مجامع علمية ومؤتمرات

ذاكرة الايام .. مجامع علمية ومؤتمرات

ما زلت اذكر ذلك اليوم في نهاية الثمانينات من القرن الماضي عندما زارني المفكر الاردني الكبير الدكتور ناصر الدين الأسد في منزلي في الرباط ولم اكن اعرفه من قبل ، وأبلغني باختياري عضوا في المجمع الملكي الاردني الذي كان يرأسه تحت إشراف ولي عهد الأردن الامير الحسن بن طلال ، كانً المجمع الملكي مشروعا ثقافيا كبيرا لخدمة الفكر الاسلامى , وغايته خدمة ذلك الفكر  والتعريف به وإغناء الدراسات العلمية بجهد كفاءات علمية من اعلام يمثلون مختلف البلاد الاسلامية ، وقد ضم المجمع قرابة مأئة شخصية علمية متميزة فى مجتمعها  ، وكان المجمع صاحب رسالة علمية ارادها الاردن ان يتحمل مسؤوليتها ، وضم المجمع الكثير من الرموز الكبيرة في ميادين. الفكر والدراسات الاسلامية والعربية ممن خدموا التراث وأسهموا. في احيائه واغنائه . ، وحضرت الكثير من المؤتمرات التي نظمها المجمع تحت إشراف الامير الحسن وبتشجيع منه وكان شخصية مثقفة طموحة  ، وكان يحضر ويشارك في الحوارات ، كانً الدكتور ناصرالدين  الأسد هو المؤسس لذلك تلمجمع وكان وزيرا للتعليم العالي ، وكان من اشهر الكفاءات الأردنية ، وكنا نلتقي في رحاب المجتمع كل ثلاث سنوات واصبحت تربطنى به صلة صداقة ومودة ، المجمع الملكي في الأردن قريب الشبه. بالأكاديمية المغربية التى اسسها الملك الحسن الثانى  وكان يختار اعضاءها بنفسه ، كانت الاكاديمية تهتم بقضايا سياسية واستراتيجية  من منطلق فكرى وتعالج أزمات  ذات صبغة  دولية  وكان يريد ان يوجد لرجال الفكر منبرا يتحاورون فيه ,  وتضم كفاءات تمثل كل الاديان والثقافات من كل الدول كما تضم اهم الرموز العلمية المغربية والعربية ، ممن  اسهموا في خدمة التراث الانساني بشكل عام ،فى  مختلف مجالات المعرفة ,  اما المجمع الاردني فيختص بقضايا الفكر الاسلامي ، وكان هناك المؤتمر الاسلامي الكبير الذي ينظمه المجلس الأعلي للشؤون الاسلامية في مصر. كل عام ، وكنت أشارك فيه  ، وكانت كل مؤسسة تخدم الهدف الذي أنشئت لاجله ،. وهذه المؤسسات. تسهم في ذلك التلاقي والتعارف الضروري بين تلك الرموز الاسلامية ، وهناك مؤتمرات اخري. تخدم سياسة البلد الذي تنظمه وتعبر عنه. ، وحضرت بعض المؤتمرات وكانت مكشوفة الاهداف واضحة المقاصد بطريفة تفقد تلك المؤتمرات قيمتها  العلمية وتصبح مجرد ادوات لخدمة سياسات محلية  ، كنت اريد ان يتحرر الاسلام من الوصاية عليه لكيلا يكون مطية لاحد ،وتلك هي مسؤولية اهل العلم ان يحرروا العلم من التبعية لكيلا يفقد العلماء هيبتهم ,  الاسلام رسالة الهية لكل عباد الله ومعيار التفاضل فيه هو العمل الصالح  واحترام العدالة فى الحقوق  والاستقامة  فى السلوك ، ويستمد الاسلام من الاسلام فقط من غير وصاية عليه ، ولا يستمد من تاريخ المسلمين  الذى انحرف كثيرا عن الاسلام , والاسلام الحق. هو ما يجب العمل لاجله تعريفًا به والتزاما به لانه من الله ، اما اسلام الأنظمة فهو اسلام  سياسي  يخدم تلك الأنظمة ويبرر سياستها  ولو كانت جائرة ومستبدة  اكثر مما يخدم الاسلام نفسه كفكر وثقافة ، وتلك هي محنة الاسلام  التاريخية . فيمن يجعله مطيته لما يريد من سلطة ومال ومصالح  ، عندما يتحرر الاسلام من الوصاية عليه تبرز ملامحه الاصيلة كرسالة هداية ايمانية اولا وكمنهجية للحياة بما يضمن استمرارها من خلال. الالتزام بتلك المنهجية التي تعتمد علي اركان ثلاثة. : الاول : الايمان بالله. وتعميق ذلك الايمان  بكل ما يضمن التعبير عنه عن طريق اداء العبادات لله تعالي بالكيفية التى تحترم فيه اداب العبدة  ،

الثاني : بيان اصول الحقوق بطريقة عادلة تضمن الكرامة. عن طريق الكفاية لضمان اسباب الحياة. ،

 والثالث: تحريم كل ما يؤدي الي الظلم في الحقوق والاستغلال. في العقود. والاستبداد في السلطة. وارتكاب ما حرمه الله من الفواحش في السلوك ، واشدها. ظلما قتل الانسان والعدوان علي حق من حقوقه التي ارتبطت حياته بها  ، وبخاصة الظلم  الذى  يؤدي الي الطبقية الاجتماعية  المؤدية الى حرمان المستضعفين من اسباب حياتهم ، . وهذا من الفساد في الارض، اذا لم تتحرر المؤسسيات العلمية من التبعية والتقليد. والوصاية فلن تنهض مهمتها ولن تثمر أشجارها ولو اصبحت غابات كثيفة ، لا بد من الثمرة المرجوة التي تحمل ملامح مجتمعها والتي تسهم في يقظة ذلك المجتمع عن طريق تصحيح مناهج التعليم والتكوين لاعادة صياغة الانسان بحيث يكون اقل انانية وتعصبًا واكثر فهمًا للحياة كرحلة مؤقتة. يعيشها الانسان من غير انانية وكراهية ، كنت اجد ان تلك المؤتمرات التي تضم افضل الكفاءات العلمية هي المكان المؤهل لكي تحمل امانة التغيير والتصحيح بشرط ان تتحرر من الوصاية عليها وتوجيه.اهتماماتها ، واري ان اسباب تلك المحنة هي الطمع في. الدنيا والحرص علي استرضاء المطموع فيهم ممن يوجهون تلك القافلة العلمية ويختارون لها. طريقها ، ويتحكمون في موازين العدالة. ومعايير الحق،لست من أنصار الاصطدام والتحدي والمواجهة. فذلك منهج الجاهلين. ، وانما من منطلق. الكلمة الصادقة والنصيحة التي يراد بها التعبير عن الحق ، كل ما نفكر فيه يمكننا ان نعبر عنه بالكلمة الصادقة ومن منطلق الرغبة في التصحيح ، كلمة الحق مسموعة. وفي موطن الاحترام بشرط ان تصدر من رموز صادقة من غير انفعال جاهل ولا توظيف  للحرية فىما يجعل الحرية مطية للسفهاء  ، مهمة رموز العلم ان يقولوا كلمة الحق ، ولاوصاية لهم علي ذلك الحق ،فهناك غيرهم ولهم معاييرهم لفهم ذلك الحق ، مما كان يحزنني انني كنت اري البعض يتوهم انه الاولي بالحق وبالدين. وانه الوصي عليه ، وان من حقه ان يراقب الجميع وان يتدخل في امر من خالفه في رأي ، مثل هؤلاء يكثرون في المجتمع الذي يكثر الجهلة فيه، ويمتطون صهوة الدين لكي يكون بالنسبة لهم. اداة لمخاصمة من يريدون باسم الدين ، هناك غياب حقيقي لفهم رسالة الدين كرسالة هداية من الله ، هناك. سؤال ملح كنت اطرحه علي نفسي ، وسألت السيد النبهان عنه ، ما ذَا يريد الله من عباده من خلال رسالة الانبياء : قال لي كلمة ما زالت تتردد في الذاكرة وهي اجمل كلمة تعلمت منها : قال لي : يريد الله من عباده ان يكونوا صالحين لا يظلمون ولا يفسدون في الارض لانهم مستخلفون علي هذه الارض ، والمستخلف مؤتمن علي الحياة ان تكون عادلة في مجال الحقوق وتحترم فيها الحياة، تلك هي مهمة تلك. المؤسسات العلمية,  ومهمة من ينتمي اليها ان يضيف لبنة واحدة تسهم في اعلاء ذلك الصرح الكبير الذي نفخر به ، وهو الاسلام الذي اراده الله. منهج هداية. لكل عباده ..

( الزيارات : 587 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *