معيار التقدم واحترام الحقوق

       كلمات مضيئة ..معيار التقدم

معيار التقدم والحضارة  بالنسبة للاسرة وللمجتمع ليس هو التقدم المادي المتمثل فى الابنية العالية  والاسواق المزدحمة  بكل السلع المعبرة عن  الترف المادى  ، ذلك معيار يعبر عن الثراء المادى سواء بالنسبة للافراد والدول  ، التقدم لا يعني كثرة المال الناتج عن  الثروة الكونية  التى لا جهد للانسان فيه  , فمعظم الدول المتخلفة تملك الكثير من الموارد الطبيعية  والثروات  النفطية  ووفرة المياه وخصوبة الارض  وجمال الطبيعة , الثروات قوة  للفرد وللدولة  , وقوة الدولة  الاقتصادية فيما تملكه من اموال وأرصدة واسلحة وجيو ش وابنية ، التقدم كما افهمه  هو المجتمع وحسن فهمه  لمعنى الحقوق  الانسانية  والالتزام بما تقتضيه تلك الحقوق من احترام للانسان  واشعاره بالكرامة  من خلال  النظم والقوانين التى تضمن له حقوقه الاساسية , واهم هذه الحقوق هي التوزيع العادل للثروات الذى يعبر عن التكافل الاجتماعى  والتخفيف من الفوارق الطبقية المسببة للتوترات والاحقاد , كنت احترم الثراء الناتج عن الجهد الانسانى , واعتبره مظهرا للنشاط الانسانى بشرط ان يكون كسبا مشروعا ناتجا عن الجهد والعمل , اما الثراء الناتج عن الاستغلال بكل صوره والاحتكار والاتجار بالسلاح والتحكم فى ثروات الشعوب المستضعفة فلا شرعية له , وهو ثمرة استغلال القوى للضعيف , سواء على مستوى الافراد او على مستوى الدول , والفساد لا ينمو الا فى مجتمع يرضخ له ويسهم فى تمكينه , وفى مجتمعات الجهل والتخلف يكثر الفساد ولا يجد من يتصدى له ولو بالانكار على الفاسدين ولو بالقلب وهو اضعف الايمان , الجهل والتخلف والفساد امور مترابطة , وكل واحد منها يقود الى الاخر , الثراء لا يعنى حسن التصرف ولا يعنى التزام العدالة , وفى مجتمع جاهل متخلف يؤدى الثراء الى الغرور الذى يقود الى السفه  والسفهاء يكثرون فى مجتمعات الجهل والترف ,  مجتمعات الترف قلما تنجب , واذا انجبت جاء الوليد يحمل ملامح مجتمعه الذى نشا فيه بكل اهتماماته , وكل مجتمع ياتى بالنظام الذى يعبر عنه ويلائمه , المجتمع هو الذى ياتى بالدولة وليست الدولة هي التى تنهض مجتمعها , المجتمع الصالح ياتى بدولة صالحة , والمجتمع المتخلف ياتى بمن يمثله , الدولة هي ثمرة توافق ارادى لحماية المصالح , والسلطة هي هيئة اعتبارية متجددة على الدوام وهي ثمرة تفويض ارادى محدد فى الزمان  ومقيد بالمصالح ومشروط بالقيام

بالخدمات وحماية الحقوق ،.ما يريده المواطن  ان يشعران  الدولة تحمى حقوقه بطريقة عادلة . وتخفف عنه أعباءه  وتوفر له ما يحتاج اليه من الخدمات , واهم شرط ان يثق المواطن بمن يمثله ويحكم باسمه  , وينهض به ،  لا شيء اسوأ من الفساد واستغلال النفوذ والعدوان على الحقوق  , ما يريده المواطن ان يجد مطالبه الضرورية التي تشعره بالاستقرار النفسي ، واهمها. ان يتوجه الاهتمام الي ذلك المواطن لكي ينال حقه من الطعام والسكن والتعليم والعلاج والأمن بطريقة عادلة ، وان تشعره الدولة المؤتمنة علي مصالحه بالحرية والكرامة والعدالة. ، ذلك هو ما يحتاجه المواطن ، وتلك هي مظاهر التقدم الحقيقية فى أي مجتمع , المواطن يقبل الفقر ويتعايش معه  ويصبر عليه ولكنه لا يقبل الفقر الناتج عن الظلم الاجتماعى  والفساد الادارى وتحكم رموز المال بالدولة واستغلال  السلطة لتضخيم الثروات  الفردية , ذلك امر يجب ان يقاوم ويجب ان يبتعد رموز المال عن السلطة والا يمكنوا منها ابدا لكيلا يسخروها لمصلحتهم وحماية تجاوزاتهم ولا بد من تشجيع الراسمال الصغير والصناعات الصغيرة التى لا تملك القدرة على المنافسة , وكل من اخذ حقه فيجب ان يترك كرسيه لمن سياتى بعده لكي يجلس عليه , الثروات الكبيرة تكبر بالاستغلال والاحتكار واغتصاب الحقوق والامتيازات وهذا هو الفساد الذى يجب ان يقاوم حفاظا على السلم الاجتماعى الذى لا يتحقق الا فى ظل الشعور بالعدالة  ، الدولة التي لاتوفر لشعبها. مطالبه الضرورية مقصرة في حق شعبها، وعندما يكون هناك جائع لا يجد طعامه وجاهل لا يجد مدرسته ومريض لا يجد علاجه ومظلوم لا يجد من ينصفه فلا يمكن ان تعتبر تلك الدولة متقدمة ولو ملكت اسباب التقدم او ادعته لنفسها فالتقدم هو ان تتحقق العدالة فى الحقوق وتحترم الحياة بكل اسبابها ويمنع الظلم ويقاوم الفقر , النظم الفردية الراسمالية ستسقط حتما كما سقطت الشيوعية , وسوف تنتصر العدالة التى هي الخيار الوحيد لاجل استمرار الحياة ، ما يجرى بين الدول من الخلافات  يجرى مثله  الأسر ة الصغيرة ، ليس المعيار هو كم تملك كل اسرة من الاموال والأرصدة والعقارات ، وانما المهمً كيف تنفق تلك الاموال لكي ينهض الجميع وتلبي مطالبهم العادلة وتتحقق مصالحهم .ويتغلبون علي الجهل والمرض والتخلف ، وينفقون أموالهم فيما ينفعهم  ويلبي مطالبهم بطريقة عادلة , كنت انظر بتقديرواعجاب  الى تلك الاسرة التي تهتم بتعليم ابنائها وتهتم بمطالبهم الضرورية.و تحسن تدبير الإنفاق علي ما هو ضروري لهم ، وان يرتقي اسلوبها في تربية الاولاد وتكوينهم وإعدادهم ، ولا اجد التقدم في مظاهر الترف في الاسرة والمجتمع ولا فيما يملكون من الاموال ، وانما اجده في الكيفية التي ينفقون فيها أموالهم وبالطريقة التي يتعاملون بها مع بعضهم ومع كل الاخرين. ادبا وخلقا. واحتراما. لحقوقهم ومشاعرهم ، عندما نوجه اهتمامنا للانسان نرتقي به ونجعله. هو معيار التقدم وهو أداته ، ما أحوجنا الى ذلك المفهوم. الراقي لمفهوم التقدم ، ولا اجد التقدم في الحي الراقى الذي يسكنه الانسان ولا في السيارة الفخمة التي يركبها ولا في مظاهر الترف التي يعيش فيه ، التقدم ليس في هذا كله ، الدولة الصالحة هي التي توفر.لشعبها. ما يحتاجه. من الاسباب والخدمات الضرورية ، واهمها حسن التعليم والإهتمام بالتربية. وإعداد المواطن للمستقبل والنهوض به ، وكذلك الاهتمام بالصحة والعلاج والدواء والتأمين الصحي. ، تلك هي الامور التي يحتاجها المواطن ، المال يجب ان يكون في خدمة مجتمعه. لكي يوفر للجميع الحق في الحياة بكل اسبابها الضرورية ، لا بد من العدالة في الحقوق وان يشعر المواطن بالكرامة ككل الاخرين ، لا احد يملك مالا يملكه غيره من الحقوق ، نريد فهما اعمق للحياة ولمعني التقدم الحقيقي ، ما تنفقه الدول الجاهلة علي جيوشها و تتوهم ان عظمتها بقوة ذلك الجيش. اكثر مما تنفقه علي شعبها ، لم يعد الخطر علي الدول من العدوان عليها من عدو يغزوها , وانما يجب ان يتجه اهتمامها  لتحرير نفسها  من سياسة الهيمنة. التي تمارسها الدول الكبري علي الدول الصغيرة للتحكم في امورها وتوجيه سياساتها ، وذلك الخطر لا تدفعه الجيوش وليست قادرة عليه ، لا بد من مفهوم اخر للعدالة يعبر عنً معني التكافل الانساني للدفاع عن الحياة , وهذا هو التقدم والرقي والحضارة ، لا بد. من السيطرة علي تلك الفردية الانانية باسم الحرية التي تكرس قوة الاقوياء وضعف الضعفاء ، اين العدالة في ظل توارث القوة بكل اسبابها ، توارث المال وتوارث السلطة وتوارث الجاه وتوارث الطغيان ، وفي الوقت ذاته فالمستضعفون يتوارثون اسباب ضعفهم من الفقر والظلم. المتوارث وهي العبودية الجديدة التي تكرس.عقلية. التمييز والتفاضل والوصاية. علي الاخرين ، وهذا هو السبب الذي يقود الي الحروب والاحقاد ، الحرب المشروعة لاجل العدالة ومقاومة الظلم والطغيان ، الحروب العالمية كانت بين الاقوياء طمعا في المغانم ، وحروب المستقبل سوف تكون علي المغانم ايضا للسيطرة علي. الموارد الطبيعية والنفط والغاز والماء والأسواق والاحتكارات وتجارة السلاح واحتكار اسواقها وترويجها بتخويف الدول الصغيرة من بعضها. باسم القومية والمذهبية والطائفية ، لا اجد التقدم فيما عليه المجتمع المتقدم. من انانية وفردية. ، حروب المستقبل سوف تكون بين الاقوياء عن طريق وكلا ئهم ، أية انسانية فيما عليه. المجتمع المعاصر ، واية اخلاقية. في تلك اللغة من التهديد المتبادل بالحرب والدمار،. في الماضي كنا نجد الصراخ في الاحياء القديمة يعلو عندما يشتد الخلاف بين سفهاء كل حي الاكثر جهلا ، والعقلاء. يلزمون بيوتهم أويعتزلون تلك الاحياء ويهاجرون منها الي ما هو افضل منها ثقافة وحضارة وأخلاقاً وادبا واحتراما للانسان ، واليوم نجد ذلك الصراخ الذى يقوم به طغاة الارض وهم الذين يهددون كل من خرج عن ارادتهم او خرج عما يريدون ,   كنت ابحث عن ذلك المفهوم للتقدم الذي يعبر عن احترام الانسان. ولو كان مستضعفًا ، وابحث عن ذلك المفهوم للعدالة الحقيقية. في كل الحقوق الانسانية. ، وكنت اجد ذلك في رسالة الاسلام كما جاء بها رسولنا الكريم ، وكما كانت في عصر النبوة ، ثم أخذت بالتراجع. رويدا الي ان اصبح الاسلام في تاريخ المسلمين مجرد شعارات ، لم اكن اجد الاسلام فيما ينسب الي الاسلام من افكارتبرر الطغيان فى الارض ، وكنت ارى الاسلام  في قيمه الايمانية والروحية. وفي تلك النظرة الشمولية.التي تتجاوز كل الاوصاف  التي وضعها الانسان لنفسه. وهي التي تنظر الي الانسان كعبد لله. لا يتجاوز. عبديته لله ، وهومكلف بما امره الله به من العمل الصالح الذي يليق به كمؤتمن علي الحياة ومستخلف عليها ، وكل الاحكام التكليفية جاءت لكي تبين لذلك الانسان طريق الهداية الذي لا ظلم فيه ، وهو الطريق الذي يليق به مما يعبر. عن سمو ذلك الانسان في اختياره لما يصدر عنه. من احترام لكل الاخرين من عباد الله ، من احب الله احب كل عباده ، لا يحقد ولا يظلم ولا يعتدي ،. ذلك هو معيار التقدم كما افهمه ان تحترم العدالة في كل الحقوق ونحترم الحياة بكل اسبابها لكل انسان والله تعالى قد ضمن لكل عباده حقوقهم وارزاقهم فمن اعتدى على احد من عباد الله في حق ضمنه الله لكل عباده فكانه قد اعتدى على الناس جميعا ..

( الزيارات : 517 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *