مقدمة كتاب افكار للتامل

                                   بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

فقد حرصت في كتابي هذا على تسجيل بعض الأفكار والآراء التي كانت تجول في خاطري خلال تأملاتي الذاتيّة ، وفي حواري الداخليّ مع نفسي وهو الحوار الأصدق في حياة الإنسان ، حيث يكون الإنسان صادقاً في التعبير عن بعض قناعاته ، من خلال تجربته ومعايشته لقضايا مجتمعه ، وقد سجّلت بعض الثوابت التي كنت أؤمن بها ولا أعتقد أن أيّ فكرة مما سجلت تتناقض مع الثوابت الشرعيّة ، فأنا ملتزمٌ بهذه الثوابت ومؤمن بها ، وأنطلق منها ، وقد تكون بعض هذه الأفكار مخالفة لما جرى العرف على القول به ، وهذا لا يقلّل من أهميّة هذه الأفكار وأنا لا أكتبها لجيلي ، بل أكتبها للأجيال اللاحقة ، فمسيرة المجتمعات نحو الأفضل في إقرار مزيدٍ من الحريّة والكرامة للإنسان ، وإلى مقاومة كثيرٍ من القيم السائدة في عصرنا هذا والعصور السابقة ، وتشمل هذه الآراء بعض الأفكار النقديّة لواقع مجتمعنا ، وهي تطلع الإنسان نحو التصحيح والتجديد لمواكبة الحركة الإنسانية .

وهناك ثوابت لابدّ من التمسّك بها ، وفي قناعتي أنّها تمثل روح الإسلام وهي تجسّد رسالة الأديان السماوية ، في محاربة المظالم الاجتماعية والارتقاء بمستوى وعي الإنسان إلى الأفضل والأكمل الذي يمثّل القيم الأخلاقيّة الأصيلة وحرصت خلال كتابتي بعض الأفكار أن أعكف على دراسة بعض الظواهر الاجتماعية ومحاولة دراسة أسبابها وطرق الوقاية منها ، وكما اشتملت هذه الأفكار على نقد بعض الظواهر السلبيّة التي قد تُربط جهلاً بالإسلام وليست هي في حقيقتها من الإسلام ..

ومما كان يؤلمني أنّ التخلف الذي يعاني منه مجتمعنا كان يدفعنا إلى تبرير بعض السلوكيّات الخاطئة باسم الإسلام ، والإسلام برئ مما يُنسَب إليه ، وما يُقَرُّ باسمه ، وبخاصّة من الأقوياء الذين يملكون السّلطة أو المال في مواجهة المستضعفين من المجتمعات والطبقات و الأفراد ..

وما اكتبه الآن هو دعوةٌ إلى التغيير والتجديد نحو الأفضل ، ومن منطلق الإسلام ، والإسلام الحقّ هو الضمان الوحيد لتحقيق الاستقرار الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعيّة ومقاومة الأنظمة الاستبدادية..

إنّني أسجل هذه الأفكار ولا أدّعي أنّني على حقّ فيما ذهبت إليه فقد أخطئ في بعض ما أراه ومن حقّ من يقرأ هذه الأفكار أن يقبل ما يشاء ويرفض ما يشاء وحقّ الاختلاف ثابتٌ لكلّ من يملك القدرة والكفاءة والعلم ، ومن واجبنا أن نثري فكرنا بالجديد وأن نسجّل بعض آمالنا فهذا مما يسعدنا أننا نحلم بالأفضل دفاعاً عن وجودنا وإقراراً بحقّ الإنسان في الكرامة..

لم أعكف على كتابة هذه التأملات كما كنت أفعل عندما اكتب علمياً, وإنّما كنت اكتبها في لحظات التأمّل في ليلٍ ونهارٍ حيث كنت استمدّ الفكرة من الحياة كما كنت أراها ، وما يكتبه الإنسان هو مرآةٌ له وتعبّر عن شخصيته وقناعاته وما يفكرّ فيه ومن المؤكّد أنّ الإنسان يتأثر بما حوله وبالمجتمع الذي يعيش فيه وهو يكتب عما يراه ، وأرجو الله أن يوفّقنا لما يحبّه ويرضاه وأن يكون عملنا خالصا لله تعالى والله الموفق .  

        محمد فاروق النبهان           

     حلب           3 / رجب /1430هـ

                      25/حزيران /2009م 

 


 

( الزيارات : 1٬852 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *