مما تعلمته فى الطفولة

ذاكرة الايام..مما تعلمته فى الطفولة
اهم صفتين تعلمتهم من السيد النبهان طيب الله ثراه في طفولتي الاولي وفي الفترة التي صاحبته فيها بعد ذلك هي صفة الأدب وصفة الرحمة ، الأدب صفة الكبار وهي صفة راقية في الانسان تعبر عن رقي صاحبها وحسن تربيته ، الأدب صفة لا يحسنها الصغار ابدا ولا يقدرون عليها ولا يفهمون دلالتها ولو تكلفوها او تظاهروا بها ، هي صفة ذاتية تعبرعن محبة الكمال والتعلق به والخجل من النقصان ، الأديب يخجل. ان يصدر منه مالا يليق من الأفعال ، وطريق الأدب هو القدوة ومصاحبة الكبار ممن أشتهروا بالأدب الذاتي الذي لا يصدر عنهم من غير تكلف به ، وأول ثمرة للأدب هو الأدب مع الله تعالي الا تتدخل. في شأن من شؤونه مما اختص الله به في امر الخلق. وفي امر التدبير ، والا تنسب الي الله أمراً او حكما ليس من الله لتبرير عمل من اعمالك. مما يعبر عن اهوائك ولا تكن وصيًا علي احد من خلقه. فامر العباد لربهم وهو اعلم بهم وارحم , وهو الذي. خلقهم وخلق لهم ما يفعلون مما تستدعيه الحكمة ، امر الله له وقد ابدع الله فيما خلق من تلك التعدديات ، وهو الذي يوجه القلوب لأفعالها ، فلا احد مع الله ، والشريعة الالهية. هي ما جاء من عند الله عن طريق رسله ، اما جهد العقول تفسيرا وتأويلا فهو جهد انساني يقع الصواب فيه والخطأ ولا عصمة للانسان فيما اجتهد فيه بعقله ، ولا احد يملك مع الله شيئا ، اما الأدب مع الناس فهو ثمرة للأدب مع الله ان تحترم خصوصية كل الاخرين لان الله خلقهم كما هم ، وأعطاهم الارادة والقدرةًعلي التمييز لكي يمتحنهم. و تقام الحجة عليهم فيما يختارون ، وكل انسان مكلف ومخاطب ومؤتمن. وهو يملك كامل الأهلية للتمييز والاختيار ، ومن تدخل فيما اختص الله به من امر خلقه فحكم عليهم بالإيمان او الكفر. فقد جعل نفسه وصيًا. علي الله في امر عباده ، وهذا هو الشرك بالله ان تجعل نفسك وصيًا علي الخلق فيما يفعلون ، الله ارحم بعباده فلا تتدخلوا في امر رحمته ، امر الخلق لخالقهم وهو اعلم بما يسرون ويعلنون ، تكفير العباد امر خارج اختصاص الانسان وهو من اشد انواع الشرك بالله ان تعبر عما اختص الله به  ، الملوك يضيقون بمن يتدخل في شأن مَن شؤون رعيتهم. ولو كانوا عصاة ومذنبين ، فكيف يقبل رب العباد. ان يتدخل احد من العباد فيما اختص الله به من امر عباده.العاصين والمذنبين. فضلًا عن الصالحين. والمتقين ، ذلك هو الشرك الأكبر ، ومن الأدب الا يقتحم العباد بجهل اسوار عبديتهم لله بسوء أدبهم وفساد. قلوبهم. ، امر العباد لربهم وهو الذي خلقهم ، وهو ارحم بهم. ، ولو عصوه ، لقد خلق الله عباده ليعبدوه ويمجدوه ويشكروه ويعمروا بجهدهم الارض ولم يخلقهم لكي يعذبهم  فالعذاب هو للظالمين المتجاوزين الذين افسدوا في الارض وظلموا. وليس للصالحين من عباده الذين احسنوا ولو قصروا في واجب او ضعفوا في موقف او اجتهدوا فى اختيار الطريق ، فباب التوبةً مفتوح لكل المذنبين  فيما أذنبوا فيه من امرهم ، والله غفور رحيم ، اما الصفة الثانية فهي الرحمة كصفة ذاتية تعبر عن اخلاقية راقية ونفسية صافية ،. الرحمة هي التي تميز الانسان عن الحيوان ،. فالحيوان لا يعرف الرحمة ولا يملك اسبابها لان الغريزة غالبة ومتحكمة. في سلوكه ، اذا جاع بحث عن طعامه ولا يعنيه ما يفعل ، انه يبحث عن طعامه. ويكتفي به. ، اما الانسان فانه مكلف. وعليه ان يفكر ويختار ، ليس من حقه ان يسرق او يقتل او يغتصب لكي يأكل ، الرحمة تجعله اكثر انسانية.لانها. تعلمه ان يشعر بالاخرين ويتألم لألمهم ، الذي لا يرحم لا مكان له عند الله مهما فعل  من العبادات ، لو أدى تلك العبادات بأدابها .لاستقام وكان اكثر رحمة. بالخلق ، لو احب الله لاحب كل عباده وأحسن الظن بهم ، وانشرحت القلوب لعمل الخير ، الرحمة ارقي صفة انسانية تعبر عن سمو الانسان ، لا رحمة مع الانانية البغيضة الدالة علي الجهل ، الطغاة لا يعرفون الرحمة ولا يشعرون بها ، العدالة لاتنفصل عن الرحمة ، اذا انفصلت العدالة عن الرحمة ادت الي الظلم لان العدالة ليست مجرد مقاييس مادية,  وانما هي فهم الحق في إطار. الفضيلة. ، هناك روحية للعدالة وهي الرحمة ، التوزيع العادل ليس مجرد ارقام متساوية وانما هو فهم اعمق لروحية العدالة وهي الرحمة بالمستضعفين ، ولهذا فان العفو من العدالة والتسامح. يعبر عن روحية العدالة ، العدالة بغير رحمة تؤدي الي الظلم. ، ومن العدالة ان يحمل الكبير الصغير وان يتكفل القادر بالعاجز ، ومن العدالة ان يمنع الطغيان في كل الحقوق ، وان يلتمس العذر. لكل المستضعفين ، قساة القلوب لا يعرفون الرحمة ، الرحمة ليست من باب السذاجة ، وانما هي سمو في المشاعر الانسانية ، ومصدر الرحمة هي محبة الله ،والغافلون عن الله لا يعرفون الرحمة ولو ادعوها ، الرحمة مشاعر وليست تبادل مصالح ، الرحمة لا يمكن ان تنحصر بفرد او بمجتمع او طائفة ، وانما هي عاطفة انسانية تشمل كل انسان مهما كان مكانه وانتماؤه ، والله هو ارحم الراحمين ولا يصدر من الله الا الرحمة ، الرحمة لاتنفصل عن المحبة ، المحبة صفة انسانية تعبر عن رقي ذلك الانسان ، محنة اَية حضارة عندما تتراجع فيها مشاعر الرحمة وتنمو فيها المشاعر الانانية ، الفردية انانية بغيضة، وأبرز اثارها هو مانراه في مجتمعنا من مظالم. وحروب وأحقاد ، كنت انصت لكلام الدعاة فاجد فيما يقولون جهلا حقيقيا بالإسلام الحق الذي يدعو الي الخير والمحبة والرحمة ،. ما كنت اسمعه لم يكن يقنعني وكنت اري فيه الجهل اولا والسذاجة ثانيا ، ويكثرون من المبالغات التي تثير اهتمام. العامة ، وبخاصة في المجتمعات الاقل ثقافة ، ويقدمون صورة للاسلام تختلف. عما هو عليه ، انهم ينذرون ولا يبشرون ويخيفون ولا يحببون ، ويبعدون الناس عن الله. ولا يقربون ، لو رجعوا الي المنهج النبوي في التربية الايمانية والروحية. لاحسنوا فيما يقولون ، المحبة هي التي تقرب والرحمة هي التي تحبب ، ليس كل من دعا الي الاسلام احسن القول واهتدي الي الطريق ، ليس المهم ان يكثر طلاب العلم , وانما المهم ان. تثمر الاشجار وتزهر الأغصان. ، لقد قلّت يوما لطلابي في قسم الدراسات العليا في دار الحديث الحسنية في الرباط ، لقد علمناكم العلم ونجحنا في ذلك ، ولكننا فشلنا في تعليمكم اخلاقية العلم وآدابه وهي الاهم وهي  التي نحتاجها ، لتكوين تلك الشخصيةالايمانية الراقية في اهتماماتها الملتزمة بالقيم الاسلامية الأصيلة ، العلم اداة لتنمية المعارف العقلية. ولكنه ليس كافيًا ولا يغني عن تلك الروحية الاخلاقية , واهمًها الأدب مع الله ومع الناس والرحمة بالمستضعفين من عباد الله والأخذ بيد كل المذنبين وانقاذ كل الغارقين ، ليس بالتخويف يكونً الدين وليس بالوعيد تكون الدعوة ، الدعوة ليست مهنة. معاشية ، وليست صناعة ولا تجارة ، ولا اجد الدين في صورته الدعوية وانما اجده في تلك القيم الروحية. التي تجعل صاحبها اكثر ادبا وخلقًا ورحمة ومحبة ،

أعجبني

تعليق

التعليقات

 

اكتب تعليقًا…

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الأصدقاء · ‏٤٬٩٩٧‏

 

 

 

 

 

د. محمد فاروق النبهان

١٥ دقيقة ·

كلمات مضيئة.. الايمان والعدالة
كنت ارى رسالة الدين في امرين مهمين :

( الزيارات : 560 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *