لا اجتهاد لغير اهل الاختصاص

كلمات مضيئة..لا اجتهاد لغير اهل الاختصاص

تاملت طويلا فيما كتبه ابن خلدون عن اهمية اعتماد اصول العادة وقواعد العمران فى فهم الرواية التاريخية لاكتشاف الوهم والمببالغة فى كل ما يتعلق بالرواية التاريخية , وهذا يقودنا الى اهمية تحكيم المنطق العقلى فى فهم كل الظواهر الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية وكل ما ارتبط بشؤون المال والمعاس والكسب وتطور الصناعات واثر السلطة والجاه فى الكسب , وكيف يمكن للمال ان يكبر وللكسب ان يتضاعف بفضل عوامل خارجية لاعلاقة لها بقيمة الجهد وعدالة الاجر , وهذا هو الكسب غير المشروع , كل زيادة غير مشروعة فى الربح والكسب فهي من الظلم الذي يحرمه الدين , وهو نوع من انواع الربا , ليست هناك صورة وحيدة للربا والاحتكار , وكل كسب يتم عن طريق استغلال حاجة المستضعفين من المستهلكين والماجورين والمستاجرين فهو من الصور المحرمة لانها من اكل اموال الناس بالباطل عن طريق استغلال حاجتهم وضعفهم وجهلهم , مهمة الدين ان يحمى كل المغفلين والمستضعفين من كل استغلال لجهلهم لتحقيق ربح مضاعف او يزيد عن قيمة الجهد , عندما يختص الاجتهاد الفقهي باهل الاختصاص فيما يقع النظر فيه , لا يحتج برأي غير اهل الاختصاص  , قضايا الاقتصاد يختص بها اهل الاقتصاد والعاملون فيه ممن يعرفون الخفايا والبواعث والعواقب , وما اجمع عليه اهل الاختصاص فهو الملزم لغيرهم وما اختلفوا فيه فينظر فيه ولا يخرج عن رأيهم , وكل ما ارتبط بالصحة والابدان فالاطباء المختصون هم اهل الاجتهاد فيه ولا راي لغيرهم  , اما التجارة والاسواق فاهل السوق هم اهل الراي والاجتهاد فى كل المسائل التى تدخل فى اختصاصهم , ولكل مهنة اهلها وهم الاعلم بها وهم الذين يجتهدون ولا رأي لغيرهم فيما يجهلون , فاذا تجاوزوا وظلموا طمعا فى مزيد من الربح فهم مسؤولون عما اجتهدوا فيه , وليس هناك مفهوم محدد للعدالة , ما يكون الجور فيه فهو مناف للعدالة , العدالة هي ان يكون التوزيع عادلا لا ظلم فيه , اذا انحرفت اعراف التجار عن العدالة طمعا فى مزيد من الاستغلال والربح فيحتكم الى جهة نافذة  من اهل الاختصاص والورع والتقوى ممن تقع الثقة بهم , الطامعون لا ثقة بهم , ولا يحتكم اليهم , الاعراف متجددة ومتطورة الى الاعدل والافضل والاكثر رحمة بالمستضعفين , ولكل مجتمع اعرافه وتقاليده ولكل عصر قيمه , اهم مصدر لفهم العدالة هي الفطرة الانسانية التى تحسن معنى العدالة  وتحترم حاجة المستضعفين فلا يفرض عليهم من الاعباء مايثقل عليهم , وكل المجتمع مسؤول عن ظلم مظلوم وجوع جائع وحرمان صاحب حق من حقه , العدالة ليست مجرد شعار وانما شعور بانتفاء الظلم عن المظلومين , الاقوياء يتوهمون ان العدالة هي ما يتوهمون انها العدالة , عدالة الاقوياء ليست عدالة لان الاقوياء لا يعدلون , العدالة هي التى تشعر المظلوم بانتفاء الظلم , ماكان ثمرة جهد الانسان بطريقة لاظلم فيها ولا استغلال فهو كسب مشروع وهي ملكه وينفق منه باعتدال ويورث عنه,  وماكان ثمرة استغلال حاجة المحتاجين فيما ارتبطت حياتهم به فهو كسب غير مشروع ولا يورث ويسترد ممن استولى عليه ويعاد الى المجتمع لانه اولى به واحق , الظلم يولد الحقد الاجتماعى ويسهم فى ايجاد العداوات بين افراد المجتمع الواحد ,   مهمة الدين ان ينمى القيم الايمانية والروحية لكي يكون المجتمع اكثر قابلية للخير واكثر تراحما وتكافلا , النظام الاجتماعي هو وليد جهد الانسان واختيارهم العقلى , عندما يرتقي  الانسان اخلاقيا وروحيا يرتقى نظامه الذى يختاره فيكون اكثر عدالة ورحمة ..

( الزيارات : 509 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *