كورونا .نظرة تأملية

ذاكرة الايام .كورونا .. نظرة تاملية

في بداية عام 2020-هاجم وباء كورونا الاسرة الكونية في كل مكان من الارض في البر وفي البحر , واوقف كل مظاهر الحياة وانشطة الانسان ، واخاف الناس وادخلهم بيوتهم وكاد ان يوقف كل شيئ ، ويعيد ترتيب  اسلوب الحياة من جديد وفق صيغةً. غير مألوفة من قبل ، ولكل احد تفسيره لتلك الظاهرة الوبائية ، ولا احد يملك من امره شيئا عندما يهاجمه الفيروس ويفتك به بغير رحمة ولا يعنيه من هو ولا يقبل شفيعا  ، كل جهد الانسان وعلمه  الذى يفخربه  وقف عاجزا عن التصدي لذلك الفيروس ، وكادت الانسانية ان تستسلم له  وتتعايش معه وتقبل به  ولا خيار لها الا ان تفعل ، وقلت في نفسي : ما العمل لو ان الفيروس اتسع خطره. وتضاعفت ضحاياه عشرة اضعاف اخري ، اي خيار يملكه الانسان امام ذلك العدو الذي لا يعرف الرحمة ولا يهادن ولا يفاوض ، ما زال الفيروس يقف علي الابواب ولا يدخل البيوت المغلقة، وما العمل لو اقتحم تلك البيوت عن طريق الهواء واصبح الهواء الذي نستنشقه يحمل ذلك الفيروس ويدخل كل المخادع المحصنة ، لا شيئ امام الانسانية الا ان تقبله كما هو ، ولو تضاعفت ضحاياه عشرات المرات ، كنت أحاول ان افهم تلك الظاهرة بعيدا عن اسبابها الظاهرة من منطلق ايماني ، فالعقل لا يملك اي تفسير لاسبابه ولا اي وسيلة للتغلب عليه ، ووقف العلم عاجزا عن ايجاد العلاجات واللقاحات اللازمة ، هو رسالة من الله لكل هذه الاسرة الكونية ، وهي رسالةً موقظة لذلك الانسان الذي طغي في الارض وتجبر ، واخذ يعبث. بالحياة ، وادعي انه اصبح يملك كل اسرار الكون وقوانين الطبيعة ، وهذه هي الطبيعة امامكم وانتم عاجزون عن التحكم فيها وايجاد حلول لمشكلاتكم ، لا احد يجد افقا لما عليه الانسانية من محنة طالت واستعصت ، ولا احد يعرف متي يتوقف ذلك الفيروس وينسحب  ، كم كان الانسان في سعادة لم يشعر بها من قبل. ، كان يفعل كل شيئ سعيدا به من غير خوف. ، كل اسرة اصبحت خائفة علي اطفالها وهم يذهبون الي المدرسة ، وكل اسرة تجتمع كل مساء لكي تسمع اخبار المصابين . العدد. يزداد وينقص ، ويتناقلون. اخبار المدارس والمعامل والاسواق والاحياء التي اغلقت بسبب اكتشاف المرض فيها ، لا احد يدري هل نحن في البداية او النهاية ، ومن يدري فقد تطول المحنة وتتسع ، والي اين نحن واصلون ، ، وقد نتعايش معه ونقبل به ، نحن نحتاج الي ذلك الايمان الروحي الذي يساعدنا علي تقبل الوباء كماهو ، ولا خيار الا ان نقبله. ونتعايش معه مهما كانت اخطاره ، أتوقع ان ما بعد كورونا سوف يكون مختلفا عما كان من قبل ، وبخاصة اذا امتد لفترة اطول وترك اثاره في النفوس ، لا خيار الا ان نسلم امرنا لله تعالي ، وكنت اسمع هذا لدي كثير من الناس الذين سلموا امرهم لله من غير تقصير في الوقاية منه بكل الاسباب الممكنة ،. ما اقسي ذلك الانسان ، وهو يستغل ازمة اخيه الانسان لكي يستغله فيما يحتاج اليه ، ما ابشع الاتجار بحاجات الانسان الضرورية في محنته. ، كم نحتاج الي تلك المشاعر الايمانية التي تدفع الانسان للرحمة بكل الاخرين من عياد الله ، كل الاخرين من المستضعفين في الارض يملكون كل الحقوق التي يملكها غيرهم من طغاة الارض الذين عبثوا في هذه الحياة واستغلوا واحتكروا وظلموا واغتصبوا السلطة واكتنزوا المال واتسعت ملكياتهم وتضخمت. ثرواتهم ، كم كانت كورونا عادلة وهي لم تميز بين قوي وضعيف وبين غني وفقير ، كم نحتاج لذلك التوجيه الديني الذي يعلمنا كيف نشعربانسانيتنا كاسرة واحدة. متكافلة. مؤتمنة علي الحياة ان تستمر لان الله ارادها ان تكون لكل عياده ، ذلك هو الاسلام الحق كما افهمه ، وتلك هي رسالته الكونية التي تهدف الي اشعار الانسان بانسانيته ، وان يتحرر من انانيته البغيضة. التي تدفعه لذلك الجشع في اغتصاب حقوق كل المستضعفين ، رسالة كورونا ناطقة ومعبرة وصادقة ، وغايتها ان توقظ ذلك الانسان من غفوته ، وان تعيده الي حجمه الطبيعي كعبد لله اراده الله ان يكون مستخلفا علي الارض لكي تستمر الحياة باسبابها كحق من الله تعالي لكل عباده ، كنت انساءل : لما ذَا الحروب ولماذا انتاج السلاح والاتجار به ، هل هو لقتل الانسان واذلاله واخضاعه واغتصاب كل حقوقه ، اليست هذه هي العبودية الجديدة التي حرمها الاسلام ، الذي يملك السلاح ويستخدمه هم طغاة الارض من الافراد والدول ضد الشعوب المستضعفة للتحكم في امرها والاستيلاء علي ثرواتها وتوجيه سياستها لتمكين الطغاة من التحكم في جياة  المستضعفين من الافراد والدول , لا بد من اصلاح النظم الاجتماعية ، وبخاصة السياسية والاقتصادية للتغلب علي تلك الانانية الاستغلالية  البغيضة ، تلك هي رسالة الدين الحقيقية ان تستقيم الحياة بكل اسبابها من غير طغيان وظلم واستغلال ، الدين رسالة الهية تخاطب كل جيل بما خوطب به الجيل السابق له ان يكونوا صالحين ، وطريق الصلاح هو الايمان بالله ولا احد معه في اي وصف من اوصافه ، والامر الثاني احترام. الحقوق كما امر الله بها عن طريق وضع نظم تحقق العدالة. في تلك الحقوق ، والامرالثالث : احترام الحياة بكل اسبابها. عن طريق احترام الانسان بكل حقوقه التي ضمنها الله له ، والانسان هو المؤتمن علي الحياة بما امده الله من قدرات تسهم في حسُن الفهم لما هو مكلف به من الله ، بحيث يستخدم كل قوة بالكيفية التي تؤدي مهمتها في كمال الحياة ، وهذه القوي هي  القوة الغريزية التي يتحقق بها الكمال البدني بكل اسبابه , والقوة ا لعقلية التي تنير لذلك الانسان طريقه في الحياة ، والقوة الروحية التي تنمي فيه الاستعداد للخير ومشاعر الرحمة ، تلك القوي الثلاث تعمل بانسجام وتوازن ، واي خلل في تلك القوي يحدث اثرا سلبيا في الموازين النفسية وخللا فى  معاييرها ، ويؤدي ذلك الخلل الي نتايج بنعكس اثرها على الفكر والسلوك واهم اثارها  :

اولا التعصب والتطرف و العنف نتيجة سيطرة القوة الغريزية الغضبية علي القوتين العقلية والروحية ،

وثانيا : الانانية البغيضة الناتجة عن طغيان القوة. العقلية علي القوة الروحية فتنمو الانانية وتكون بها القسوة نتيجة تسخير القوة العقلية لخدمة الاطماع الناتجة عن القوة الشهوانية ،

 وثالثا : الخفة والسذاجة في التفكير والشعور باللامبالاة وعدم المسؤولية الناتجة عن غياب العقل والاستغناء عنه وتوهم. السمو الروحي بعيدا عن الضوابط العقلية. التي تمنع الانحراف في الافكار التي تدفع صاحبها للضلال في فهم. القيم الايمانية ، وتكثر تلك الظاهرة في المجتمعات التي. يكثر الجهل فيها وتصبح الاهواء غالبة ومتحكمة في صاحبها. ، لا بد من التوازن في القوي الثلاث لمنع طغيان احدي هذه القوي علي الاخري ، فيكون بذلك الخلل الناتج عن سوء التكوين ، ومن اهم الاسباب التي نساعد  علي ذلك الخلل. امور ثلاثة : اولا الاستعداد الفطري الموجه. للارادة نتيجة عوامل وراثية لا سبيل للتحكم فيها ،

وثانيا : التربية الاسرية. والبيئة الاجتماعية في الطفولة المؤثرة في تكوين الشخصية وما تخفيه في الذاكرة من اسرار ما زالت عالقة في الذهن

، وثالثا : المواقف. المؤثرة والمعاناة المؤلمة والجارحة التي تهيئ الشخصية لصدور افعالها بطريقة. تلقائية ، واخطرها الانانية والقسوة والرغبة في اذلال الاخرين واخضاعهم. ، وكنت اشعر ان الانسان يحتاج الي رسالةً موقظة لكيلا يعبث بالحياة بالكيفية التي.يجب ان  تعيش فيها الاسرة الكونية : ليس عدلا ان يكون اي فرد يملك القوة العسكرية يحكم سيطرته علي الحياة لانه يملك السلاح القاتل الذي قد ينطلق يوما لتدمير الحياة ، وليس عدلا ما نراه من تغالب. غير عادل بين الدول والشعوب للدفاع عن مصالحها. وامتيازاتها ، ما نراه ليس عادلا ، ولا بد من انسانية تحترم الحياة ، فالحياة اما انً تكون لكل العباد بكل اسبابها اولا تكون ، الفرعونية. مرتبة وجودية ولا بد من مقاومتها والتغلب عليها ، تلك هي رسالة الدين من قبل ومن بعد ، لقد بلغ نظام الكون شيخوخته ولا بد من نظام جديد اكثر عدلا وواقعية وانسانية ، مجتمع تكافلي لا طبقية فيه ولا انانية معتمدة علي القوة ، ولا ملكيات فردية خارج. قيمة الجهد المشروع ، ولا توارث لا سباب المجد الا بجهد صالح يخدم مجتمعه ، وكل جهد انساني يجب ان يتجه لخدمة الحياة واستمرارها ، وباء كورونا رسالة موقظة وليست هي النهاية ، فما اتوقعه ان تعود الحياة كما كانت من قبل بعقليةً جديدة اكثر واقعية ، المهم ان تعود الحياة بما يضمن استمرار الحياة من النظم التي تحقق العدالة في الحقوق وتجعل الحياة اكثر انسانية واخلاقية .

( الزيارات : 496 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *