأخذ، وليس هناك حوار بغير أخذ وعطاء، وعلى كل طرف أن يتقدم خطوة إلى الأمام، فمن وقف في موقعه فمن الصعب عليه أن يكون محاوراً ناجحاً.

والتطرف ليس ظاهرة مستعصية، ويجب أن يتم التعامل مع هذه الظاهرة بالتفهم الواقعي والموضوعي للأسباب النفسية التي أدت إلى التطرف، فإذا كان التطرف ناتجاً عن مطالب مشروعة فيجب أن تدرس هذه المطالب في إطار الموضوعية والإنصاف، وإذا كان التطرف ناتجاً عن جهل فيجب اعتماد منهج التكوين والترشيد، لإزالة الغموض، في إطار الوحدة الوطنية، والقيم الأخلاقية.

ولا يمكن أن يكون العنف وسيلة مجدية لمواجهة التطرف، لأن العنف يلهب المشاعر ويثير الغرائز، ويجعل العقل البشري أسير ثورة الغضب.. ويجعل الفضيلة الإنسانية أسيرة مشاعر الانتقام، وتنمو بالعنف مشاعر الغضب، وتتساقط أوراق الفضيلة الخضراء، وتنمو أشواك الشر في كل الأغصان.

ويجب تضييق دائرة التطرف، وتشجيع المتطرف على نبذ العنف كأسلوب للتعبير عن مواقفه، واللجوء إلى أسلوب الحوار الذي يجعل من التطرف منهجاً في التفكير، يسهم في تطور المجتمع، ويبرز أهمية المواطن كركن في تنمية الوعي القومي.

ويجب أن يتم التعامل مع ظاهرة التطرف من خلال القنوات المريحة والمهيئة للحوار، في ظل الثقة المتبادلة، وفي إطار شعار الوحدة الوطنية وعدم الإساءة لسمعة ومكانة الدولة.

والتطرف في المجتمعات الإسلامية هو جزء من ظاهرة التطرف التي نجدها في كل المجتمعات المعاصرة، في أوروبا وأمريكا واليابان، وهي نتاج طبيعي لعاملين اثنين:

العامل الأول: تخلف المناهج التربوية في المدارس والجامعات، وتركيزها على القيم المادية وتأكيدها على أهمية المنافسة بين الشعوب في ظل إقرار توجهات جهوية وإقليمية وقومية وعنصرية، تجعل الشعوب المتجاورة في موطن المنافسة على تحقيق المصالح الأنانية، متجاوزة بذلك قيم الفضيلة في وجوب إرساء قيم التكامل والتعايش بين الشعوب.

العامل الثاني: إغفال البعد الروحي والأخلاقي في العلاقات الإنسانية بين الشعوب، وبرز مشكلات التشغيل الناتجة عن البطالة، والتطلع المبالغ فيه إلى حياة الترف، والتسابق لتحقيق هذا الهدف بكل الوسائل الممكنة ولو كانت على حساب القيم الأخلاقية.

ومن المؤسف أن التصور المبدئي للنظام العالمي الجديد المستمد من المواقف والسياسات الدولية يؤكد عزم الدول الكبرى القوية والغنية على تكريس التفرقة بين الشمال والجنوب، وتكوين جدار من الشك والريبة بين الشعوب التي كانت متعايشة ومتساكنة وبخاصة في الحوض المتوسطي في ظل الوحدة الأوروبية التي كرست من خلال قوانينها الاقتصادي والنقدية وقوانين الهجرة والحماية الجمركية سياسة الهيمنة والتهميش، وساعدت على نمو ظاهرة البطالة والفقر التي تعتبر الأرض الخصبة لنمو سلوكيات التطرف وقابليات العنف.

ويجب أن نؤكد على مسؤولية الدول المتقدمة أخلاقياً في تخفيف الظروف النفسية المساعدة على التطرف، من خلال التزام سياسات مرنة في مجال المديونيات والهجرة وأنظمة الحماية الجمركية، وبخاصة في منطقة الحوض المتوسطي التي تتلاقى على ضفافه شعوب مختلفة في أديانها ولغاتها وقومياتها، ومتباينة في انتماءاتها وتوجهاتها إلا أنها استطاعت أن توجد خلال تاريخها الطويل صيغة ملائمة للتعايش والتساكن، وبنت كيانها الاقتصادي على أساس التكامل مع الأسواق المجاورة وكيانها الثقافية على أساس التعددية الحضارية والثقافية، التي كانت واضحة المعالم راسخة الجذور في كيان شعوب هذه المنطقة المتوسطية.

ولا يمكن أن يعالج التطرف في أي مجتمع من المجتمعات ما دامت أسبابه قائمة، والعنف أداة مباشرة لتوليد العنف، والحوار الموضوعي هو الأداة الطبيعية لتخفيف الآثار السلبية للتطرف، ويشترط في الحوار أن يكون وسيلة لمعالجة الأسباب الحقيقية المؤدية للتطرف.

ومن أبرز الأسباب التي يمكن أن تسهم في التخفيف من ظاهرة التطرف ما يلي:

أولاً- احترام خصوصيات الشعوب في احتضانها لتراثها وثقافتها وتقاليدها وقيمها وعقائدها.

ثانياً- اعتبار التعددية الثقافية مظهراً حضارياً معترفاً به، واحترام الإعلام لهذه التعددية، وعدم السخرية والاستهتار بالاختيارات السلوكية والفكرية لأي مواطن، مادامت هذه السلوكيات لا تخل بقاعدة أخلاقية ولا تسيء للوحدة الوطنية، ولا تهدد حريات الآخرين وحقوقهم المشروعة.

ثالثاً- الاهتمام بالمشكلات الاجتماعية للمواطن المتعلقة بحقوقه الفطرية في العمل والحرية والديمقراطية والكرامة.

رابعاً- وضع سياسة تنموية متكاملة لكي يشعر المواطن بالأمن والاستقرار بالنسبة لواقعه ومستقبله.

خامساً- تشجيع منابر الحوار بين مختلف التيارات الفكرية والدينية والثقافية، وتمكين كل فرد من التعبير عن قناعاته واختياراته، في إطار الالتزام بأخلاقية الحوار وموضوعيته وأهدافه في تكوين رأي عام يجسد ثقافة الأمة.

سادساً- التزام جميع الأطراف برفض العنف كأسلوب مختلف للتعبير عن الذات، والاحتكام للقانون في حالات التجاوز، واعتبار الدولة في موطن الاحترام لأنها مؤتمنة على تحقيق الأمن وحماية المواطن.

ومجتمعنا الإسلامي المعاصر مطالب بأن يوجه اهتمامه لمشكلته الحقيقية المتمثلة في ضرورة التنمية الاجتماعية والاقتصادية، للنهوض بمستوى المواطن، ولا يمكن للتنمية أن تتحقق إلا في ظل الأمن والاستقرار.

( الزيارات : 3٬104 )

One thought on “ظاهرة التطرف في المجتمعات الإسلامية أسبابها ووسائل علاجها

  1. دراسة رائعة لظاهرة التطرف فى المجتمعات العربية والإسلامية والأسباب التى تسهم فى التخفيف من هذه الظاهرة واهمها احترام خصوصيات الآخرين حيث كانوا وتحقيق العدالة فى المجتمع وأهمية أشعار المواطن بالاحترام والأحكام للقانون والارتقاء بمستوى التربية والتكوين الروحي والثقافى .جزاكم الله خيرا ياسيدى الدكتور على هذه الدراسة الراقية ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *