كوابيس الطامحين..الى اين

 

 كوابيس الطامحينالطامحون يعيشون حياة شاقّة ، ومعظمهم يعاني من كوابيس ثقيلةٍ تُقلقه وتُزعجه ، وفي الوقت ذاته تدفعه إلى الأيام ، وكلّما أراد أن يرتاح كما يفعل غيره وجد نفسه مدفوعاً إلى هدف لا يعرفه وغايةٍ جديدة ، قد لا يُفكر فيها ولا يُعدّ لها ولكنه يجد نفسه أمامها ، وقلّما يتحرر من تلك الكوابيس : الحذر الدائم والقلق المستمر والانفعال الداخلي والوقود الذي يدفعه ، ولا يدري متى يلقي سلاحه ويستريح ولا يستطيع ذلك ، فقد يتعثر في طريقه بصخرة كبيرة ، وقد يسقط في حفرة ، ولا يضيق بما يلاقي من عقبات ، ويتابع حركته ، في صعود وهبوط ، وبعض هؤلاء قد يسقطون في بئر عميقةٍ ولا يستطيعون الخروج ، فيستسلمون لواقعهم ، والبعض يتابعون صعودهم ، ومن قلّ ذكاؤه وكبر طموحه فغالباً ما يسقط في بداية الطريق ، ومن كان أكثر ذكاءً وحذراً فقد يتخطى العقبات الصعبة ويجتاز الأزمات ، ومعظم من ينجح من هؤلاء تلعب الصدفة دوراً مهماً في حياته ، ويستفيد من أخطاء غيره وعثرات الآخرين ، فيحسن الاستفادة من كلّ طرف جديد ليبني عليه مجده الذي يبحث عنه , ومثل هؤلاء قلّما يغريهم الترف أو يستسلمون للفشل ، فالوقود الداخليّ يدفعهم إلى الأمام دائماً ، وأخيراً يستقر بهم المقام في قمة عالية أو في هاوية مقفرة مظلمة ..

والطموح لا تكلّف فيه ، ولا يُستدعي متى أراده صاحبه ، وكلّ إنسان يطمح في بداية حياته وسرعان ما يخبو هذا الطموح مع الواقع ، إلا عند أولئك الذين لا ينطفئ طموحهم ولو صادفتهم العواصف الشديدة …

وأصحاب الطموح أقوياء النفوس جادون حذرون متوترون ، وكوابيس الليل تُقلقهم دائماً ، وقلّما يألفون ما أعتاد عليه الناس من العوائد الاجتماعية ، ويغلب عليهم التأمل والصمت والعُزلة ، ومعظمهم يعيش حياة معاناةٍ داخلية ، وغُربةٍ نفسية ، وتوترٍ دائم ، وأحلامٍ يقظةٍ مستمرة ، ويرون أنفسهم أكبر من واقعهم ، ويكبر وهمهم ، وهم أكثر تضحية وقبولاً للفشل…

والصدفة تلعب دوراً كبيراً في حياة هؤلاء ، وهذه الصدفة التي لا يمكن لأحد أن يتوقعها قد تسهم في نجاحهم أو فشلهم ، وقد يكون الفشل طريقاً لنجاحهم ، فالموفقون من هؤلاء تُعبد لهم الطرق ، وتُيسّر لهم الأسباب من غير تخطيط مسبق ، وغير الموفقين تُغلق في وجوهم الأبواب وتُسدّ أمامهم الطرق ، وما قدر للإنسان أن يكون فلا بد إلا أن يكون ، ومن نَسب الأمر إلى ذكائه وعبقريته فقد أخطأ الفهم ، فقد فشل الكثير من أهل الذكاء والدهاء ونجح الكثير ممن لا يتوفر فيه ذلك الذكاء المتميز ، فالله تعالى هو الذي يعطي ويمنع ، ويشرح القلوب ويقبضها متى شاء ، وما قُدّر للإنسان سيكون ، ولا نجاح ولا فشل ، ويساق الإنسان إلى قدره بإرادة الله وحكمته .

( الزيارات : 1٬750 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *