كلمة تقدير لعلماء المغرب

  ذاكرة الايام..كلمة تقدير لعلماء المغرب

عندما وصلت المغرب كنت اتوقع ان مهمتى ستكون شاقة وعسيرة ,وسمعت همسا ان علماء المغرب سيقفون موقف الرافض لوجودى كمدير لاهم مؤسسة علمية تضم اهم علماء المغرب واكثرهم نفوذا ومكانة  ,وقال لى احد الاصدقاء المقربين : لن تتمكن من البقاء طويلا.. لن تجد من يتعاون معك  , دار الحديث اهم مؤسسة اسلامية وتضم كبار علماء المغرب , بالاضافة الى جيل العلماء الشباب المتخرجين من الدار , كنت يومئذ فى السابعة والثلاثين من العمر,  كان معظم طلابى اكبر منى سنا  , المغرب بلد العلم والعلماء , والعلماء فى المغرب يحظون بمكانة كبيرة فى مجتمعهم , ومعظم مساعدى الملك ومستشاريه من علماء القرويين , وعلماء دار الحديث ينتمون الى مختلف جهات المغرب فى الشمال والجنوب والشرق والمدن المعروفة بتاريخها العلمى والحضارى مثل فاس ومراكش ومكناس والرباط والدار البيضاء , لم اشعر قط باي موقف سلبي للعلماء خلا الحقبة كلها  , كان معظم  العلماء منذ البداية من المؤيدين والمشجعين , وهذا اسعدنى لانه اشعرنى بالثقة , وهذا احترام منهم لملك البلاد  الذى اختارنى , وعندما اريد لبعضهم  ان يكون له موقف سلبي رفضوا ذلك , وعندما اشتدت الازمة كانت لهم مواقف شجاعة فى غاية الروعة لم اتوقعها منهم  , كنت اعرف القليل منهم , وبعضهم لا اعرفه , مازلت اتامل فى مواقف بعضهم واتساءل عن سر تلك المواقف التى تعبر اصالة والتزام ونبل ووفاء علماء المغرب الذين احسنوا الظن بي ودعوت الله ان يوفقنى لكي اكو ن فى موطن حسن الظن  , وفى مقدمة هؤلاء العلامة الشيخ محمد مكى الناصرى رئيس رابطة العلماء وهو اول من عرفنى ودعانى الى المغرب وكان يقول فى مجالسه بانه اول من عرفنى  وكان رجلا عظيما فى مواقفه , وهناك الشيخ عبد الرحمن الدكالى الصديق الوفي الذى كان صاحب راية الدفاع عنى  بقوة وشجاعة فى كل المناسبات , كان وفيا بلاحدود  , وهناك الشيخ مولاي ابراهميم بن سيدى محمد الكبير الكتانى شيخ الطريقة الكتانية , كان رجلا صالحا وتقيا , وكان فى كل مناسبة ياتى الي مشجعا ومعه اولاده السيد زين العابدين والدكتور يوسف والشيخ حسن , كان يحبنى بغير حدود منذ زيارتى الاولى للمغرب  , وعندما كنت اضعف كان يقول لى ما يشجعنى , وهناك علامة المغرب الشيخ عبد الله كنون رئيس علماء المغرب , وكانت له مواقف مهمة وكان يدعونى للمشاركة فى مؤتمرات الرابطة,  ويخصنى بالتكريم , وهناك عالم مكناس مولا ي عباس المرانى , وكان فى الثمانين من العمر , واننى اذكر فضله فى موقف لن انساه , وهناك علامة المغرب الاستاذ محمد المنونى  , والسيد ادريس الكتانى والسيد المحقق عبد العزيز بنعبد الله , وهناك علماء سوس الشيخ عبدالله  الكرسيفى والشيخ حسين وجاج ولكل واحد من هؤلاء دور يستحق ان يذكر له , اما علماء دارالحديث الحسنية فكانوا فى غاية الوفاء يدافعون عن الدار ويتصدون لكل من يريد بها سوءا , كان لهؤلاء الشباب دور كبير فى دعم مهمتى  من البداية الى النهاية , كانوا يمدوننى بالنشاط  والارادة ,  وكانوا معى فى كل الحقبة , واذكر اسماء بعضهم تعبيرا عن الوفاء لهم,  وابرزهم الدكتور محمد يسف والدكتور السعيد بوركبة والدكتور عمر الجيدى والاستاذ محمد الصقلى والدكتور نورى معمر والدكتور عبد السلام الادغيرى والدكتور الحسن التاويل والدكتور احمد اليزيدى والدكتور عبد الحميد عشاق والدكتور احمد العمرانى , وبعض هؤلاء من طلابى الذين اشرفت على اطروحتهم فى الدكتوراه , وهناك اخرون من طلابى من مختلف المدن المغربية , اعترف ان جميع من عرفتهم من علماء المغرب كانوا فى غاية الخلق والادب والالتزام والرقي فى التعامل والوفاء ولم اجد من احد منهم  ما يمكن انكاره  , وكان هناك اخرون من طلابى وكانوا اعلاما فى مجتمعهم وابرزهم الدكتور ابراهيم بن الصديق من طنجة والدكتور حمداتى ماء العينين من اعيان الصحراء وادريس  خليفة من تطوان والدكتور الحبيب التيجكانى , تعلمت الكثير من المغرب , وكنت اجد فى الشخصية المغربية التزاما اخلاقيا ورقيا فى التعامل , خلال ربع قرن فى ادارة دار الحديث الحسنية لم اجد تجاوزا من احد او شططا , كانت الثقة والمحبة والاحترام المتبادل , كنا كاسرة متكافلة متحابة , كنا نشعر ان العمل العلمى رسالة تتطلب الصدق مع الله والاخلاص , لقد استطاعت دار الحديث بفضل جهد علمائها والعلماء الذين وثقوا بها ان تحقق الكثير لمجتمعها , كان يسعدنى ان اؤدى الامانة بقدر استطاعتى  وان يكون العمل خالصا لله , ولخدمة الثقافة الاسلامية والتعريف باهم  اعلام الغرب الاسلامى الذى اسهم بقدر كبير  فى خدمة ثقافة الاسلام..  

( الزيارات : 996 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *