كلمة الغضب

كلمات مضيئة..كلمة الغضب..

كلمة الغضب تثير اهتمامى , وهي صفة غير محببة , وعندما يوصف الانسان بالغضب فانه يشعر بالمهانة , وفى الحديث الشريف : ليس الشديد بالصرعة انما الشديد هو الذى يملك نفسه عند الغضب , وقد اوصى الرسول صلى الله عليه وسلم احد اصحابه عندما سأله ان يوصيه قال له : لا تغضب وكررها ثلاثا ,

 فما هو الغضب المذموم وهل هناك غضب محمود ومطلوب , وهل الغضب يدل على نقص فى الانسان اوخلل في تكوينه ,واين موطن الغضب فى الانسان , كان هذا الموضوع هو موضوع درس علمى لى عام 1995 فى الدروس الحسنية التى تلقى امام الملك الحسن الثانى رحمه الله , انطلاقا من الحديث الشريف ليس  الشديد بالصرعة,  والصرعة هو الرجل القوى البنية الذى يصارع الاخرين ويتمكن من التغلب عليهم , ليس هذا هو القوى المتين وانما القوى هو الذى يملك نفسه عند الغضب , الغضب ليس رزيلة ابدا وهو احد القوى الثلاث التى يملكها الانسان وهي القوة الشهوانية والقوة الغضبية والقوة العقلية , وهذه القوى تمثل الكمال الانسانى , ولا يتحقق الكمال الا بكمال هذه القوى الثلاث , والغضب هو القوة الغريزية الثانية بعد القوة الشهوانية , وهي القوة الدفاعية التى تقاوم بها العدوان عليك فى اي حق من حقوقك , القوة الشهوانية هي قوة الكمال الاولى التى لا يمكن ان تكون الحياة الا بها , اذا توقفت هذه القوة ليوم واحد اختل كل شيء فى الابدان , القوة الشهوانية هي القوة الغريزية التى تطلب بها اسباب الحياة واستمرارها  ,  اذا توقفت قابليتك للطعام وللشراب وللزواج وللعمل  ولكل نشاط انسانى توقف كل شيء , واصبح الانسان جمادا لا يتحرك بذاته  . ماالذى يدفع الطفل الوليد لطلب الحليب بعد ولادته , الغضب هو قوة الاحتجاج طلبا للحق , يمكن للانسان ان يستمر ولو توقفت قوته العقلية ولكن لا يمكن ان يستمر اذا توقفت قوة الشهوة لديه طلبا لاسباب الحياة , انت لا تنهض من سريرك الا اذ اشتهيت النهوض ولا تعمل الا اذا احببت العمل ولاتاكل الا اذا اشتهيت الاكل  , اذا لم يتحقق لك ماتريد تغضب , المشكلة فى القوى الغريزية انها ليست ناتجة عن تامل وتفكير وهي ملحة الى درجة الازعاج فمن تمكنت منه شهواته احكمت قبضتها عليه الى ان يستجيب لها , والقوة الغضبية اشد قسوة وهي توقف كل القوى الاخرى وتعطلها  واهمها القوة العقلية , والغضوب فى لحظة غضبه يفعل كل شيء وهو فى غيبة عن نفسه , قلة من الناس يمسكون بزمام انفسهم عند الغضب , وهؤلاء هم الاقوياء والاشداء , وهذه هي نقطة الضعف فى الانسان , ولهذا قال الفقهاء بان طلاق الغاضب اذا فقد السيطرة على نفسه لا يقع , وانه لا يجوز للقاضى ان يقضى وهو غضبان , ومن اشتهر بسيطرة غضبه عليه فلا يوثق به لانه فى لحظة غضبة يهدم  كل ما بناه , الغضب قوة كمال فى الانسان لان الذى لا يغضب لا يمكن الثقة به فهو مفرط فى كل حقوقه , ويجب التفريق بين من لا يغضب ابدا ومن يغضب ويمسك بزمام نفسه , وهذه هي الفضيلة ان يكبح الانسان جماح غضبه فلا يتجاوز , وعندما فرق ابن خلدون بين البداوة والحضارة اعتبر البداوة بداية لقيام الدولة , اما الحضارة فهي نهاية للدول لان اهل الحضارة يعيشون حياة البذخ والترف ويستلذون القصور وعوائد الملذات وسيطرة الشهوات , وهذا يؤدي الى ضعف القوة الغضبية وهي قوة المقاومة والتضحية , الغضب قوة وطموح وتوثب وتحدى وجهد , من ضعف غضبه فلا يجد ما ينهضه من فراشه فى الصباح ولا يجد ما يقلقه فى ليله من الطموحات والاندفاعات , كل الناجحين كانوا اكثر قلقا وانفعالا واستعدادا لا قتحام المجهول , كل عظماء التاريخ كانوا اكثر غضبا وانفعالا , كانوا لا يهدؤون نهارا ولا ينامون ليلا , الغضب قوة ووقود , ابحثوا عن الناجحين فمعظمهم كان يعانى مما يؤلمه , طفولة بائسة او فقر مدقع او عاهة مؤلمة او غربة موحشة , من وجد الفراش الوثير فلا يفكر ابدا فى اقتحام الكهوف المظلمة , كل الشعوب الغضوبة اقامت دولا وبنت حضارات , اما الشعوب المترفة التى استنزفتها الملذات وتحكمت فيها عوائدد الترف والحصارة  فقلما تستفيق فى وقت مبكر , الشيخوخة تضعف قوة الغضب فى الانسان فما تريده الشيخوخة ان تعيش امنة مستقرة تحلم بذكريات جميلة ..تعالوا ننصف الغضب فلا نثقل عليه باوصاف مذمومة ولا نحمله مسؤولية النكبات والاندفاعات , الغضب العاقل هو مطية كل الحالمين بالمجد والساعين اليه , اهل الغضب لا يستلذون الملذات وهم فى الاغلب لا يألفونها ولاتغريهم مجالسها فمن استسلم لتلك الملذات اقتحمت  حصونه عليه قبل ان يغلق عليه ابوابها ..

( الزيارات : 651 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *