قضايا المراة فى نظر السيد النبهان

مكانة المرأة عند السيد النبهان

 

 حظيت المرأة بمكانة متميزة في نظر الشيخ، وكان يقدر دورها التربوي ويهتم بإصلاح المرأة ويعتبر ذلك من أركان الإصلاح الاجتماعي، ولا يتحقق صلاح المجتمع إلا بصلاح المرأة، فهي نقطة البداية في الإصلاح، فإذا صلحت المرأة صلحت الأسرة، والأسرة هي الخلية الاجتماعية الأولى.

 

 ولم يفرق الإسلام بين الرجل والمرأة في الحقوق الإنسانية كحق الحياة وحق الكرامة وحق الاختيار وجميع الحقوق التي يملكها الرجل…. والمرأة هي أولى بالرعاية والاهتمام والتكريم لأنها تشعر بضعفها.

 

 ولا نجد في التوجيه القرآني خطاباً خاصاً بالرجل أو المرأة، إلا في قضايا محددة ترتبط بطبيعة التكوين النوعي لكل منهما، وما عدا ذلك يظل التوجيه القرآني عاماً يخاطب الإنسان بخطاب واحد، يجعل المسؤولية متبادلة بين الرجل والمرأة لتكوين مجتمع متماسك متكافل يؤدي كل من الطرفين أعماله الموكلة إليه بطريق صحيح.

 

 قال تعالى: {والمؤمنات والمؤمنون بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم} [التوبة: 71].

 

 وقال تعالى: {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون} [النحل: 97].

 

 لم يتحدث الشيخ عن حقوق المرأة، فالإسلام قد أعطى المرأة حقوقها كاملة غير منقوصة كما أعطى الرجل، من حيث المجال الإنساني، ولا مجال للخروج عن مقتضى أحكام الشرع، وذلك أمر لا يقبل المناقشة والجدال، وإذا وقع انتقاص لحقوق المرأة فيجب الاحتكام لأحكام الشرع، وفي ظل التربية الأخلاقية الراقية يبحث كل من الرجل والمراة عن مجالات المخالفة الشرعية، فعلاقة الرجل والمرأة علاقة تكامل وتكافل، وليست علاقة تصادم، والقوامة للرجل، وهي قوامة مسؤولية وإنفاق وليست قوامة سلطة ونفوذ، وعلى الرجل أن يكون حسن المعاشرة وهذا من باب حسن الخلق، وخيركم خيركم لأهله.

 

 وقاعدة الاختيار في الزواج الدين وحسن الخلق، وكان يحذر من الاختيار السيء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم وخضراء الدمن قيل: وما خضراء الدمن يا رسول الله قال: المرأة الحسناء في المنبت السيء»، وكان يحض على حسن الاختيار والظفر بذات الدين والخلق والتربية الصالحة.

 

 وكان يضيق بمن يتساهل في أمر الشرف والمروءة والسلوك الحسن، والبيئة النظيفة الصالحة تنبت المرأة الصالحة التي تدخل السعادة والطمأنينة إلى قلب زوجها.

اختياراته فيما يتعلق بالمرأة

 

 كانت له اختيارات خاصة فيما يتعلق بسلوكيات المرأة تعبر عن اعتزازه بقيم الشرف والمروءة، ولم يكن يتسامح في هذا الأمر، واشتهرت سلوكيات إخوانه بالتزامهم بهذه الاختيارات، وأهمها ما يلي:

 

 أولاً: موقفه من الحجاب:

 

 كان يرى وجوب الالتزام بالحجاب كاملاً، ويعتبر جسم المرأة كله عورة، ولا يحب كشف الوجه واليدين، ويحب أن يكون لباس المرأة كاملاً وساتراً ولا يكشف أي شيء من جسمها، سواء كانت المرأة مدعاة للفتنة أم لا، ويرى أن صوت المرأة عورة ولا يحب لها أن تكلم الرجال ولا أن تتكلم بالهاتف مع الرجال الأجانب إلا في حدود الضرورة، ولعله من باب سد الذريعة لكيلا يؤدي التساهل في ذلك إلى مفاسد اجتماعية عند ذوي النفوس المريضة.

 

 ثانياً: موقفه من الاختلاط:

 

 لم يكن يسمح باختلاط الرجال بالنساء، ولا يحب كذلك، ولم يحدث أي اختلاط في مجالسه، ولم يجلس في أي مجلس فيه اختلاط، ولم يكن يسمح بهذا الاختلاط في نطاق الأسرة، وبخاصة اختلاط المرأة بزوج أختها أو اختلاط الرجل بزوجة أخيه.. ولم يكن يسمح باختلاط الرجل بالمرأة في المدارس أو الجامعات إلا في نطاق الضرورة ومع احترام الحجاب الشرعي الساتر.

 

 ثالثاً: موقفه من تعليم المرأة:

 

 لم يكن يعارض تعليم المرأة إذا توافرت فيه شروط الالتزام بالأخلاقيات الإسلامية، فالعلم أمر محمود، بشرط أن تتوافر فيه الشروط التي تمنع من الانزلاق السلوكي، وكان يشجع الفتاة التي يجد في سلوكها الاستقامة والحشمة أن تتابع دروسها في الكليات الجامعية من غير تردد، ما دامت الثقة قائمة بالتزام الضوابط الشرعية.

 

 رابعاً: موقفه من تعدد الزوجات:

 

 لم يكن يمنع التعدد إذا توافرت الحاجة إليه، وطالما أن الشريعة أباحت التعدد ووضعت ضوابطه وشروطه فليس هناك ما يمنع منه، ولم يمنع أحد أصحابه منه، ولكنه لم يعدد، ولم يتزوج على زوجته ويعتبر ذلك من الأمور الأخلاقية التي يجب أن تراعى فيها معاني الوفاء، وهي أمور يرجع تقديرها إلى الشخص نفسه، وإلى مدى شعوره بالحاجة إلى ذلك.

 

 خامساً: موقفه من الطلاق:

 

 لم يكن يشجع الطلاق ويعتبره اختياراً مذموماً إلا إذا تعسرت الحياة الزوجية فعنذئذ لا خيار فيه… وهذه قضايا أباحها الشرع وترك أمرها للشخص نفسه ليقدر ما ينفعه وما يوفر له السكينة، وكان يشجع كلاً من الزوجين على الصبر والتحمل.

 ولم يكن يحب الحديث في الأحكام الفقهية للزواج والطلاق والمهور والتعدد والنفقات، فذلك أمر يدخل في النطاق الأخلاقي حيث ورد الأمر القرآني بالمعاشرة بالمعروف، ولا حدود للمعروف، ولا حدود لسمو الخلق، فالرجال لا يضيقون بما تفرضه حسن المعاشرة من وجوب البذل المادي والإحسان إلى المرأة واحتمال ما يصدر عنها من سلوكيات الانفعال، ولا حدود للإحسان، ويتفاضل الرجال في حسن معاشرتهم لأسرهم.

 

 والرجولة تقتضي أن يلتزم الرجل بما يفرضه خلق المروءة عليه من الإحسان لأسرته ولزوجته وأبنائه، وألا يضيق عليهم بنفقة وألا يسيء إليهم، وألا يكلف زوجته بما لا تطيق، وأن يحترم إنسانيتها، وفي الوقت ذاته يجب على المرأة أن تكون وفية لزوجها في أيام الشدة وألا تكلفه ما لا يطيق، وألا تجرح مشاعره وأن تقف معه وأن تؤازره في المحن وأن تكون عوناً له على أيامه الصعبة وذلك هو ما تقتضيه الأخلاقيات المتبادلة بين الزوجين.

 

 ويضيق بما كان يسمعه من وقائع وأحداث حول خلافات غير لائقة على أمور مادية تتعلق بالنفقات والمهور، وذلك أمر غير لائق، وما جاءت التربية إلا لكي ترتقي بمستوى سلوكيات الإنسان.

 

 ولابد في العلاقات الأسرية وبخاصة بين الزوج وزوجته من روح الإيثار والابتعاد عن التعلق بالدنيا ونبذ الأنانية والتخلق بالأخلاق الحميدة التي تقرب بين القلوب، وتقيم جسوراً للتلاقي في إطار المحبة والإخلاص لله، ومن الضروري تغذية القلوب بمعاني الرحمة المتبادلة والإحسان والإيثار لكي تنشرح القلوب وتشرق فيها أنوار الخير.

 

 وعلاقة الرجل بالمرأة تحكمها القيم الأخلاقية أكثر مما تحكمها الأحكام القانونية، ففي ظل القانون يبحث الإنسان عن الحق ويتمسك كل فريق بحقه الذي يعطيه إياه القانون، أما في ظل الأخلاق فإن الإنسان يبحث عما يليق وما لا يليق من أنواع السلوك، فلا يليق بالرجل أن يتصرف التصرف الذي لا يليق بقيمه الأخلاقية، بل يجب عليه بصفته الطرف الأقوى أن يتنازل عن جزء من حقه لصالح زوجته، فالإحسان يفرض عليه أن يعفو ويتنازل ويتسامح، فلا يطلقها وإن ضاق بحياته معها ولا يتزوج ثانية احتراماً لإنسانيتها، وأن يكون معها كما يجب أن تكون معه في الأزمات والمحن يتبادلان التضحية والإيثار ويسعى كل فريق لإسعاد الطرف الآخر من غير منة يمن بها القوي على الضعيف.

 

 وأول ما يجب على الإنسان أن يتوجه إليه بحسن الخلق الزوجة فهي أحق بحسن الخلق، ويجب على الزوج ألا يظلمها بحق مادي ولا نفقة وأن يعاملها بالمعروف والإحسان، وأن يشعرها بحقوقها الإنسانية، وأن يرفق بها في الكلام والعبارة، وألا يشعرها بتميزه عليها بقوة أو مال وأن يلتمس لها العذر فيما عجزت عنه من أداء أعمالها المكلفة بها، وأن يعاملها بالأدب المطلوب، فالتربيـة التي لا تهذبها الطبـاع ولا تصقلها ليست تربية، ومن لا أدب له لا خلق له.

 

 ولا شيء يفسد الحياة الزوجية كالغضب والحدة، والرجل الغضوب الذي لا يكظم غيظه سرعان ما يدفع زوجته إلى مواجهة غضبه بغضب مماثل فيؤدي ذلك إلى المخاصمة.

 

 ومن صفات المؤمن الرحمة، وأول ما يجب أن تتوجه إليه تلك الرحمة أن يكون الرجل رحيماً بأسرته بزوجته وأولاده، وقساة القلوب سرعان ما تفتك القسوة بحياتهم فتدفعهم إلى سلوكيات العنف والمخاصمة.

 

 وفي ظل التربية الأخلاقية تستقر حياة الأسر، وتحظى المرأة باحترام زوجها، فلا يسيء إليها بقول أو عمل، ولا يحقرها في خطاب ولا يسيء لمشاعرها، ومن الطبيعي أن تقابل ذلك بما يماثله من الاحترام المتبادل المعبر عن حسن الأخلاق.

 

 

 

 

   

 

 

 

 

 

 

( الزيارات : 1٬016 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *