منهج السببية العقلانية

كلمات مضيئة..منهج السببة العقلانية

هناك منهجان مختلفان ومتعارضان لتفسير ما يصادف الانسان من المواقف ويقف أمامها حائرا ، وكل منهما يزاحم الاخر , لااحد منهما هواولى بالحق من الاخر , وكل منهما يؤدى مهمته  , المنهج الاول هو منهج السببية العقلانية التي تنظر للأمور نظرة موضوعية ، كل شئ يعتمد على العلاقة السببية التي تؤدي اليه ، وهذه المنهجية هي الغالبة وهي التي اعتمد عليها التكليف وبها تكون المسؤولية والعدالة ، ولا عدالة خارج الارادة والاختيار ، والارادة كاملة ، وهذا التفسير مقنع لان العلاقات بين الاشياء مدركة بالعقل ، فكل فعل هو وليد اسبابه المؤدية اليه ، وتلك حتمية ، قوانين الحياة ثابتة وراسخة ، ولا شيئ خارج السببية، ويمكن عن طريق التجربة التوصل اليها وتحديد المسؤلية وتوقع ما يمكن ان يكون ، وكل شيء في الكون يمكن تفسيره بأسبابه الظاهرة ، ولا شيء خارج أسبابه ، وهذا المنهج مريح وعادل ويمكن توقع نتائجه بالعقل ، والعقل هو مشعل النور الذي يضيئ الطريق ، ونحن نحتاج الى هذا المنهج العقلاني السببي لانه اكثر عدلا ، ويجعل كل انسان مسؤولا عن أعماله ، وعليه ان يعد لكل امر عدته ، وهو منهج شرعي وتقوم عليه الأحكام وتبنى عليه ، والفكر الناتج عن هذا المنهج محكوم بضوابطه التي تدركها العقول عادة ، وهذا المنهج يمشي الى الامام ولا يلتفت الى الوراء ، ولا تستقيم الحياة الا به ، وهذا المنهج لا يتعارض قط مع الثوابت الدينية في العقيدة ولا شيئ خارج الارادة الالهية ، اما المنهج التفسيري الآخر فله رؤيته الغيبية الايمانية الروحية ، ويفسر كل ما يجري في الوجود من منطلق إيماني بان الله تعالى هو كل شيئ في الوجود وكل ما عداه ليس سوى دمى تتحرك بامر الله ، وان القلوب بيد الله يحركها كيف يشاء انقباضا وانبساطا ،  وفِي الكيفية التي يشاء وهو مقلب القلوب وفِي الوقت الذي تحقق الغرض المطلوب الذي تختفي به الحقيقة خلف ستار الاسباب الظاهرة ، لكي تقام الحجة علي الانسان فيما اختاره واقدم عليه بارادته ، وتلك رؤية ايمانية صوفية تعتمد على فهم مختلف للوجود وللإنسان ، وهذه المرتبة تنطلق من ثوابت ايمانية بان كل ما في الوجود ما هو الا تجليات الهية متعددة في الظاهر وتمثل حقيقة واحدة وهي فيوضات وتجليات وان الله يحرك القلوب بامره لكي يكون ما اراد ه الله ، هذه مرتبة ذوقية ، وهناك من توصل اليها عن طريق الشعور بها ، واستغرق فيها وأصبح ينظر منها للحياة ولكل ما فيها من التجليات  التى تعبر عن الكمال  ، وكل شيء يتجه نحو الله  خالق الكون ومصدر الخير , من كان فى مرتبة الشهود  يرى الله فى كل مظاهر الكون ولا يرى عيره ، ويمكن التوصل الى هذه المرتبة الذوقية عن طريق المجاهدات الروحية والرياضات النفسية الروحية والصفاء الروحي الذي هو ثمرة لتلك المجاهدات التي تسمو بصاحبها الى فهم اعمق للوجود ، ولا يمكننا الحكم على هذه المرتبة بما هي فيه ، وأتكلم عن المشاعر الناتجة عن احوال روحية صادقة ، اما الأحوال المتكلفة فهي خارج الاهتمام ولا يعنينا امرها ، فمن كان متكلفا فلا قيمة لما يدعيه ولا اثر له وهي حالات تغلب فيها حظوظ النفس والأهواء ، وهي الأكثر، وهي ناتجة عن الجهل والغفلة  ، اعود الى الأحوال الصادقة وهي قسمان : هناك احوال صادقة ناتجة عن صفاء حقيقي ومن صفة هؤلاء الأدب مع الله ومع كل الخلق  ولو كانوا مذنبين اولا والزهد فى الدنيا  ثانيا والقرب من الله محبة وتعلقا ثالثا ، ، ويظهر اثر ذلك في حياتهم الواقعية محبة لله واستقامة وفهما للحياة وتوكلا على الله ، هؤلاء قلة نادرة في مجتمعهم ولهم خصوصياتهم الواضحة في حياتهم ، هؤلاء علاقتهم بالله عميقة وصادقة ، وهم رموز خير ورحمة ، وهؤلاء لا يصدر منهم الشر لان نفوسهم صفت وارتقت ، واهم ما يميز هؤلاء هو شعورهم بالرحمة والسعة فلا يطمعون ولا يحقدون ولا يعتدون ولا ينتقمون ، وهم زاهدون فيما يطمع فيه غيرهم من متع الدنيا مكتفين بما لديهم من اسباب الحياة ، ومن علامة هؤلاء ان الله يشرح قلوب الخلق لمحبتهم والتعلق بهم ، وهناك فئة اخري من هؤلاء صادقون ايضا ولكن تتحكم فيهم الاوهام وتمسك بزمام امرهم ، وتتداخل رؤاهم فيما بينها ولا يستطيعون التمييز بين حق وباطل ، ويرون في أنفسهم ماليس فيهم وتنتابهم احوال غير معتادة ، ويكبر الوهم في داخلهم الى ان يعتقدونه حقا وصدقا ، ومعظم هؤلاء يضلون عن الطريق بسبب ما هم فيه من اوهام ، ومحنة هذا المنهج انه ليست له ضوابط وليس خاضعا لمنهجية يمكن الثقة بها ، الذوقيات منهج ذاتي للمعرفة الروحية ، اذا لم يخضع لمعايير العقل والشرع فهو كفرس جموح لا يمكن التحكم فيها ولا يمكن الثقة بها ، انها تسير على غير هدي وتقتحم الابواب المغلقة وليست لها غاية او هدف ، انه الجموح الذي يضل صاحبه ويخيف مجتمعه ، تأملت كثيرا في هذين المنهجين ، وكنت مع التفسير العقلي السببي وهو المنهج الذي اراه صحيحا وهو الذي يجب اعتماده كمنهج للمعرفة الانسانية ،ولتفسير الظاهرة الكونية ، واهمها السلوك الانساني من منطلق الاسباب ، والمشيئة الالهية تتحقق من خلال قوانين الطبيعة وليس بتجاهلها ، الصدفة هي الصدفة فمن ارادها ان تكون غير ذلك فهذا اختياره ومنهجه في التفسير وهذه هي قناعته  ، واعترف انني في أعماقي كنت ارى ما هو خلف الاسباب  من الصدف الناطقة بالحكمة والتدبير ، واحيانا اسلم بذلك وأفسر كل شيئ من خلال ذلك الشعور الداخلي بالحكمة الالهية التي توجه القلوب لما اراده الله ، ذلك الشعوز الداخلي كان في داخلي ولعله كان من تأثير تلك التربية الروحية في طفولتي الاولي ، ما زالت اثارها في كياني ، وكنت ارتاح لهذا التفسير ، لانه كان يشعرني بالرعاية ، وهذا الشعور نحتاجه في حياتنا لانه يمدها بالقوة ويريحنا عندما نشعر بالتعب والإرهاق ، انه يخرجنا من حالة اليأس والإحباط ، انه يشعرنا بالدفء الداخلي  الذى نحتاجه باستمرارللتوصل  الى فهم اعمق للحياة .. >>.

أمس الساعة ‏٦:٢٣ م‏ ·

 

( الزيارات : 557 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *