نافذة على الماضي 

ذاكرة الايام ..نافذة على الماضي 
في بداية حياتى العلمية في السبعينات كنت اكثر تفاؤلا مما أنا عليه الان ، ربما بحكم السن والشباب ، وربما لاننا كنّا افضل مما نحن عليه اليوم ، كنّا نحلم بالأفضل ونعتقد اننا محققون ماكنا نفكر فيه ، ولماذا لانحلم بالأفضل ونحن نملك ما يملكه غيرنا من الامكانات والكفاءات ، كنّا اقل مما نحن عليه الان في قدراتنا ومؤسساتنا وكوادرنا ، ولكن كنّا نملك الإرادة والعزم والطموح ، مل كنّا نتوهم او كنّا نحلم ، كنّا صادقين مع أنفسنا ، بالرغم من كل ازماتنا ولكننا لم نتوقف او نيأس ، لم يكن شعبنا يملك المال كما نحن اليوم ، كنّا اقل ثقافة وعلما ، كانت جامعاتنا قليلة وضعيفة ، ولكننا كنّا اقوى وارسخ واشد ايمانا بأن الله تعالى سيكون معنا في رحلتنا الى الافضل ، كنّا نعبر عن طموحاتنا من خلال ما نكتبه من مؤلفات وما نعبر عنه من أفكار ، كنّا اكثر اخلاقية واستقامة ، كان المواطن اقل ثقافة ومالا ولكنه يخجل من الأفعال التى لاتليق ، كان الحياء اكثر ، كان رجال العلم ورموز الكلمة والقلم يحظون بثقة مجتمعهم واحترامه ، كان الدين ايمانا وأدبا واستقامة وخلقا ، ما ازال اذكر مواقف وسلوكيات لرجال كبار كنت احترمهم ، كان الناس يتنافسون لكي يكونوا اكثر استقامة ونزاهة ، نحن اليوم لسنا كما كنّا من قبل ، لم تعد احلامنا كبيرة كما كانت ، لم نعد ننتظر الفجر او نترقبه ، كنّا نثق بانفسنا ومستقبل اولادنا ، ونعد اطفالنا لِغَد افضل ، أصبحنا اليوم نخاف من المستقبل ونتوقع انه سيكون أسوأ مما هو عليه ، أصبحنا نعتقد اننا في المربع الاول من رحلة الانحدار والتراجع ، وان ما سيكون في المستقبل قد يكون اشد ظلاما ، كان الدين خلقا وأصبح شعارا لا دلالة له ، معظمنا التزم الصمت ولو كان قادرًا على الكلام لانه وجد الا فائدة ترجى مما يقول وقد يسمع ما لا يرضيه ، أصبحنا نتكلف عندما نعبر عن الأمل والرجاء ، من حقنا ان نهدم ما هو سيّء من فكرنا وتقاليدنا الاجتماعية السلبية ولكن بشرط ان تكون لنا رؤيتنا لما يمكن ان يكون ، نهدم لكي نبني وننتقد السلبيات لكي نتخلص منها لا لكي نتنافس في هدم كل شيء ، ونعتبر الهدم هو البناء ، اننا ندفع ثمن الاخطاء وهي كثيرة ، ولكن بالرغم من كل شيء لن نضعف ولن نستسلم ، مازلنا نثق بالمواطن الحر الذى يتطلع للافضل ، أننى على يقين ان الاجيال المقبلة ستكون اكثر قدرة على فهم واقعها ، ما يجرى اليوم في مجتمعنا العربي مؤلم ومحزن ، ولكن يجب ان نستيقظ ونتعلم ونتجنب اخطاء الماضي ، قد يكون الفجر بعيدا ولكنه سيأتي مهما طال الليل ، هذه هي سنة الحياة ، الأزمات والمحن ستوقظ شعبنا وتعلمه كيف يختار مواقفه من غير وصاية عليه ، وان المواطن مؤتمن على ارضه وخصوصياته ، وان الله تعالى سيكون مع شعبنا في محنته لكي يخرج من النفق المظلم الى عالم اكثر ايمانا وأخلاقا وانسانية ورحمة ، ويظل المواطن المستضعف هو الاقوى في دفاعه عن كرامته في مواجهة الجهل وثقافة الكراهية لكي يختار ما ينفعه وما هو جدير به من المواقف والاختيارات ، المحن ولودة ومعطاءة والشعوب الحية لاتستسلم ولاتتوقف ما دامت مؤمنة بان الله تعالى سيكون معها في البحث عن الطريق الذى لا عوج فيه ..

( الزيارات : 1٬008 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *