مهمة الفلسفة فى خدمة مجتمعها

 كلمات مضيئة..مهمة الفلسفة وقضايا المجتمع.

اكثر ما اذهلنى فى متابعتى لاراء الفلاسفة القدماء والمحدثين هو ذلك الاهتمام الذى لانهاية له بقضية الالهيات وقدم العالم ونشاة الوجود , معظمهم اقر بوجود الله العلة الاولى اللا متناهية التى تمثل ذلك الكمال ,  وحاولوا بكل جهدهم اقامة الدليل على ذلك , فى حوارات قد تكون مقنعة او غير مقنعة , ووقع معظم فلاسفة الاسلام فى نفس الطريق , الى ان تصدى لهم الامام الغزالى فى كتابه تهافت الفلسفة , لقد سفه الغزالى كل تلك الادلة والبراهين من نفس المنطلق الذى اعتمدوا عليه , كان التصور الاسلامى اكثر موضوعية من الناحية العلمية , وهو ان الايمان قضية روحية وعماده صفاء القلوب الذى تتجلى فيها تلك المعرفة الايمانية الروحية  بطريقة يقينية لا تحتاج الى ادلة برهانية , من المسلمات ان المنطق العقلى فى القضايا الغيبية غير المدركة لا يمكن اقامة البرهان عليها,  وكل برهان يحتمل من النفي  بمقدار ما يحتمل من الاثبات , وكل ما يمكن للعقل ان يقيم الدليل عليه يمكنه ان يقيم الدليل على عكسه , وطريق اليقين فى الامور الالهية هي الجود الالهي الذى يكرم الله تعالى به من شاء من عباده , والتاريخ يثبت لنا من خلال الوقائع الاجتماعية ان الهداية الى الايمان هي  نفحة من العناية الالهية  , وهي كسحابة مطر تمر سريعا , تمطر فى مكان وتمسك فى مكان اخر , وليست هناك قاعدة علمية  يمكن تفسير ذلك , كل ماكان من الله من عطاء الهداية فان له سرا لا تدركه العقول ولا يمكن تفسيره او التحكم فيه , وهو كالرزق الذى نراه متفاوتا ولا يمكن ادراك سره , واذا انتفت امكانية البرهنة عليه بطريقة يقينية فلا مبرر للخوض فيه , والايمان امر يحتاج الى اليقين , ولا يمكن للعقل ان يصل الى اليقين فى قضايا الايمان , وهذا ما اكد عليه الامام الغزالى فى كتابه المنقذ من الضلال , ومثل هؤلاء الذين يبحثون فى الغيبيات عن طريق العقول كمثل اعمي يبحث فى الظلام عن شيء روحي لا يمكن رؤيته بالبصر  , الاعمى لا يمكنه ان يرى النور الالهي الذي يضيء طريق الصالحين , ولو انصرف العقل الى الاهتمام بقضايا العلم الذى ينفع الانسان وينهض به الى الافضل والاكرم لكان افضل له  , العقل هو اداة التكليف وهو المخاطب والمكلف والمؤتمن على الحياة , وهو مزود بمصباح هو العقل الانسانى وهو اداة الفهم لما يحتاجه ذلك الانسان لكمال احتياجاته , ما يمكن للعقل ان يقيم الدليل عليه هو من اختصاص الانسان  وماكان من امور الغيب فيجب عليه ان يؤمن به كما جاء من عند الله ولا يتجاوز ذلك باضافة مسيئة تخرج ذلك النص عن سياقه , العقل هو الاداة التى ارادها الله ان يكون هو المصباح الذي يفرق الانسان به بين الخير والشر والصواب والخطأ , ما قام الدليل عليه من العلم فيجب ان يحترم , ولا يمكن فى يقينيات العلم ان تنكر نتائجه , مسار العلم هو اكتشاف قوانين الطبيعة واسرارها التى خلقها الله وكلف الانسان ان يبحث عنها ولا حدود للثقة بالعلم , واليقين العلمى  القائم على البرهان العقلى الذى لا يمكن الشك فيه يجب احترامه , عندما تتجه الفلسفة للاهتمام بالانسان للبحث فيما يمكن ان تجعل الحياة اكثر رقيا والانسان اكثر سعادة , المجتمع الانسانى يحتاج لما يفيده ويسخر الطبيعة له, لسنا بحاجة للتفكير في كنه خالق الكون وموجده فتلك قضية ايمانية , مهمة الفكر ان يبحث فى حقوق الانسان وكيفية تكوين نظام اجتماعي يوفر لذلك الانسان الكرامة لكي يشعر بانسانيته , المجتمع الانسانى اليوم يعانى من ازمات حقيقية تهدد وجوده الانسانى , كل فلسفة لا تفيد الانسان لاقيمة لها , الدين هو رسالة الله الى عباده لكي يختاروا الطريق الذى اراده الله لهم , واهم ذلك ان يتحابوا ويتراحموا ويتكافلوا وان يكونوا متعاونين على فعل الخير والا يظم قويهم ضعيفهم والا يحرم اي احد منهم من حق اقره الله لعباده وان توزع الثورات بينهم بعدالة وان يقيموا لانفسهم النظام الذى يضمن لهم الامن والسلام فى انفسهم واموالهم , تلك مهمة الفلسفة فى كل عصر ان تكون  النور الذى يخدم مجتمعها ويعبد له طريقه فى رحلة الحياة ..  

( الزيارات : 769 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *