قوة الدولة تحقق الاستقرار

يرتبط الاستقرار في أيّ مجتمع بمدى قوة النظام ، والنظام يقوى بتماسكه الداخلي وبعدالته وحسن سياسته وبقدرته على محاسبة ومعاقبة كلّ المخالفين للقانون ، ولو كان من أعمدة النظام .

والمجتمع يريد الاستقرار الداخلي ويخشى من الفوضى والصراع بين الأحزاب والقوى السياسية ، والفوضى خطرٌ يهدد كلّ فرد في حياته وأمنه ووسائل عيشه ، وفي ظلّ الفوضى تضعف هيبة الدولة ويتجرأ النَّاس على الجريمة والسرقة والرشوة ، وإذا زالت هيبة الدولة فالفوضى قادمة لا محالة ,والجريمة تزداد ولا يأمن الناس على حياتهم وأموالهم ، ويسيطر القوي على الضعيف ..

ولا يمكن للنظام السياسي أن يكون قوياً إلا إذا حظي بثقة شعبه والتفافه حول النظام وتلاحمه معه في الأزمات ، ودعمه في المواقف ، ولا يتحقق هذا الهدف إلا إذا كان النظام عادلاً في تعامله مع كلّ أفراد شعبه ، يحترم حقوق الإنسان ، ولا يظلم أحدا ، ويقيم نظاماً نظيفاً للقضاء لكي يحتكم المجتمع إليه ، ويكون القضاء حراً في قراراته صادقاً في التزامه بالعدالة ، موثوقاً به وبكلّ ما يصدر عنه ، ولا بقاء لنظام لا هيبة له ، ولا استقرار في مجتمع تغيب السلطة عنه في أزماته ، فالدولة القوية يثق المواطن بها ويعتقد أنها قادرة على إنقاذ المركب ولو كانت العواصف قوية ، والاختلاف في المواقف وانتقاد السياسات لا يُضعِف هيبة الدولة ، لأنَّ النقاش يوجه إلى الأفراد ولا يوجه إلى الدولة ولا يضعف سلطتها , والمجتمعات الغربية الديمقراطية أكثر قبولاً للتعددية الحزبية , ونقد السياسات الحكومية …

ومجتمعاتنا العربية يجب أن تختار نموذجها الخاص بها في الحكم بما ينسجم مع واقعها , فقد تنجح الديمقراطية في بلاد الغرب وقد تفشل في بلادنا , لاختلاف مستوى الوعي السياسي والثقافي , ولكن لا يمكن تجاهل أهمية الثوابت التي لا يتحقق الاستقرار في أيّ مجتمع إلا بها , وأهمّها احترام المواطن واحترام حقوقه الإنسانية , وتوسيع دائرة القرارات السياسية , والاعتراف بدور المؤسسات الدستورية , التشريعية والقضائية , واحترام الدستور والقوانين , والثقة بعدالة الدولة في هذه القوانين , ومقاومة كلّ مظاهر الفساد والرشوة والمحسوبية , وتشجيع التشغيل للقضاء على البطالة , والاهتمام بالطبقات الفقيرة من عمّال وفلاحين وأصحاب الدخل المحدود , واحترام حريّة الرأي والفكر في الكتابة والصحافة , واحترام المشاعر الإسلامية وحرية العبادة والالتزام بالسلوكيات الأخلاقية ..

وهذه الثوابت يجب احترامها في كلّ مجتمع , وفي كلّ نظام , ولو اختلفت اختياراته , وهي من أهم أسباب الاستقرار , ولا يمكن أن يتقدم أيُّ مجتمع إلا في ظل الاستقرار ….

( الزيارات : 1٬621 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *