معاناة المستضعفين مسؤولية انسانية

كلمات مضيئة..معاناة المستضعفين مسؤولية انسانية

عندما تاملت تاريخ الاسلام فى العهد النبوى لفت نظرى ذلك الاهتمام الذى كان يوليه الرسول صلى الله عليه وسلم لتلك الطبقة المستضعفة  والفقيرة فى المجتمع  والتى كانت تعانى من شتى انواع الظلم والغبن والاذلال والاستغلال والعبودية والاسترقاق , ما اقسى ماكان فى عصر الجاهلية من تجاهل لابسط الحقوق الانسانية , كان هؤلاء هم الذين امنوا بالاسلام وكانوا الرعيل الاول الذين تحملوا كل انواع الايذاء والامتهان , لقد اشعرهم الاسلام بالكرامة فى مجتمعهم وضمن لهم اسبابها المادية ,  واوجب لهم حقا معلوما فى اموال الاغنياء وكانت الصدقات عبادة واقترنت كلمة الزكاة بالصلاة فى كل اية فى القرآن الكريم  , كانت الصلاة عبادة لله تعالى اما الزكاة فهي واجب اجتماعى وهي عبادة ايضا وهي الركن الثالث من اركان الاسلام بعد الشهادة والصلاة , لم تكن الزكاة احسانا اختياريا  وتفضلا اخلاقيا  يقوم به المسلم  متى شاء وانما هي فريضة مقترنة بالصلاة وحارب ابوبكر كل من امتنع عنها او توقف عن ادائها , الفقراء  لهم حق معلوم فى  اموال الاغنياء , حق لا يمكن تجاهله لكي  تتحقق العدالة الاجتماعية ويشعر الفقير بالكرامة , المال مال الله والانسان مستخلف على الاموال , وماكان ثمرة لجهد الانسان فهو له , ولا شرعية لما اغتصب من الاموال او ما كان ثمرة فساد او امتيازات او ثمرة استغلال حاجات المستضعفين من الربويات والاحتكارات والاموال المغتصبة , اوماكان من الرزق الذى اراده الله ان يكون لكل خلقه , والعامل فيه ياخذ منه مايحتاج اليه وهو يملك حق الانتفاع به ولا يتجاوز ذلك الى ملكية فردية يدعيها الاقوياء على ماكان للناس جميعا , وكل ماكان فى الطبيعة فهو رزق سخره الله لكل الناس , فى البر والبحر وفى الفضاء وفيما هو مدخر فى الارض  من الثروات وماهو فى الطبيعة من الطاقات , لا شيء مما كان للناس جميعا يمكنه ان يكون لجيل من الاجيال او لفرد من الافراد , لا احد اولى  به من احد ولو كان يملك السلطة والقوة , الثروات الطبيعية مائدة الله لكل خلقة والكل يأكل منها ولا يحمل معه شيئا , والناس شركاء فيما ارتبطت الحياة به , ومن عمل فيما هو مباح لكل الخلق من الثروات الطبيعية  فثمرته له لانه ثمرة جهده  وقيمة عمله ولا يستبد بشيء منه دون الاخرين , ما اجمل ان تكون العدالة فى مجتمعنا وان يكون مصدر الملكيات الفردية هو جهد الانسان لا فساد فيها ولاهي ثمرة استغلال واحتكار واضرار بكل الاخرين , ما تجاوز الحقوق المشروعة فلا شرعية له , وماكان ثمرة استغلال الاقوياء للضعفاء فهو كسب فاسد ولا شرعية له ولاحق لمن ادعى الحق فيه , الزكاة مفروضة فى  الاموال المشروعة التى هي المدخرات الناتجة عن كسب مشروع ومعترف به مما زاد عن الحاجة المتعارف عليه وفقا للضوابط الشرعية اما الاموال غير المشروعة فتسترد كلها ممن اغتصبها وهي للمجتمع كله توزع بالعدل وتعالج به معاناة المستضعفين  , عندما نمد شريانا بين الاغنياء والفقراء نحقق العدالة ونحمى المجتمع من الاحقاد والتوترات والثورات الناجمة عن الفقر والظلم واليأس والجوع , ليس عدلا ان يكون هناك من يتحدى مجتمعه بترفه وبذخه وسلوكياته المستفزة لمشاعر المحرومين , الظلم الاجتماعى ليس من الدين وسلوكيات السفهاء من المترفين المستغلين لمعاناة شعوبهم  من الجهلة لا يقرها الدين , وهي تهدد السلم الاجتماعى  وتشجع على التطرف والعنف , لا بد من مقاومة اسباب التطرف بالوقاية من الاسباب النفسية التى تشجع على العنف وتبرر العدوان , كل كسب تجاوز الضوابط الشرعية فلا شرعية له ولا حق لمن ادعى ملكيته فيه , ومن واجب السلطة المؤتمنة على تطبيق العدالة ان تستعيد اموال الزكاة ممن منعها والا تسمح بتوزيع التركات الا بعد الوفاء بكل ما كان فى تلك التركات من حقوق لله او للناس , وحق الفقراء لا يسقط ولا يتقادم , ولا بد من التاكد من شرعية الثروات والاموال والملكيات وكل الثروات,  وهذا حق الله على عباده وهو حق المجتمع لتحقيق العدالة وتوفير السلام الاجتماعى , كل الثروات الطبيعية تعتبر  ملكية جماعية ينتفع بها كل مستحق لها من غير انفراد بها  ولا يقع التجاوز فيها , العدالة او لا عدالة , ما كان ثمرة فساد فلا شرعية له , من شروط ملكية الاموال ان تكون عادلة ومبررة ومكشوفة والا يقع اي ريب في مصادرها , الدولة مؤتمنة على الاموال العامة والثروات الطبيعية , مقاومة الفساد واجب دينى ووطنى واخلاقي وهو اداة تحقيق العدالة والسلام , عندما تسترد من التركات ماكان حقا للفقراء وماتجاوز فيه صاحبه حدود الله من الفساد والاحتكار والاستغلال فمن الطبيعى ان يكون المجتمع اكثر استقرارا وامانا , الاموال لا يمكن ان تكون دولة بين الاغنياء والاقوياء, وهناك فقراء لا يجدون ما يأكلون وهم شركاء فى الرزق والارض وكل الحقوق الانسانية , لا احد من الخلق يملك عند الله مالا يملكه الاخر من الافراد او الشعوب الا بعمله الصالح  , فى ايام الازمات والمحن والمجاعات يتكافل المجتمع كله للدفاع عن الحياة , والناس شركاء فيما ارتبطت به الحياة من الغذاء , ماكان ضروريا للحياة  فلا يمكن الاستغناء عنه , واغنياء كل مجتمع مسؤولون عن فقرائه , والاقوياء مسؤولون عن المستضعفين الذين يحتاجون لمن يمسك بيدهم , لن ينهض مجتمعنا الا بنظام عادل فى توزيع الثروات , والنظام الاقرب الى الاسلام هو النظام الذى يسهم فى تحقيق العدالة ويمنع الظلم والجور والاستغلال ويضمن للجميع حياة الكرامة فى نظام تكافلي تحترم فيه الثوابت الاسلامية فى الاموال والحقوق والملكيات , ولن نكون افضل ابدا الا اذا كان نظامنا الاقتصادى اكثر عدالة واقل ظلما وجورا , ان اردنا السلام الاجتماعي فيجب علينا ان نوفر اسبابه, واهم تلك الاسباب ان نرفع راية العدالة فى الحقوق والاموال والاجور ونسهم فى تخفيف معاناة المستضعفين والمستذلين والمحرومين ..    

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

( الزيارات : 800 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *