مناقشة مدارس العلم فى الادلس

مدارس العلم فى الاندلس
القى الدكتور محمد بنشريفة محاضرة فى مقر الاكاديمية المغربية عن مدارس العلم فى الاندلس , تحدث فيها عن مناهج علماء الاندلس والمدارس العلمية فيها , وقد علق الدكتور محمد فاروق النبهان على المحاضرة بالكلمة التالية :

بسم الله الرحمن الرحيم
أشيد بالحديث القيّم للزميل الدكتور محمد بنشريفة، وهو خير من يتحدث عن موضوع يتعلق بالأندلس، وهو موضوع يستحق الاهتمام، وقد تابعته باهتمام كبير، واستفدت منه كثيراً، وكنت أتأمل من خلال ما أسمعه في كثير من الظواهر التي كنت أعرفها عن بعض الشخصيات العلمية الاندلسية . وكنت ألاحظ أن معظم الشخصيات التي اشتهرت في مجال الفكر الإسلامي الآن من الأندلس ، من أمثال: ابن رشد في كتابه “بداية المجتهد”. وأعتبر كتابه من أحسن الكتب واهمها بالرغم من أنه صغير مجلدين . وتفسير القرطبي، وهو من أيسر وأفضل الكتب فى التفسير ويتالف من قرابة عشرين مجلدا او اقل . وهناك ابن العربي المعافرى . وابن عبد البر، وهناك الجزولى صاحب كتاب دلائل الخيرات من قبائل جزولة، فهذه أهم الكتب، وكذلك كتاب القاضي عياض “الشفا” من سبتة , هذه الكتب لها شهرة كبيرة في التراث الإسلامي. وهناك كتاب “الموافقات” للشاطبي الاندلسى ، هذه كلها دليل أن المدرسة الأندلسية أعطت عطاءا جيّداً في مجال البحث. والتاليف وكنت ألاحظ أن أسلوب كل من يكتب من أبناء المدرسة الأندلسية أو ممن تخرج منها أو من الغرب الإسلامي، يتميّز بسهولة في موضوع القراءة.
نحن نعرف أن الكتابة الفقهية صعبة وتحتاج الى قدرات متميزة , وعندما كنا نقرأ كتابا نحاول أن نتعلم في الدرجة الأولى كيف نستطيع أن نحلل النص. كنا تحاول أن تفكك النص وتعيد تركيبه من جديد لكي فهمه.ممكنا , اما فى المدرسة الأندلسية، فلا تجد هذه الصعوبة , وعندما تقرأ في كتاب “بداية المجتهد”. لا نجد اية صعوبة أبداً. وتجد العبارة ميسرة، والثمرة مرجوة .
طبعاً لا نتحدث عن ابن خلدون، ابن خلدون يتميّز بمنهج تحليلي ونقدي . منهجية معظم المدرسة الشرفية هي مناهج تقريرية وقلّما نجد فيها منهجاً نقدياً. هناك كلمة أحفظها: في أول مقدمة ابن خلدون وهي تساوي كتباً: «الرواية التاريخية لا تخرج عن أصول العادة وقواعد العمران»، أراد بها أن يقول : كل ما لا يقبله العقل من الروايات لا أصل له، وهو يدخل ضمن المبالغات أو الأوهام، قال هذا وهو يتحدث عن موضوع التاريخ. فأي رواية تاريخية لا تتفق مع أصول العادة، ولم تجر العادة بها، فإن العقل لا يقبل بها، ويقول إن هذه مبالغة وليست صحيحة، فإما أن الرواية مكذوبة، او متوهمة . وأذكر أن له رأيا في موضوع رسم القرآن. قد لا يوافقه معظم العلماء عليه . يقول: «الرسم القرآني وقعت فيه أخطاء نحوية»، لأن العرب لم يكونوا يحسنون الكتابة. كالصلاة تُكتب بطريقة معينة وهذه مخالفة للقواعد الإملائية. هذا ليس من الإعجاز فى رأيه ,. يقول: «هذه من الأغلاط الإملائية التي وقع فيها كُتّاب الرسم القرآني». وجهة نظره على كل حال، وهناك كثير ممن ناقشه في هذا الأمر وخالفه فيه .
وكان المسجد هو الأساس في كل حركة علمية. وكانت هناك في العصر العثماني مدارس، وهي مساجد صغيرة فيها مكان للصلاة، وفيها عشر غرف او اكثر تقريباً، متجاورة ، وكل طالب يأخذ غرفة ويعيش فيها. فهذه المدارس مازالت حتى الآن، مثل ما هو موجود بفاس. هؤلاء هم العلماء المجاورون، يسمون المجاورين والمتفرغين للعلم ، هذه المدارس أدت دورا كبيرا. نحن بحاجة اليوم إلى دراسة المنهجية السليمة للنهوض بالحركة العلمية. لا شك أن المنهج العلمي في الماضي كان له أسلوب مختلف كما ذكر الزميل. وكنت تكلمت مرة عن العلم، عند الغزالي قال : العلم أصول وفروع ومتممات ومكملات. وكان الأصفهاني يتكلم عن العلم ، وله منهج آخر في تقسيم العلوم، يقول العلوم : أربعة أقسام: علم الرواية ويتحدث عن كل أنواع الروايات، كل ما هو مروي، وعلم الدراية يدخل ضمنه الفقه وكل ما يتعلق بالفهم، والعلم الثالث وهو علم الجدل أي علم الكلام والفلسفة، والعلم الرابع ويعتبره هو ثمرة لجميع العلوم يقول هو علم الحقيقة ويعني المنهج الصوفي. والذين كتبوا في هذا العلم، يقول عنهم: لا يجوز لغير أهل العلم أن ينقذوا العلم الذي لا تخصص لهم فيه. وهذه نقطة مهمة جدا، لا يجوز لأي عالم من العلماء أن ينقذ علما أو ينقد عالما في تخصص ليس تخصصه. إذن لا يجوز لرجل العربية أن يناقش فقيها، ولا يجوز لفقيه أن يناقش رجل العربية في اختصاصه، ولا يجوز لفقيه أن يناقش طبيبا في مجال اختصاصه فيما يتعلق بأمر يتعلق بالطب. هذا منهج سليم في التقييم العلمي، أن نعود إلى الاختصاص وأن نعتمد كلمة الاختصاص. كلمة فقيه لم تكن قاصرة على الفقيه في استنباط الأحكام. الفقه لغة الفهم. لذلك فالطبيب يقال له الفقيه، فى تخصصه أي الفقه الذي يعتمد على الاستنباط أو على الفهم فيقال فقيه أو فقهاء، لم يكن العلم قاصراً على ما هو معروف اليوم بالعلماء، الأطباء في مختلف العلوم علماء، فهؤلاء كلهم علماء. وقال العلم الأعلى والعلم الأسفل والعلم المتوسط
كنتُ تحدثت مرة أو مرتين عن ابن خلدون، مرة عن الفكر الاقتصادي ومرة عن مفهوم الدولة عند ابن خلدون. ابن خلدون قدم الكثير وله منهج نقدي يتميز بالتحليل، تحليل الواقع: «الظاهرة الاجتماعية”. ويقول دائما عندما يكتب القاعدة، يقول: «والسبب في ذلك …»، لأنه يحاول التعليل. تميز ابن خلدون بهذه المنهجية التحليلية والنقدية، وبيان الأسباب المنطقية حتى لقيام الدول، ولسقوط الدول، حتى لما يتعلق بالكسب في مجال الاقتصاد، في بناء المدن وتخطيط المدن. في ما يتعلق بانتشار الصنائع في بلد ما، قال: «تزدهر الصنائع في مرحلة الاستقرار، وتتراجع الصنائع في مراحل عدم الاستقرار»، لماذا؟ لأن مرحلة الاستقرار ينتشر فيها الترف. وعندما يكون الإنسان في مرحلة الترف فهو يبحث عن شيء يعبر به عن ترفه. يبتدئ بعملية نقش الجدران والبيوت والتفنن فيها، لكي تكون أفضل مما هي فيه. في الحالات الأخرى عندما لا يوجد الاستقرار، لا أحد يفكر في الصناعة أو في الصنائع، أو في إجادة تجويد الصنائع.
شكرا للزميل الكريم الدكتور محمد بنشريفة على هذا البحث عن مدارس العلم فى الاندلس الذي يستحق التنويه لموضوعيته ولفائدته.وشكرا لكم 

( الزيارات : 1٬588 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *