فقه النوازل منهج للتجديد

كلمات مضيئة ..فقه النوازل منهج للتجديد

من القضايا التي اثارت انتباهي وإعجابي في الفقه المالكي هو موضوع النوازل الفقهية ، وهناك الكثير من الكتب الفقهية المهمة بعنوان : النوازل الفقهية ، ويوصف بعض الفقهاء بانه الفقيه النوازلي تعبيرا عن حسن استناطه للاحكام  فى النوازل المستجدة ، وكنتً اشجع طلابي علي دراسة فقه النوازل وفقه ما جري عليه العمل ، وأشرفت علي عدد من الاطروحات في هذين الموضوعين ، وكتبت عنهما. بعض المقالات العلمية المنشورة ، والمراد بالنوازل هي القضايا الجديدة التي لم تكن من قبل والتي تحتاج الي فهم جديد يناقش تلك النازلة ويجد لها حلولًا عادلة وممكنة تلائم تلك الحالة الجديدة ، كل قضية جديدة. لم تكن من قبل هي نازلة ،. وكنت اري بان كل قضية مرتبطة بزمانها والظروف المحيطة بها و وعندما  يختلف المكان والزمان فيها تحتاج الي نظر جديد لان اختلاف الزمان والمكان. يجعل الفقيه امام واقع جديد يختلف عما كان عليه ،ويتطلب نظرا جديدا ,  وعليه ان يفكر في تلك المسألة بما يوافق زمانها ومكانها. والظروف الجديدة التي احاطت بها ، لا شيئ مما كان يتكرريماثل  نفس ظروفه السابقة وينطبق عليه ما ينطبق على ما كان قبله  ، العدالة واحدة وتطبق في كل مسألة بما يحقق تلك العدالة بالمفهوم الذي يراها المجتمع عدالة او يترجح له الحق فيها ، لا تماثل ولا تكرار فى القضايا الانسانية ،المسألة الواحدة. تتكرر بأوصاف جديدة ، وتتطلب فهما للظروف التي وقعت فيها ، ويجب ان يبني الحكم علي الواقع كما هو بما يحقق الغرض منه ، فان كانت الغاية العدالة فيجب ان تتحقق العدالة بكل الطرق. المحققة لتلك العدالة ، وبخاصة في كل التغيرات التي تفرضها الأزمات والمحن المتجددة والتي تتطلب فهما لما تفرضه من الافكار والحلول ، وفي كل يوم نجد الجديد من القضايا وهي نوازل حقيقية تتطلب فهما لما تحدثه من تلك التغيرات والبحث عن حلول لتلك المشكلات الناتجة عن المتغيرات ، وهذا ما كنت اؤكد عليه ان المخاطب هو الانسان والانسان متجدد على الدوام  وهو المؤتمن علي الحكم ان يكون صحيحا ، ومن حق  كل مخاطب ان يفهم ما خوطب به وانً يحرص علي تُحقّق الغرض الذي جاء الخطاب لاجله ، النصوص واحدة. ولكن فهم النص يتجدد باستمرار لكي يحقق الغرض المنشود من ذلك النص ، تلك هي مسؤولية المخاطب ان يفهم ما اريد بذلك الخطاب وان يعمل به بما يحقق الغرض منه ، هذا هو موضوع فقه النوازل ، وتلك هي مسؤولية الفقيه النوازلي الذي يملك كل أدوات الفهم. وبخاصة فهم الواقع الذي يعيشه، ويبني الحكم علي طبيعة النازلة كما هي في زمنها ومجتمعها ، وهذا يتطلب احترام الاختصاص والنظر العقلي ومراعاة اختلاف الظروف ، لاً رأي لغير اهل الاختصاص فيما اختصوا به من المعايير ، الفقه مسؤولية كبيرة ، ويبني الحكم الفقهي علي رأي اهل الاختصاص ، ولَا رأ ي لغيرهم ، ونحن اليوم نعيش محنة وباء كورونا والحجر الصحي وما ترتب علي تلك المِحنة من نتائج كبيرة في مفاهيم العدالة والمصالح الاجتماعية ، لقد توقفت الحياة والنشاط الانساني ، وترتب علي ذلك آثار كبيرة فى كل نواحي الحياة ، الحكم الفقهي يبني علي الواقع كما هو ، وبما يحقق العدالة لكل الأطراف وتراعي فيه مصالح العباد ، هناك أزمات ستكبركنتيجة  لتلك المِحنة ، وهناك مفاهيم سوف تتجدد بما بلا ئم عصرها، لقد قلت من قبل :  الدفاع عن الحياة مسؤولية جماعية والتكافل المادي فريضة دينية وانسانية واخلاقية ، ويجب ان يكون الكل في خدمة الكل لاجل استمرار الحياة  ، المال في خدمة الحياة , ، والعدالة يجب ان تتحقق ، والذين لا يجدون ما يأكلون يجب ان يأكلوا وان يجدوا ما يحتاجون اليه ، وهذا حقهم الانساني المضمون لهم بالوجود الانسانى  ، ويجب التوقف عن كل نشاط اجتماعي يهدد الحياة ويسهم في انتشار الوباء ، لا احد خارج المسؤولية التكافلية ، الطبيب يعالج وصاحب المال ينفق والشرطي يحفظ الامن ، لا استغلال لحاجة المجتمع ،ولا احتكار لسلعة اودواء ، ولا اتجار بالانسان ، ويجب العمل علي مساعدة الجائعين والعاطلين عن العمل وكل المرضي والمصابين ، كل المال في خدمة مجتمعه من غير توقف او تردد ، كل ما يخدم حياة المجتمع فيجب العمل به ، لقد آن الأوان لكي يصحح المجمع الانساني مسيرته وافكاره ومعاييره ، مجتمع الغد يجب  ان يكون انساني الملامح والمواقف واقل انانية وقسوة. وفردية ، لا عنصرية. ولا طبقية ولا تفاضل في الانساب والاموال ، لا بد الا ان تكون معايير العدالة عادلة لا ظلم فيها ، كل القوانين والقيم والنظم والاعراف التي تكرس الظلم الاجتماعي يجب التخلي عنها واستبدالها بقيم ومعايير اكثر عدالة واحتراما للانسان ، ويجب ان ترتقي مفاهيم السلطة من القوة الي التفويض وتنزع من تلك السلطة الانياب الجارحة التي تقتل وتعتدي وتخيف وتذل وتعمق الطبقية الاجتماعية التي تستفزالنفوس وتدفعها للتمرد والثورة ، ولا حدود لغضب الغاضبين ، وثورة. المظلومين حتمية عندما يستفزون فى حقوقهم ويظلمون فى معاملتهم  ، الغابات اليابسة سرعان ما تنتشر فيها النيران وتجعلها جرداء قاحلة. كأنها لم تكن من قبل شيئًا ، نلك سنة الله في ارضه ، ان العدالة لا بد الا ان تكون في النهاية ، لكي تستمر الحياة كما ارادها الله لكل عباده ، نحن بحاجة لفقه النوازل كفقه يملك أصحابه خصوصية الفهم للدفاع عن العدالة في ظل كل المتغيرات ، ما اجمل الفقه عندما يعبر عن فهم الفقهاء لما يحتاجه مجتمعهم من احترام مصالحهم ، نحتاج اليوم الي. فقه النوازل كمنهج للفهم. يعبر عن مسؤولية كل جيل في فهم قضاياه كما يراها وكما تتحقق بها العدالة التي ارادها الله ، فقه النوازل هو النافذة التي كان يطل منها الفقه علي عصره ، ويجب الا تكونً مجرد نافذه صغيرة. ، بل يجب ان تكون تلك النافذة  هي الباب الكبير الذي يجب ان يتسع لكل مطالب الحياة. في كل. المستجدات التي تعبر عن استمرارية الحياة ومسؤولية الانسان. كمستخلف مؤتمن علي الحياة وان يعبر  ذلك . التدافع والاختلاف عن الجمال الكوني. في ذلك التعدد ، لا شيئ من قضايا الفكر الانساني لا يتجدد في كل يوم ويجب ان يتجه الفكر الانساني نحو مزيد من الحب والتسامح والاخوة والشعور بالتكافل والمصير المشترك ، ويجب التصدي للكراهية والتعصب والعنصرية والطبقية ولا يليق كل ذلك بالانسان ، ولَم يعد هذا مقبولًا لان الشعور بوحدة المصير الانساني يكبر في كل يوم في ظل ذلك التقارب والتواصل الإعلامي الذي ايقظ الانسانية علي واقع جديد وهو احترام الانسان  ووعي كل انسان  بذاته  وحقوقه ونبذ العنف والكراهية والأنانية ، واشدها خطورة هو الحروب والعدوان علي الحياة وإنتاج السلاح والاتجار به كسلعة رائجة ومربحة وهو اسوا من الاتجار بالمخدرات  , ولا خير فى حضارة يكبر اقوياؤها  بما يملكون من اسلحة الدمار ، ما زلت اذكر اننا كنا قبل خمسين عاما. نقبل الكثير ونرفض الكثير مما كان أمامنا من. المواقف والاعراف والمعايير ، ولم نعد كما كنا من قبل ، وأصبحنا الان نرفض ما كنا نقبله ونقبل ما كنا نرفضه ، فما الذي تغير ، هل الحياة تغيرت ام ذلك الانسان هو الذي تغير وتبدل واختلفت معاييره وموازينه ، هل كنا فيما قبل علي الحق وابتعدنا عنه ، ام كنا علي غير هدي من امرنا ، ليس هذا ولَا هذا ، تلك هي طبيعة الحياة ان تتجدد في كل يوم ، وتتسع الرؤية ،كنا علي حق ولَم يكن بالإمكان ان نكون غير ما كنا عليه ، واليوم نحن علي حق فيما نحن فيه ، اننا نعيش عصرنا بما فيه بكل جديد فيه ، ونتفاعل مع احداثه ، وغدًا لن يكون كما كان ، لا بد من ان يكون مختلفا ، لا شيئ يتكرر في الحياة. ، ولا شيئ يتماثل ، الحياة هي الحياة بكل معاييرها ، من ادرك الحكمة كانً كل شيئ بالنسبة له يمثل الحكمة وهذا يشعر الانسان بالسكون الداخلي والطمأنينة القلبية التي. تعمق مشاعره الايمانية وتشعره بعظمة خالق الكون ومبدعه.

 

( الزيارات : 791 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *