معسكران للخير وللشر

كلمات مضيئة..معسكران للخير وللشر

تأملت طويلا فيما كتبه ابن خلدون عالم الاجتماع فى مقدمته , وكتب الكثير مما يستحق الاهتمام والتامل وقد شرحت ذلك فى كتابى عن الفكر الخلدونى كما هو فى المقدمة , مما اثار اهتمامى هو التأكيد على اثر الدعوة الدينية فى تكوين العصبيات وتلاحمها واندفاعها الدينى وتكوين قابليات التضحية والاستماتة مما ادى الى تكوين الدول العامة الاستيلاء العظيمة الملك التى  نهضت على اساس نبوة اودعوة حق , وعلل ذلك ان ان سبب قيام تلك الدول هو التغلب وجمع القلوب واتفاقها واتفاق الاهواء على المطالبة وانما يكون كل ذلك بمعونة من الله فى اقامة دينه وقال فى صفحة 278 من المقدمة ان الصبغة الدينية تذهب بالتنافس والتحاس الذى يكون فى اهل العصبية ومن يخاصمهم من اهل الدولة المحاربة لهم ولو كانوا اضعافا فان اغراضهم متباينة بالباطل وتخاذلهم لتقية الموت حاصل فلا يقدرون على مقاومتهم ومصيرهم الفناء لما فيهم من الترف والذل , تاملت كثيرا هذه العبارة التى نقلتها مع التصرف فيها والاختصار , وهي مهمة وتشرح الامر من منطلق نفسي ومن منطلق الاجتماع الانسانى وما عليه النفوس فى العادة , مقارنة بين معسكرين احدهما متماسك ومتكافل ومؤمن ومستعد للتضحية والاستماتة ومعسكر اخر يغالبه ولو كان اكثر عددا الا انه متفكك متخاذل خائف من الموت منهك بسبب حياة الترف وعوائد المترفين , عندما تاملت هذه المقارنة بين المعسكرين تذكرت كلمات الامام الغزالى وهو يتكلم عن اثر التربية الدينية فى تكوين شخصية الانسان , الصدق والاخلاص والعمل لله تعالى والدفاع عن الحق والدين , ولا حظت ان ابن خلون يلح على ذكر الخطر الناتج عن التفرقة والحسد والتنافس على المصالح , الدين الحق الذى جاء من عند الله لا بد الا ان ينتصر فى النهاية لانالمؤمنين بد يدافعون عن العدالة والحق ويواجهون الباطل مهما كان قويا , الدين الحق هو حليف المستضعفين والمظلومين ولا يمكن ان يكون غير ذلك ابدا , ليس كل من رفع شعار الدين فهوملتزم بثوابته , لا احد لا يرفع شعار الدين ولكن من الصادق فيما يدعيه , الصادق لا يظلم ولا يعتدى ولا يقتل الابرياء ولا يغتصب حقا ويدافع عن كل المستضعفين ,  الصراع على السلطة والمال والنفوذ هو صراع تحكمه قواعد المغالبات , من اراد الله فانه يلتزم باخلاقية الجهاد فلا يعتدى ولا يظلم ولا يحقد على من خالفه ولا يطمع فى غنيمة ولا تحركه اهواؤه , هناك معسكران لا يلتقيان , معسكر الخير الذى يدافع عن كل المستضعفين فى كل مكان ليرفع عنهم الظلم , وهناك معسكر الشر والظلم والطغيان وهو الذى يدافع عن الظالمين والمعتدين والمفسدين وكل الذين يفسدون وينهبون ثروات الشعوب بطمعهم وجشعهم , رسالة الدين ان يحرر الانسان من العبودية لغير الله , معسكر المستضعفين والمحرومين هو الاقوى والاكثر صمودا وتضحية , معركة الخير والشر مستمرة لكي ينتصر الانسان على اعداء الانسان ولكي ينتصر الحق على الباطل , معركة الغد هي معركة الدفاع عن  القيم الانسانية التى ارد الله تعالى ان يجعل الانسان من منطلق التكليف الالهي ان يكون مؤتمنا عليها , العدالة والرحمة والسلام قيم انسانية راقية , هذه هي رسالة الدين , الدين ليس شعارا يرفع ليكون مطية للطامعين وانما هو سلوكية ملتزمة واستقامة وعدالة واحترام للانسان ..

ر

( الزيارات : 544 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *