عصر التنوير..هل انقذ اروربا من الحروب

كلمات مضيئة..عصر التنوير.. هل انقذ اروربا من ازماتها

معظم المفكرين المعاصرين يهتمون كثيرا فى احاديثهم ومحاضراته العلمية بالحديث عن عصر التنوير الذي يطلقونه على الفكر الاوربي منذ ثلاثة قرون , لا احد لا تشده كلمة التموير ويسعى اليها , وهي تدعو الى  حرية التفكير لابداع   العقول ما تحتاج اليه من انواع المعرفة , وهذا يتطلب الثقة بالعقل لكي يقوم بمهمة التفكير , فى معظم مجتمعاتنا الاسلامية ارتبطت كلمة التنوير بالدعوة الى العلمانية الفكرية لمواجهة الاصول الاسلامية التى اعتمد عليها فكرنا وثقافتنا واخلاقنا , وتساءلت وانا اتامل فى عصر التنوير وماهي نتائجه على المجتمعات الاوربية اولا والمجتمعات الاخرى فى العالم , لا انكر وجود الكثير من الانجازات الايجابية , واهمها مبدا احترام حقوق الانسان وحق تقرير المصير فى حالات تصفية الاستعمار والدعوة الى السلام الدولى ونبذ الحروب وحل المشكلات والمنازعات بين الدول بالمفاوضات واحترام حرية الانسان وكرامته وتطوير القانون الدولى لكي يكون اكثر اخلاقية وتشجيع الانظمة الديمقراطية والتصدى لكل اشكال العبودية بجيع اشكالها والتخفيف من معاناة الشعوب فى الكوارث الانسانية , كل هذا كان شيئا مشجعا ,  وفى المقابل فقد لا حظت من تتبعي لتاريخ المجتمعات الاوربية خلال القرن العشرين ورايت ما اذهلنى فقد كان هذا القرن هو الاشد قسوة وطغيانا وعنفا  وحربا وهو عصر الاستعمار لمعظم الشعوب المستضعفة  فى اسيا وافريقيا , وفى هذا القرن وفى ظل فكر التنوير وفلاسفته قامت فى بلاد  التنوير فى اوروبا ابشع حربين عالميتين , وكانت حرب فيتنام وحرب الخليج واحتلال افغانستان والعراق , وفى كل يوم نسمع عن سباق التسلح النووى وحل المشكلات الاقليمية عن طريق الحروب العسكرية والسياسية والاقتصادية , كان الدين هو مرجع العقل لكي يصل الى المعرفة واكتشاف معايير الاخلاق , وكان يقول لا للعدوان  واصبح العقل هو المرجع وتتحكم فيه مصالحه واوهامه وانفعالاته وغرائزه وكل ما هو موجود فى للا وعي فى داخله  مما يحركه ولا يدركه من الميول العدونية , هل يمكن بعد كل هذا ان نصل الى الثقة بالتنوير العقلى الذى ادى الى كل الحوارث الكونية وربما تكون هي الاسوأ على مستوى التاريخ , الشرعية الدولية هي شرعية الاقوياء والاوصياء وشرعية التفوق  العسكرى , وشرعية المال هي الشرعية الناتجة عن القوة والاذعان والاحتكار وتبرير الراسمالية الانانية لتحكم الاقوياء فى الطبقات المستضعفة , واصبحت المواقف السياسية تشترى بالمال ويسترضى الاقوياء بصفقات السلاح وشركات الاعمار بطريق مكشوفة ومذمومة , ما اقسى ما فعله عصر التنوير بمجتمع التنوير بعيدا عن ضوابط الدين والاخلاق , كان معيارى هو الانسان فى عصر التنوير فهل الانسان اليوم هو اكثر سعادة وامنا , نريد تنويرا فكريا ينبثق من داخل مجتمعنا الاسلامي ننقد فيه اخطاءنا ونتجاهل فيه ما هو من مخلفات التاريخ من المفاهيم والاعراف التى لا اصل لها فى الدين ولا يقبلها العقل , وهي مما تراكم فى عقولنا من الافكار الخاطئة , نحتاج الى فهم عميق للنصوص المقدسة وهي القران والسنة الصحيحة , وهذه نحتاج الى فهم مقاصدها وما يراد بها من المعانى والدلالات , وان نسهم فى تجديد مناهجنا التعليمية لكي نحسن فهم تلك النصوص  وان نثرى فكرنا الفقهي بجهد الاجيال المتعاقبة مع احترام حق العقل فى الفهم والتفسير والتاويل للتوصل الى الحق الذى اراده الله تعالى  , كل مدرسة فقهية ادت مهمتها فى عصرها واحسنت واضافت فيما فعلت , وكل شيء مما كان فى الماضى اسهم فى اغناء مجتمعه , لا احد منا لا يحب التنوير فى مجال المعرفة الانسانية وما يجب ان نحترمه هو التخصص العلمى فلا رأي لغير اهل الاختصاص فيما اختصوا به فى سائر العلوم , من حق العقل ان يضع ضوابطه وان يحكم قبضته على جميع المفاهيم وان يخضعها لقوانين البحث العلمي كما يقررها اهل الاختصاص وللعلماء حريتهم فيما اقاموا الدليل عليه ولهم حظ من الصواب , ان اعمال العقل لا يعنى الخوض فيما لا يدركه العقل من القضايا الغيبية فتلك امور اختص الله بها , ولا رأي لاحد بعقله فيما لا تدركه العقول , اما قضايا الانسان فالانسان هو اولى بما براه الافضل له فى نظام حياته وحقوقه الانسانية والقانونية وهذه امور تتجدد باستمرار لكي تواكب عصرها بشرط الا يخالف اصلا من الاصول الشرعية , وعندما نهتم بالانسان نكتشف عظمة ما اوعه الله فيه من المعارف والقدرات لكي يبدع في معرفته في كل الميادين الذى تخصص فيه واتجه اليه , لا شيء من جهد العقول لا يخضع لمعيار النقد العلمى والبحث فيه , البحث العلمي لا يلغى الخصوصية لكل فكر ان يكون منسجما مع نفسه ,  التنوير الاسلامى امر مطلوب ولا بد منه , ويجب ان نحترم رموزه ومعاييره , كل المفاهيم ذات البعد الانسانى تتجدد لكي تؤدى الغاية الاجتماعية منها ..

( الزيارات : 1٬050 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *