مننهج التجديد

منهج التجديد

 

المعرفة التى جاءت عن طريق الوحي فهي من الله , وهي حق , مهمة العقول ان تحسن فهمها , وان لا تحرف ما جاءت به من المضامين والمفاهيم , ويجب ان تظل خطابا متجددا كما هو , وكل مخاطب بها مؤتمن على حسن الفهم , ولا احد اولى من احد بالفهم , خطاب متجدد , مهمة المخاطب ان يحسن التفسير والتاويل بما يحقق المقاصد المرجوة منها , لا احد يتجاوز اختصاصه , ما يدرك بالعقل يحتكم الى العقل , لا احد يمكنه ان يدعى فهما لا دليل عليه , الفهم له معاييره وموازينه , كل مخاطب مؤتمن , كل الافراد والمجتمعات والاجيال , مخطبة ومؤتمنة , لكل نصيبه من الفهم والحق , العقول متفاوتة ولكل منها رزيته , والعقول متاثرة بمكوناتها الذاتية وبمكوناتها المحيطة بها , البيئة والمجتمع والتربية والمشاعر والعواطف , كلها مؤثرة فى قناعة العقول وتوجيهها , العقول ليست سواء , ذكريات الايام وحياة الترف وحياة الحرمان , طبيعة المجتمع والقيم السائدة فيه , الضغوط الاجتماعية والقيم الاخلاقية , كل هذا مؤثر فى الرؤية العقلية , كل عقل هو نتاج واقعه , ما ترجح للعقل انه الحق فهو الحق الى ان يترجح له ما هو افضل , الفقه متاثر بكل هذه المؤثرات الخارجية فضلا عن العوامل التى توجه العقول وتؤثر فى اختياراتها , الفقه هو جهد العقول فيما تراه الحق , ولهذا تتعدد المناهج الفقهية والمدارس والاراء , الاجتهاد الفردى لا يمكن الثقة به الا اذاوقع ترجيحه من الاخرين واعتماده , ما قام الدليل عليه يؤخذ به , ومالا دليل عليه فمن العبث الاخذ به , معظم الاراء الفقهية التى هي ثمرة لجهد العقول تعبر عن زمانها ومجتمعها كما هي , ولا يحتج بها اذا اختلفت المعايير , جهد العقول مستمر ولا يتوقف , هناك شرطان له العلم والتقوى , فالجاهل لا يوثق برأية , ومن وقع الشك فى استقامته ونزاهته فلا ثقة بما يقول , ومن خصائص جهد العقول انه يخضع لمعايير نقدية صارمة , ولا احد فوق النقد والمساءلة واحتمال الخطا , لا احد يملك العصمة الا الانبياء لانهم مبلغون , والعصمة فيما يبلغون به , وكل المناهج الاجتهادية خاضعة لمنهج نقدى , لا يحتج بمالا يقين فيه من الادلة , وما جاء عن طريق الرواية فيجب توثيقه متنا وسندا , والا يتضمن ما يضعف الثقة به , الدليل الذى وقع الشك فيه لا يحتج به , الفقه يتجدد بتجدد الاجيال , وكل جيل يضيف اليه ما يراه من الافكار والاراء , مهمة التعليم تكوين ملكة الفهم لدى المتعلمين , القضاء هو المصدر الاهم للفقه والاكثر واقعية لانه مستمد من مجتمعه , من لا يحسن الفهم لا يصلح للفقه و لان الفهم هو الفهم , يتسع الفقه باتساع الفهم وسعة التجربة ومخالطة الناس , من انعزل عن الناس فلايصلح لمعالجة قضايا الناس , التقوى لاتعنى حسن الفهم ,  العدالة لاتعنى حسن الضبط فى الرواية , التقوى شرط فى العالم  وليس كل تقي عالما , فهناك من الاتقياء من لا يوثق بروايتهم ولا بعلمهم , لا بد من الثقة بالعلم والعقل معا , المعرفة يجب ان تستند الى دليل وحجة لكيلا تكون توهما , والمتوهمون كثر فى عصور التخلف , فى مجال التكليف فلا بد من الثقة بالعقل لانه هو المخاطب والمؤتمن , لا بد من تجديد مناهج البحث عن طريق اعتماد منهج نقدى يمكن عن طريقه ترسيخ الاصول الثابتة , واغناء تراثنا بجهد الاجيال المتعاقبة وتجاوز منهجية التقليد , والثقة بجهد كل جيل , واعادة النظر فى كثير من المسلمات المنهجية , ليس التجديد ان نعيد كتابة تراثنا من جديد واعادة انتاجه بلغة حديثة , وانما تجديد المناهج  فى البحث للتوصل الى الحقيقة العلمية , ذلك امل نتمنى ان يكون وان يتحقق ولو بعد اجيال , الرحلة قد تكون طويلة وبطيئة , ولكنها لا بد الا ان تكون لكي نواكب مسيرة الانسانية نحو الافضل والاكمل ..

( الزيارات : 559 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *