مهمة القوة الروحية

كلمات مضيئة..
كل القوى التي يملكها الانسان تعمل بطريقةً منسجمة كما تعمل قوى الطبيعة بطريقة منسجمة وتكاملية ، عندما تتغلب قوة علي اخري وتحاول التحكم فيها يقع الخلل فى النفس الانسانية فى السلوك الظاهرى , وهذا ما يعرف بالمرض النفسي  الذى يصعب التحكم فيه ومعرفة اسبابه الحقيقية , ويعكف اطباء النفس على  التوصل الى اسبابه  , ويعالج الخلل بامرين معرفة الخلل ومحاولة علاجه عن طريق ازالة الاسباب المؤدية اليه , والمهدئات ليست علاجا وانما هي محاولة للتخفيف من الالم النفسي ومن اهم تلك الظواهر هي التطرف  والقلق والخوف والعدوانية والقسوة  والكراهية والاحقاد , وهذه الظواهر  ناتجة عن اسباب ومؤثرات تكوينية او اجتماعية , وتكمن الفضيلة فى الاعتدال والوسطية , وهذا هو معنى الصحة النفسية , والتطرف هو وليد اسبابه التفسية ، لا شيئ في الكون خلق عبثا ، الكمال يتحقق من خلال ذلك الكمال في اداء كل شيئ وظيفته التي أرادها الله له ، وهي مبرر وجوده ، عندما يطغي عضو علي اخر يقع الخلل بطريقة حتمية ، والانسان هو ابدع ما في الكون ويجب ان نقبل ذلك الانسان كما هو , وما كان حقا فلا يمكن انكاره عليه , وما يؤدى الى تجاوز لحق الغير فيمينع التجاوز لتحقيق السلم الاجتماعى  فلا حرية فيما كان خارج الضوابط الاجتماعية  والاداب العامة والمصالح المشروعة ، الانسان بكل قواه هو  اداة فهم ذلك الكون والتحكم فيه ، لا احد هو اولي بالحياة من احد ، القانون الطبيعي الذي اراده الله لهذا الكون يكفل ذلك التكافل والانسجام بطريقة عفوية وتلقائية ، لا شيئ في الكون حارج الاسباب التي ارادها الله ان تنظم ذلك الكون ، عظمة الله تتجلى في تلك الإبداع والترابط السببي ، وما في الانسان هو صورة من ذلك الكون الواسع الذي يتسع الانسان لفهمه والتعامل معه ، الكون هو ما يدركه الانسان منه وبالكيفية التي يراها من خلال ما يملكه من أدوات الفهم ، الحياة هي كما يراها الانسان ، ولكل انسان رؤيته الخاصة به ، وليست هناك مثلية مطلقة ، ولهذا كان التعدد ، القوى الثلاث للانسان تعمل منسجمة ومتكاملة ، ولكل قوة تأثيرها في السلوك الانساني ، واهم تلك القوى هي القوة الغريزية التي لا بد منها لاستمرار الحياة ، وهي القوة التي تكون بها الحياة ، وهي القوة التي نراها متشابهة في كل من الانسان والحيوان ، وهي التي تحمي الحياة وتوفر اسبابها ،. وبفضل تلك القوي يهتدي الانسان الي اسباب حياته ، يبحث عن الاسباب بطريقة غريزية كالغذاء الذى يتحقق كماله البدنى به ويشتد غضبه عندما يعتدى احد عليه فى حق من حقوقه ، لا احد يمكنه ان يقاوم تلك القوة ، تلك قوة كمال في الانسان ، في الصغير والكبير وفِي العاقل والمجنون ، وفِي القادر والعاجز ، هذه القوة هي المتحكمة في السلوك الانساني ، وهي قوة عمياء وذات سلطان ولا يمكن قهرها او تجاهلها ، وكل القوي الأخري هي اداة للتحكم في تلك القوة لكي تخرج ذلك الانسان من الضلال والظلام الي الهداية والنور ، ومن البهيمية الي الانسانية ، وهذه مهمة الشرائع والقوانين والاخلاق والاداب التى تنير للانسان طريقه الذى يبحث به عن تلك المطالب  الضرورية , وكلما ارتقى الانسان ارتقت  وسائله  للبحث عن حقوقه , الحيوان لا يعرف الحدود عندما يبحث عن طعامه اما الانسان فيجب ان يحصل على طعامه بالطرق المشروعة , فلا يسرق ولا يغتصب ولا يعتدى , وطريقه ان يكسب قيمة طعامه اما العاجز فهو محمول بطريقة تكافلية  لا خيار فيها , والتكافل واجب وحق ويجب ان يحترم عن طريق الدولة المؤاتمنة على الحقوق المشروعة  لكل المستضعفين , لااحد خارج الاسوار التكافلية وهذه هي حقيقة الدين ورسالة الله , لا احد خارج المظلة والرعاية الالهية ولو كان عاصيا ومذنبا فالذنوب لا تسقط حقا اقره الله لعباده ولو عصوه وكفروا به , الولد العاق لا يحرم من رعاية ابيه ورحمته , وعباد الله لا يحرمون من رحمة ربهم والله ارحم بهم وهو رب العالمين الرحمن الرحيم , ما اشد جهل الذين يتدخلون بين الله وعباده فيما هو من امر الله الذى اختص به لنفسه وهو اعلم بعباده وما يسرون وما يعلنون ما اجدر ذلك الانسان ان يلتزم الادب مع الله وان يكف لسانه عن عباد الله فيما يتعلق بعلاقتهم بربهم  , وهناك قوتان في الانسان ولا يملكهما الحيوان ، القوة العقلية والقوة الروحية ، القوة العقلية في الحيوان اداة لغريزته  ليميز به طريقه  الى طعامه  فلا يضل فيه ، وتساعده تلك القوة  للبحث عن اسباب حياته ، الحيوان يبحث عن طعامه ويدافع عن وجوده بعقله الغريزي الذي يهديه لحماية حياته ، اما الانسان فيملك الارادة والاختيار ، انه يختار ويرجح ما يري فيه مصالحه وهو مسؤول عما يختار وممتحن به ومؤتمن على ان يختار الافضل الذى لا عدوان فيه والذى يليق بالانسان  المستخلف  ، القوة العقلية في الانسان ليست واحدة وتنمو باستمرار بالتجربة والتكوين  فى رحلة طويلة نحو الكمال النسبي   ، انها قوة تكبر وتصغر وترتقي وتنحدر ، وتضل صاحبها وتهديه ، انها قوة اكتسابية تتأثر بمكوناتها الخارجية ، انه قوة تمييز ، وليست رشاد ، انها قوةً مادية ، لا يمكن الثقة بهذه القوة العقلية  فى غير المحسوسات  المدركة بالحواس الظاهرة ، انها قوة انانية ضيقة الأفق ، معاييرها مادية ، عندما تستولي القوة العقلية علي صاحبها يكون اشد قسوة من الحيوان انه يقتل ويعذب وينتقم ويفعل اسوأ الأفعال عن ارادة واختيار  ، انه يستمتع بما يفعل من غير شعور بالالم  وعندما يغضب يفقد كل ملامحه الانسانية ويفعل مالا يفعله الحيوان من القسوة والوحشية , ما اقسى ما تفعله العقول فى حالتين الطمع والحقد ، وهناك القوة الثالثة وهي القوة الروحية الموجودة في الانسان وهي موطن العواطف والمشاعر الانسانية ، انها قوة موطنها الفطرة الانسانية التي اكرم الله بها الانسان لكي يكون إنسانا متميزا راقي الاهتمامات والمشاعر والمواقف والافكار ، هذه القوة الروحية هي التي يتوجه اليها الخطاب الديني من الله ، وهي التي تضبط الغريزةً وتمسك بزمامها  من الانفلات وتوجه العقل نحو العمل الذي يليق بالانسان. ، انها القوة التي تنمي مشاعر الرحمة وتمسك بزمام الانانية البغيضة ،. فتخرج الانسان من عقلانبته المادية الي الانسانية الروحية المتكافلة المتراحمة ، هنا يبرز دور الدين كخطاب الهي الى ذلك الانسان. ، تلك القوة الروحية هي التي تستجيب لخطاب الله فتنمو فيها مشاعر الرحمة والمحبة والقيم الاخلاقية ، هذه القوة موجودة في كل انسان ولكن تحتاج الي تنمية وتغذية مستمرة ، لكي تخرج ثمراتها اليانعة كازهار فى الحديقة الداخلية لذلك الانسان , ذلك هو الانسان المخاطب والمستخلف والمؤتمن تعلوا نبحث عن ذلك الانسان , ذلك هو الانسان الذى يحبه الله كل انسان فيه تلك البذرة الطيبة ولو كان عاصيا ومذنبا , ذلك الانسان هو الاقرب الى الله ، كل القلوب تحتاج الى تلك الكلمة الايمانية الطيبة والصادقة التي توقظ فيها مشاعر الرحمة والمحبة ، تلك هي ثقافة الايمان ومحبة الله ، تلك هي رسالة الدين في الحياة ، عندما تكون رسالة الدين هي تنمية قيم الخير والرحمة والمحبة ترتقي مفاهيم الحياة من مادية انانية متنافسة متباغضة الي روحية اخلاقية متعاونة متكافلة ، متي نفهم رسالة الدين في الحياة كمنهج لتعميق قيم الخير وتنمية مشاعر الرحمة ، ذلك هو الدين الذي لا يقاوم لانه هو عماد الحياة ، كرسالة تصحيح متجدد للحياة  يغذى قيم الخير والرحمة لكي  يتجه من النقص الي الكمال ومن الانانية الي الانسانية المتكافلة ، الدين رسالة رحمة ومحبة ودعوة. لاحترام الحياة والانسان ، ذلك هو الإسلام كما افهمه واراه فى منهج النبوة وفى سير الصالحين  ، وتلك هي رسالته التي ارادها الله لكل خلقه ، إسلام بغير مؤثرات تاريخية وبغير مصالح مادية , اسلام بغير طموحات الى الدنيا  ، اسلام لاجل كمال الحياة واستمرارها ، اسلام يرفع شعار الكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية والتعايش الانساني والتنافس في سبيل الخير الذي يحبه الله من عباده ، تلك هي رسالة الدين في الحياة الايمان بالله والعمل الصالح الذي يحبه الله من غير تجاوز او عدوان ، واهم ما فيه هو تلك الصورة من التكافل الانساني للدفاع عن الحياةوالتخفيف من معاناة كل المستضعفين والمحرومين والمظلومين في اَي مكان ،الرحمة لا تعرف الحدود ولا تفرق بين الناس الذين تجمعهم الرحم الانساني في ظل العبودية لله تعالي ، مقاصد الدين هي المرادة ان تكون وان تحترم في كل العلاقات الانسانية ، ما يناقض مقاصد الدين فليس من الدين ولا ينسب اليه ، رسالة الدين واحدة وهي رسالة الله لكل عباده ان يكونوا صالحين لا يتظالمون ولا يطغي قويهم علي ضعيفهم فيما كان من حقوقهم ..

( الزيارات : 624 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *