مقدمة في الدراسات القرانية

 مقدمة في الدراسات القرآنية

مقدمة في الدراسات القرآنية

مقدمة في الدراسات القرآنية

هذا الكتاب خارج عن سياق البحوث التي اعتدت أن ابحث فيها، وهو خاص بالدراسات القرآنية، وطبعته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب عام 1995، ثم طبع في مكتبة عالم القرآن الكريم بحلب.

وعندما عكفت على إعداد هذا الكتاب لم أفكر أن يكون كتابا، وإنما كان مجرد رغبة شخصية في معرفة بعض مباحث علوم القرآن، وهي معرفة ضرورية، ويحتاج إليها كل باحث ويجد فيها متعته…

وكنت أؤكد من خلال بعض محاضراتي وبحوثي على أهمية التفسير كأداة للتجديد لان المخاطب بالنص متعدد والتعدد يستلزم اختلاف الرؤية، وليست الأجيال متماثلة في تكوينها وظروف حياتها، وكل جيل مخاطب وهو أولى بالتفسير، ولا يجوز لأي جيل أن يستبد بحق التفسير مانعا أجيالا أخرى لاحقة من حقها الطبيعي في الفهم، كما لا يجوز لأي جيل أن يعتبر نفسه وصيا على الخطاب القرآني معلنا انه الأحق بالتفسير والأقدر عليه.

هذا ما كنت أؤكده في كتاباتي ومحاضراتي، وأوردته في مقدمة الكتاب، وشرحته في احد الدروس الحسنية، وربما يعترض البعض على هذا، ويرى أن الأولين هم أولى بالتفسير، وهم الأقدر عليه، قد يكون هذا صحيحا فيما ورد في التفسير المأثور عن الصحابة وكبار التابعين، أما تفسير غيرهم فهو اجتهاد ينسب لصاحبه ويحمد له، ولا يمنع غيره من إبداء رأيه…

وإننا نحتاج اليوم إلى دراسة القرآن دراسة تدبر، وليست مجرد دراسة لفظية ومصطلحية ضيقة، فهذه دراسة مطلوبة لمعرفة الدلالات القريبة، ونريد دراسة القرآن دراسة وحي يتنزل من السماء، يرسم للبشرية طريقها، ومن الصعب أن نحكم العقول فيما لا تدركه العقول من أسرار الكون، فالعقل مرتبط بادراك ما تقتضيه العبودية، وهو عاجز عن إدراك أسرار الإلوهية، وذلك فضاء واسع ولا حدود له، ولا يمكن تقييده بأسوار ضيقة، ولا حدود للفهم ولا لسعة المعرفة، وهي معرفة تشرق في القلوب وتعجز عن إدراكها العقول، ومن احتكم إلى الإدراك العقلي المجرد أدرك القليل المعقول وغاب عنه الكثير الذي لا تدركه العقول، وغاية الدين هو الارتقاء بمستوى وعي الإنسان إلى الأفضل الذي يحقق فيه إنسانيته، من التزام بقيم الحق والخير وارتقاء بمستوى الكرامة الإنسانية، واعتراف بحرية الإنسان، ومقاومة لقوى الشر والطغيان.

والدين ظاهرة حضارية بحد ذاته، وبعقيدته التي تعمق قيم الخير والحرية، وبأحكامه التي تنظم العلاقات الإنسانية، وبدعوته للارتقاء بمستوى الاختيارات السلوكية إلى الأفضل والأكمل، والقرآن هو دستور الدين الذي يسجل فيه مبادئه وأحكامه…

والقرآن تدرك معانيه من خلال نصوصه وهي أوضح وأسمى من كل تفسير مكتوب، وتدرك قيمه بالفطرة النقية، وهو خطاب واضح الدلالة على معانيه المرادة

( الزيارات : 2٬959 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *