كورونا والطير الابابيل

كلمات مضيئة ..كورونا والطير الابابيل
ًمن عادتي في شهر رمضان ان انصت كثيرا الي تلاوة القرآن الكريم ، واستمتع بما اسمعه وأتأمل فيه وكأنني انا المخاطب به ، وكنت اجد الكثير من الأجوبة علي ما في نفسي من التساؤلات ، ما كنت افهمه  كنت ارى فيه الحق , لم تكن من عادتى ان ارجع الى كلام المفسرين الا عندما  احتج الى فهم مفردة جاءت فى القران او معرفة سبب النزول او معرفة راي من كنت  اهتم برأيه من المفسرين الاوائل من التفسير الماثور ,  ووقفت طويلا عند الآيات القرآنية في ورث سورة الكهف التي كنت احب سماعها باستمرار ، وبخاصة يوم الجمعة قبل الصلاة ، ووقفت طويلا عند الايات القرآنية التالية ، وكنت أعيش محنة كورونا واحاول ان افهم رسالتها ، وتصورت مجتمعنا  يتحكم فى امره سفهاؤه  , وهو يعاني من هذا الوباء وتصورت  احد  الطغاة في الارض من الافراد والدول وهو يقول باستكبار لمن حوله ممن استخف بعقولهم وينظر لما كان يملكه من الجنات :  ما أظن ان تبيد هذه ابدا وما أظن الساعة قائمة و وفجاة وعلى غير توقع منه احبط بامره واصبح يقلب كفيه علي ما انفق فيها وهي خاوية علي عروشها ، ما احوج الانسان الي رسالةً موقظة تشعره بضعفه وعجزه امام ما اراده الله ،
قال تعالي فى سورة الكهف  : وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا (36) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37) لَّٰكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38) وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا (39) فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40) أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42) وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا (43) هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ۚ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (سورة الكهف).
وتصورت ذلك المشهد  وأمسكت بالقلم وأخذت اسجل ما كنت افكر فيه وانا أعيش داخل منزلي منذ ثلاثة اشهر من الحجر الصحي الذى يعيشه  العالم كله ، ، ولم يكن احد قبل ذلك يتخيل ان يحصل ما حصل. ومن المشكوك فيه ان يرجع. العالم الي ماكان عليه.بعد محنة كورونا ، لم يكن يخطر علي بال اي احد ان ما عليه الاسرة الكونية في كل مكان في الارض يمكنه ان يكون كما هو الان في ظل كورونا ، لم يتخيل اي احد ان ذلك الجبروت الانساني الذي يمثله ذلك الانسان القوي بما يملكه من اسباب والذي. طغي في الارض وعلا واستكبر يمكنه ان يصغر ويتلاشيى فجأة. ، ويعلن عن عجزه.عن مقاومته  ويظهره ضعيفا خائفا وجلا لا يمكنه ان يخرج من بيته. ولا ان يقترب من اقرب الناس اليه او يحضن ولده او يقبّل عزيزا عليه او يستقبل في بيته من كان. قريبًا اليه من أحبائه ، لا احد ممن سيأتي من بعد من الاجيال سيصدق ماعليه الانسان اليوم في كل مكان. كما نراه في حيرته وشعوره بالعجزوالهوان ، الملوك وكل طغاة الارض وكل الاقوياء الذي ظنوا ان حصونهم مانعتهم من الله ضعفوا والتزموا بيوتهم ، لقد أذاقهم. الله ذلك الشعور بالخوف والضعف. والعجز ، لم يكن الكثير من الناس يصدق. ان الطير الأبابيل ستعود من جديد. في ثوب جديد لتطارد. الشر والطغيان في الارض الذين تحدوا الله فى ظلم عباده  كما لم تفعل من قبل ، ثلاثة اشهر فقط لم يعد الانسان كما كان من قبل ، توقف كل شيئ وصغر كل الكبار وشعروا بالعجز الانساني عن التوصل الي حلول لإيقاف ذلك الطير الابابيل الذي يقف خلف كل الابواب المغلقة علي من فيها من طغاة الارض  الذين اعتادوا  الا يخافوا من احد ابدا ويترصد. كل خارج من داره ويرميه. بسهم يسقطه أرضا  من غير مراعاة لما هو فيه من القوة  ، خوف غريب عجيب لم تشهده الانسانية من قبل ، لا شيئ في الكون يثير الاهتمام الا حديث كورونا ذلك العدو الذي هاجم كل الاسرة الكونية في كل مكان في الارض ولم يستثن احدا حتي السفن العابرة للمحيطات التي. تهدد الحياة وتخيف كل المتمردين علي الظلم والرافضين لتلك العبودية الجديدة التي يحميها الاشرار. في البر والبحر وفى كل مكان ، كورونا الوباء لا يري ولا يسمع. ، لقد اعتلي شوامخ الأبنية واقتحم كل الحصون ولا يقبل رجاء ولا شفيعا ، لا احد خارج الخطر المحدق الذي تمثله كورونا الاسم الذي سيبقي في ذاكرة هذا الجيل وكل الاجيال. المقبلة ، لقد دخل التاريخ. ليس كأسطورة تروي بعد قرون او تسمع كحكاية تتناقلها الاجيال ، الكل يأمل ان تنتهي هذه المِحنة قريبا ، وهناك سؤال لا يجرؤ احد ان يسأله ولو كان في كل ذاكرة ، وما ذا لو استمرت كورونا او تجددت في كل خريف او ربيع كضيف ثقيل . يزور الانسانية باسماء جديدة من الاوبئة التي تهدد الحياة، لا بد من التصحيح والعمل لحياة. انسانية بغير تلك المظاهر العبثية التي كانت. تعبر عن جهل الانسان بربه ، وغفلته عنه ، قصة كورونا ليست من أساطير الاولين ، انها حقيقة. نعيشها ونصف القليل مما تركته من ذكريات  ، وما خفي من اسرارها هو الاقسي ، هناك من يتكلم عن المؤامرة للتحكم في الكون وفرض واقع جديد ونظام عالمي جديد ، وقيم جديدة ، كل شيئ يمكنه ان يكون ، الخسائر المادية مرعبة ، والإصابات المعلنة تقارب خمسة ملا يين إصابة ، والوفيات قرابة تلاثمائة الف وفاة ، أكثرها في أوروبا وأمريكا البلاد الاقوي والأشد صلابة وقوة ، ما زالت الانسانية تعيش في حالة الحجر الصحي الذي ضاق الناس به ، ولَم تخرج منه. ، كل المجتمعات في حالة تململ وكاد ان يصل الي حالة. الاحباط واليأس ، سيخرج الناس من المنازل مهما كانت النتائج. والأخطار ، وهناك شعار يتردد في كل مكان : لا بد من التعايش مع هذا الوباء مهما كان الثمن ، والسؤال الذي يجب طرحه : هل تعلم الانسان من هذه التجربة ، هل استفاد منها ، وهل توقف السفهاء عن ذلك السفه ، وهل توقفت الحروب التي كان الاتجار بها مهنة مربحة  للكسب الفاحش الخارج عن كل قانون  عن طريق. تشجيع الخلافات. الاقليمية. لسرقة ثروات الشعوب ودفعها للاستدانة لاجل شراء السلاح ، واصبحت المديونيات هي الوسيلة التي يمكن عن طريقها استنزاف كل ثروات الشعوب المتخلفة التي تعقد صفقات السلاح كرشوة متجددة. لتلك الدول القوية لتحمى نفسها  من العدوان وتستري به صمتها.عند التجاوز  وحماية الانظمة من شعوبها ، لا يمكن للعالم كله ان يكون سوقًا تجارية للمتكين علي الأرائك من السفهاء والمترفين الذين جمعوا ثرواتهم الكبيرة، من اغتصابهم للحقوق وسرقتهم لقيمة جهود المستضعفين من العاملين والكادحين في المزارع والمعامل والمناجم ولكل الذين يدافعون عن الحياة ويسهمون في في المصحات والمستشفيا ت وفي المدارس والمعاهد العلمية الذين يخدمون تلك الاجيال وينهضو ن بالانسان ، لا بدمن التصحيح الحقيقي الذي يعيد. المسيرة الانسانية الي إنسانيتها لكي تستمر الحياة كما ارادها الله ، المخاطب هو الانسان المستخلف علي الارض ، وعليه ان. يتحمل مسؤولية الحفاظ علي الحياة بمفهوم جديد للحياة يتوجه الاهتمام فيه لحماية تلك الحياة من. سفهاء الارض وطغاتها الذين استعبدوا الانسان واذلوه ، رسالة الدّين ان يحرر الانسانية من العبودية لغير الله ، ان يحررهم من سلطةالطغاة في الارض من الحكام المستبدين ومغتصبي الحقو ق من رموز المال والاستغلال  ، وهم رمو ز الفساد في الارض الذين قسوا وظلموا وسرقوا. وسخروا الحكام لخدمتهم. والدولة لحمايتهم تحت شعار العدالة والقانون ، رسالة الدين تحرير الانسان من. العبودية الجديدة ومن الاستغلال لحقوقه وسرقة قيمة جهده وعمله واكل ماله بالباطل ، عن طريق انتقاص اجره واستغلال حاجته في العقود والمبايعات لتحقيق أرباح فاحشة. ، كل ذلك من الربا الذي حرمه الله علي كل عباده وهو الذي سيمحقه الله لامحالة وهذا هو الربا الاشد خطورة  والاقسى ظلما ،عن طريق كورونا او تلك الحروب العدوانية. التي. هي اسوأ تراث الانسانية لانها تمكن الاقوياء من الضعفاء وتخيفهم من تلك الحروب المدمرة التي اخترعها الانسان لتمكينه من العدوان ، الحياة امانة من الله ، والانسان مؤتمن ومستخلف ان تكون الحياة عادلة وان يقع التكافل فيها للدفاع عن الحياة بكل اسبابها ، واعداء الحياة هم اعداء الانسانية ، وكل من اسهم في تهديد الحياة من الافراد والدول يجب ان يحاسب جنائيا علي جريمته ويجب ان يتحمل مسؤولية الضرر الذي الحقه بالإنسانية ولو عن طريق الاهمال والتقصير، ، لا احد خارج المسؤولية عن أعماله ، التي تهدد الحياة ، ومن ابرز هؤلاء الذين يلوثون البيئة باستخدام. الطاقة التي تلوث الطبيعة وتنشر الأمراض ، وكنتً أعددت بحثا في الاكاديمية المغربية عن المسؤلية الناتجة عن الكوارث النووية. ، وتجب محاسبة كل الذين يعتدون علي الحياة والا نسان , وتلك مسؤولية الاجيال القادمة ان تقاوم الظلم والطبقية والطغيان والاحتكار والاستغلال ، هذا هو الربا المحرم وهو كل ما ارتبط بظلم من الزيادات في الاموال الناتجة عن الفساد في الارض. ، يجب ان يتحرر الانسان من الخوف من الطغاة والسفهاء الذي ينشرون الخوف في القلوب. ، وانً يتصدي الانسان. للدفاع عن انسانيته المنتقصة.والمستذلة ، عن طريق التكاتف الانساني للدفاع عن الحياة مما يشجع الطغيان في الارض. و الخوف منه والتعايش معه. وتمكينه. وترسيخه ، واهم. الخطوات في ذلك هو اقتلاع انياب الطغيان في الارض. لكيلا تكون جارحة ومؤلمة عن طريق تقليم تلك الأظافر التي استطالت ، واهمها. منع انتاج السلاح والاتجار به ، والتكاتف لمنع العدوان. علي الحياة بأ يةً طريقة ، لا احد اولي بالحياة من احد ، ولا احد اقرب الي الله الا بعمله الصالح ، لا بد من التصحيح الحقيقي واعادة احياء المفاهيم الاسلامية الحقيقية المستمدة من القران الكريم ومن السيرة النبوية ، والتي انحرف الكثير منها خلال التاريخ الذي تحكم فيه المنتصرون وسجلوا فيه ما ارادوه من تمجيد للقيم الاصيلة التى تعبر عن الرحمة  ، ومن المؤسف ان يصبح الناريخ حجة ويصبح ما كتبه فقهاء السلطة وقضاتها دليلا يحتج به ويفسر به الدين ويعبر عن احكامه ، ويحتج به علي النصوص الدينية الأصيلة. لا قداسة للناريخ ولا لجهد الفقهاء والقضاة فيما كان ثمرة مجتمعهم لتبرير ما كان عليه ، ولا يحتج بالتاريخ ولا بمن كتبه او انتفع به علي الدين الذي جاء من عند الله ، فالدين يستمد من نصوصه الأصلية التي خوطب بها الانسان ، وهو المؤتمن ان يفهمها. بما يحقق الاغراض المرجوة منها..

( الزيارات : 450 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *