نفحات روحية المجموعة التاسعة

نفحات روحية..

 المعرفة هي حسن الفهم للحقيقة الانسانية وهي كالنور الذى يضيء للعقول طريقها , والعلم هو وسيلة المعرفة وهي ارقى فهما , وموطن العلم هو العقل والعلم اداة لما يقود اليه , اما المعرفة فموطنها هو القلب , وليس كل علم يقود الى المعرفة فهناك ما يمنع من المعرفة وهي الحجب الكثيفة واهم حجاب هو تعلق القلب بغير الله من افراد واوصاف ومصالح دنيوية , الحقيقة فى الوجود موجودة وليس المهم وجودها وانما المهم ان تنطبع فى القلب , ولا قيمة لها اذا انفصلت عن الانسان , قلة من اهل الصفاء تنطبع صورة تلك الحقيقة فى قلوبهم لصفاء تلك القلوب , وهناك من يتوهمون انهم عرفوا الحقيقة , وهم كمن انطبعت صورة السماء فى صفحة الماء وظنها هي السماء , هي مجرد صورة متوهمة , المعرفة عطاء من الله لمن شاء من عباده , ومن ملامح هؤلاء انهم اهل ادب وخلق وسكون وتسليم ورضا , من ادعى هذه المرتبة هم كثرة تو هموها وكبرت اوهامهم الى ان انحرفت بهم تلك الاوهام عن الحق , من حظوظ النفس التطلع الى هذه المرتبة , من علامة هؤلاء انهم ليسوا اهل دنيا , وليسوا اهل غفلة , فمن اراد الدنيا والشهرة وغلبته اهواؤه فهو من الادعياء الغافلين ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

 المعرفة الاستدلالية هي المعرفة التى يتوصل اليها عن طريق الادلة والحجج والقرائن وهي اقرب الى ايمان الفلاسفة وعلماء الكلام , وما كان كذلك فلا يفيد اليقين لان كل دليل فهناك ما ينقضه من الادلة , وهذا شان كل المناهج الاستدلالية التى موطنها العقل والمنطق العلمى , قضايا الايمان تحتاج الى اليقين القلبى وهو اسمى من كل الادلة ولا يعتمد على القرائن العقلية , و الايمان اليقينى هو عطاء الهي يجود به الله تعالى على من شاء من عباده الصالحين , اليقين لا يحتمل الشك والتردد ابدا , واصحاب هذه المرتبة لا يبحثون عن الادلة والحجج , اليقين تغذيه الفطرة الصافية , اذا لم يكن هؤلاء من اهل العلم كان احتمال سيطرة الاهواء عليهم اقوى الا اذا كانوا من اهل التقوى , والتقوى هي ما يعصمهم من الضلال والوهم والوساوس ,

…………………………………………………………………

نفحات روحية

عندما يحاول السالك ان يتحكم فى شهواته الظاهرة وملذاته الدنيوية عن  طريق المجاهدات الروحية تتجه نفسه الى الشهوات الخفية التى يحرص على الرضوخ لها والاستجابة لمطالبها , ومن ابرز تلك الشهوات الخفية التى هي من اهم منزلقات الصالحين والعباد هي حب الظهور وحسن السمعة وارتفاع المكانة , وهذا من الرياء الذى يسقط فيه السالكون ويبعدهم عما يفترض فيهم من الاخلاص والتوجه الى الله , ومن طلب الرفعة والمكانة فقد اراد الخلق بعمله وطلب ان يسمع الثناء عليه, وهذا امر غير ممدوح ولا محمود, وهو غالب ومتمكن ويقع التساهل فيه ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

لا بد من الاسباب وهي ما يدل عليها العقل عادة  , وهي لا تتنافى مع التوكل على الله والثقة به وهي درجة قلبية , ومن الجهل ادعاء التوكل مع انعدام الاسباب التى ارتبطت بها ثمراتها , الاسباب هي العامل الظاهر الذى ارتبطت الاقدار بها , والاسباب لا تعنى وجود المسببات بطريقة حتمية فهناك ما لا تدرك حكمته , احيانا تكون الاسباب ولا تتحقق بها المقادير , الرزق لا يتحقق الا باسبابه الظاهرة , واحيانا يكون السبب ولا يكون الرزق , لو ارتبط الرزق بالعمل والنجاح بالذكاء لا عتقد الناس انهم رزقوا بجهدخم ونجحوا بذكائهم وانتفت فى قلوبهم معاني الايمان , الاسباب الظاهرة يراد بها اخفاء سر الحكمة الالهية وحكمة التدبير , من احسن الفهم قام بكل الاسباب الظاهرة واعتمد على الله فيما كانت به حكمته ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية..الفكر الصوفي والتربية النفسية ..

ابدع الفكر الصوفي فى امرين :

 الاول : الاهتمام بالتربية النفسية ومعرفة طبائع النفوس وامراضها وما يعترضها من احوال روحية بعضها صحيح والكثير منها متوهم , والمتوهم بعضه توهم صادق يعتري بعض الصالحين والاخر توهم ناتج عن تكلف وادعاء , ولان هذه الاحوال لا تخضع لمعايير عقلية فمن اليسير ان يختلط الحق فيها بالباطل وتلتبس الامور , عندما نخضع كل ذلك لمعيار الشرع والعقل معا نستطيع ان نرقب ونميز , ولا اتكلم عن تصوف عصرنا فهو مرآة لواقعنا كما نراه , وانما اتكلم عن عصر ازدهار التصوف وعصر ائمته , مهما يكن من امر فان الفكر الصوفي اسهم بطريقة اكيدة فى اثراء الدراسات النفسية المتعلقة بالقوة الغريزية الشهوانية والغضبية , وهي قوى ضرورية لكمال الحياة وتلبية مطالب الابدان , ويملكها الانسان والحيوان معا , فالحيوان يطلب ما يحتاج اليه من طعام وشراب بقوته الشهوانية التى تدفعه للبحث عن طعامه , ولو بالعدوان على من هو اضعف منه لا شباع حاجته , ويدافع عن حياته عندما يقع العدوان عليه , ويملك بطريقة غريزية الطريقة التى يحمى بها نفسه , وهو بذلك كالطفل والمجنون يتحرك بطريقة غريزية من غير تامل فيما يفعله , اما الانسان فانه يملك قوة التمييز بواسطة القوة العقلية , ولكن هذه القوة تخلق ناقصة وقاصرة وتنمو وتكبر بالتجربة والتربية والتعليم , وكلما كبرت تحررت من خضوعها للقوة الغريزية , ولذلك نرى الجاهل تتحكم فيه اهواؤه وشهواته واذا غضب تحكمت فيه غريزة الحقد والرغبة فى الانتقام والعدوان , العقل كالبدن ينمو رويدا بالعلم والمعرفة والتجربة الانسانية ولذلك كانت دراسة التاريخ مهمة لانها مدرسة يتعلم منها الانسان تجارب السابقين من الافراد والمجتمعات ..

الثانى : تعميق القيم الايمانية عن طريق الاهتمام بما خفي عن الظاهر من البواعث والمقاصد والدوافع , مانراه ليس هو الحقيقة , اننا نملك من خلال حواسنا ان نرى ونسمع ونحكم بما نراه وما نسمعه, و اقصى ما يمكننا فعله ان نرصد الافعال من خلال القرائن , لا يمكننا ان نميز بين الصادق والكاذب الا من خلال القرائن , هناك درجات قلبية لاتدرك بالظاهر , الاسلام يثبت بالشهادة اما الايمان فلا يمكن التثبت منه الا من خلال اثاره , التربية الصوفية اهتمت بطهارة الباطن , ولذلك اثاره الظاهرة فى السلوك الانسانى , واهم اثاره صفاء النفوس وسكونها والصدق والاستقامة والاخلاص والادب والرحمة واحترام الحياة وحقوق كل الاخرين وكراهية العدوان والظلم والطمع والحقد والفساد ,

 عندما تكون مسلما تتخلق بخلق الاسلام , الشهادة تعطيك بطاقة الانتماء الى الاسلام ولا يعنى ان تكون مسلما صالحا الا اذا التزمت باخلاق الاسلام ,

 الصوفية منهج تربوي لكي تكون اصلح وافضل ايمانا وسلوكا , فاذا لم تثمر التربية الصوفية ذلك فلا حاجة اليها , الصوفية ليست طقوسا ومصطلحات وادعاءات تتغلب فيها العادات وتتحكم فيها الاهواء والمصالح , الصوفية ليست مغالبات وتطلعات دنيوية الى الجاه والشهرة , ما نراه اليوم صورة باهتة تعبر عن مجتمعها فى واقعه , الصوفية الحقة اسهمت فى تنمية القيم الايمانية , الصوفية ليست سذاجة وتواكلا , عندما تستغنى الصوفية المعاصرة او السابقة عما لا اصل فى الدين من الطقوس والافكار تحسن صنعا وتحافظ بذلك عن خصوصياتها التربوية , الصوفية تجديد العهد مع الله وتصحيح الاعمال لكي تثمر فاذا لم تكن كذلك فلا حاجة اليها , الطريق الى الله ليس واحدا وكل طريق يقودك الى الله فهو حق , احذر اي طريق يبعدك عن الله , لا تستسلم للاوهام ولا تنحرف عن الطريق ولا تجعل الدين مطية لدنياك , من اراد الدين مطيته اذله الله ولو بعد حين , من اراد الدين فطريقة معبد امامه , ومن اراد الدنيا فطريقه ميسر له وعليه ان يسير فيه مع الاخرين , يغالبهم فيه ويغالبونه , والنصر فى النهاية لمن ملك اسباب النصر وفقا لما اراده الله ..ومن اراد الله فى عمله كان الله معه ناصرا ومعينا ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

 كل انسان يملك قابلية العلم والمعرفة , والانسان يشبه حوض الماء الذى تتجمع فيه مياه كل السواقي المتجهة اليه , منها ما هو صاف ونظيف , وهي السواقي التى كانت محكمة الضفاف نظيفة من الشوائب لم تلوثها الاوساخ وظلت مياهها كما هي لونا وطعما , وهناك سواقي غير محفوظة تأثرت بما اختلط بها من الاتربة والاوحال فتغير لونها وساء طعمها , وكل ذلك يصب فى ذلك الحوض الجامع لكل ما ياتيه ,..

الانسان هو ذلك الكائن الذى اراده الله ان يكون خليفته فى الارض رقيا وكمالا,  وهو المكلف والمخاطبوالمؤتمن , ويملك حرية الاختيار لكي تقام الحجة عليه ..

اما مصادر معرفته فهي مصدران :

الاول هو العقل المخاطب , والعقل يستمد معرفته عن طريق الحواس التى يملكها , وهي تمده بكل ما يراه ويسمعه , وهذه الحواس صادقة فيما تنقله , تنقل بامانة ماتراه وتسمعه , وتترك لذلك العقل حرية ما يختار منها , فاذا كانت تلك المرئيات والمسموعات صافية نقية جميلة الملامح مشرقة المعالم انتقلت الى ذلك العقل واوجدت لديه استعدادا لما يناسبها من خواطر الخير وعواطف الرحمة وكان الانسان اكثر استقامة فى فكره وفى كل تصوراته , اما اذا نقلت حواسه الى ذلك العقل ما تراه من ظلم وقسوة وعدوان كانت خواطر ذلك العقل اكثر ظلاما واستعدادا لافعال الشر , ثمرات العقول هي ثمار لما هي فيه , فاذا كانت الارض خصبة وسقيت بماء لا ملوحة فيه فلا بد الا ان تثمر ما لذ من الثمار وماطاب منها , وهذا هو سبب ما نراه من اختلاف عطاء العقول , رقيا وانحدارا من خواطر الخير والشر , المياه الصافية ليست كالمياه العكرة , والخواطر هي وليدة ذلك الحوض من الماء , من حفظ سمعه وبصره من الشوائب كانت خواطره اكثر صفاءا وتعلقا بالخير والكمال ..

 المصدر الثانى للمعرفة هو القلب , والقلب كالعقل كل منهما يؤدى مهمته فى تحديد خصوصية الانسان , العقول متأثرة بالغرائز المتحكمة كالشهوات والاهواء والانفعالات , واحيانا تتحكم تلك الغرائز فى كثير من العقول , وقلما يستطيع العقل ان يتحرر من تعلقاته واهوائه ومصالحه , ولهذا كانت الرياضات النفسية والمجاهدات الروحية للتحكم فى تلك الاهواء والشهوات لكبح جماحها لئلا ينزلق صاحبها الى حضيض لا يليق به من الاوصاف المذمومة , كالحقد والطمع والحسد والكبر والغرور , وهي اوصاف لا تليق بالانسان وهي حجاب عن الله ولا يفلح من تمكنت منه اهواؤه فكان بها محجوبا ومبعدا ,

 القلب هو موطن الفطرة الانسانية , والمعرفة القلبية هي معرفة ذوقية مستمدة من الله تعالى عن طريق الالهام الروحي الذى يشعر به الانسان لا عن طريق الاستدلال العقلي ولا عن طريق التجربة الانسانية وانما عن طريق طهارة القلب وحفظه والتوجه بكامل الهمة الى الله تعالى , وهذه المعرفة ذوقية ومستمدة من السر الالهي الذى اودعه الله فى قلب الانسان معرفة بالله وفهما لما يريده من عباده , وهذه المرتبة فى الوجود ثابتة وهي من الجود الالهى الذى يكرم به من شاء من عباده الصالحين , من توهم هذه المرتبة فهم كثر ومعظمهم صل بها وانحرف , ومن ابرز علا ئمها السكون القلبى لما اراده الله والتسليم له , من تعلق قلبه بها فهو من المحجوبين عنها , ومن ادعاها لنفسه كان جاهلا بها , والطريق الى هذه المرتبة ليس كثرة العبادة وانما بحسن الادب مع الله فى اداء تلك العباده وعدم التعلق بالدنيا ولو اشتغل بها , وصاحب هذه المرتبة يصدر الخير عنه من غير تكلف ويكون اكثر رحمة بالخلق سعيدهم وشقيهم..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

 لاثقة بالعقليات الا اذا اعتمدت على العلم , لان العقول متفاومة الفهم والادرك ومعاييرها ليست واحدة , فاذا كان العلم اقتربت من الحق والصواب ولو بدرجة نسبية , وقلما يلتقى اصحاب العقول الا اذا اعتمدوا على معايير علمية تقرب ما تياعد وتجمع بينهم بينهم فى الثوابت والمنطلقات , ولا ثقة بالذوقيات اذا تجردت من العقل والعلم معا , والذوقيات ولو كان اهلها من اهل الصفاء فانها لا تخلو من الوهم لان منطلقها هو الانسان ذاته فى كل احواله وتناقضاته , الصدق لا يعنى الحق ابدا , لان الذوقيات هي وليدة تجربة ذاتية يتحكم فيها زمانها ومكانها , الذوقيات اذا خلت من التقوى كانت مطية للاهواء واذا تحكمت الاهواء سيطرت ووجهت واضلت , لا شيء من الذوقيات خارج معايير الشرع وضوابط العقل منعا للانزلاق والشطط ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية.ز الادب من الكمال

 اهم ما يميز التربية الاسلامية هو ذلك الاهتمام الذى لا حد له بالادب واعتبار الادب هو الثمرة الاوضح للتربية التى تميز الشخصية الانسانية وتبين مدى رقيها وحسن فهمها لمعنى الدين , قد يستغنى عن العلم ولكن لا يستغنى عن الادب , ثمرة العبادة فى ادب العبادة , وثمرة العلم فى ادب السلوك ومحبة الكمال , الادب ليس هو ذلك الخنوع المذموم فى المواقف وليس هو الضعف فى الشخصية , وانما هو فى حب الكمال والتعلق به واعطاء كل شيء حقه من الاهتمام والتعامل مع الخلق بالاحترام الذي يستحقون سواء كانوا كبارا او صغارا , اقوياء او ضعفاء , اتقياء او مذنبين , انت تحترمهم لانسانيتهم ولا يعنيك ماهم فيه , ليس عليك هداهم , خذ بيدهم ان استطعت ولا سلطان لك عليهم فيما يختارون لانفسهم , هذا خلق الله , الادب صفة ذاتية , ومن الادب ان تتعامل مع كل شيء من منطلق ما يجب ان يكون , اهم انواع الادب هو الادب مع الله تعالى فلا تتجاوز عبوديك كما امرك الله , والادب فى العبادة ان تؤديها كما امرك الله بها من غبر زيادة او نقصان , والادب فى الصلاة ان تحسن صلاتك من غير تململ او تهاون , والادب فى الزكاة ان تؤديها من غير من ولا ايذاء, والادب فى الصوم ان تمسك عما لا يليق بك من الاقوال والافعال والخواطر , والادب فى الحج ان تتوجه الى الله تعالى بكامل عبوديتك وضعفك , الادب خلق لاتكلف فيه , لا ثمرة لعمل مع انتفاء الادب فيه , التقوى من الادب , من الادب الا تتجاوز , لان التجاوز ظلم , وكلما ارتقيت ارتقى مفهومك للادب من الادنى الى الاعلى والاكمل , ومن الاذب ان تمسك بزمام نفسك فلا تتجاوز ولو فى خواطرك وعواطفك , ومن الادب ان تتعاطف مع كل المستضعفين وتمسك بيد كل المذنبين والا يشغلك مالا يعنيك من شؤون الاخرين ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

 غاية العلم النافع ان ينقلك من ألشك الى اليقين عن طريق البحث في الأدلة المنطقية التي تقود الى ذلك اليقين ، وليس من العلم ذلك المنهج الذي يقودك من اليقين الى الشك ، ذلك منهج خاطئ لان ما يقودك الى اليقين هو الاولى بالاهتمام ، المعرفة الاستدلالية غايتها ان تقودك الى اليقين وقلما تحقق لك ذلك الهدف لانها تعتمد على افتراضات يختلف الحكم فيها وتناقضات لا يقين في احدها ، البرهان لايقين فيه في الأمور الإلهية والمعتقدات الإيمانية لان اليقين يحتاج الى صفاء روحي لا يصل اليه الا من اراد الله ان يشرح صدره لمعرفته .

…………………………………………………………………

نفحات روحية

 كل شيء فى الوجود له وجود ما دي ظاهر ومدرك , وله صورة لذلك الوجود المادى وهو صورته فى النفس , عندما ننظر الى الاشياء نرى صورتها التى تناسبنا , وهي ليست صورة واحدة , هل يعنى ان تلك الصورة المتخيلة مطابقة لحقيقة ذلك الشيء , ذلك امر ييتطلب تاملا وفهما , الحكم الى الشيء ليس واحدا , ما المعيار الذي يمكننا ان نثق به وان نحتكم اليه , هل هو الحواس التى ترى وتبصر , ام هو العقل الذي يميز بين الاشياء ام ان هناك من ادوات الفهم مالا يمكننا الاحاطة بسره , احيانا نحب ونكره ونرى الجمال او القبح , على غيرما عليه كل الاخرين , البحث عن الحقيقة رحلة لا تتوقف احيانا تكون شاقة ومرهقة , المهم الا تتوقف رحلة الحياة لكي تظل الحياة حياة بكمالها ونقصانها وحيرة الانسان وهو يتابع ما يجرى فيها من مغالبات ونزاعات وافراح واحزان ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

 هناك من الناس من يجد سعادته فى الملذات الحسية فاذا فاته منها شيء مما تشتهيه نفسه فقد سعادته وشعر بالالام والاحزان واحس بالشقاء وزاد همه وظهرت عليه معالم الكابة , وهؤلاء هم اغلب الناس , وهناك فريق اخر وهو قليل يجد سعادته فى الكمال , فما كان من الكمال اسعده وماكان من النقصان اشقاه , انه يتالم كالاخرين لما يفقده من غياب قريب او عقوق صديق او شظف العيش او نقصان فى الصحة والابدان , ولكن تعلق هؤلاء بالكمال يجعل صاحبه يتسامى عن كل احزانه , فنراه شامخا كالطود فى المحن والنكبات اذا رايته شعرت بالقوة وازددت بمعرفته سعادة , ذلك النوع من الرجال قليل , لا تشغلهم القضايا الصغيرة , لان ايمانهم بالله هو الاقوى الذى يحميهم ويمدهم بالشجاعة فى المواقف والصمود فى المحن , عرفت بعض هؤلاء ورأيتهم اهل حكمة وبصيرة ونور يضيئ ليلهم ولو اشتد ظلامه , وادركت انهم ليسوا كالاخرين ، من ليس من هؤلاء فمن الانصاف الا ينكر عليهم ماهم فيه ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

لاشيء في الدين ل يمكن للإنسان ان يفهمه بقلبه او بعقله او بفطرته ولا احد اقرب الى الله  ممن اراد ان يفهم عن الله ما اراد من عباده ، كل الوسطاء من المفسرين لايمتلكون من فهم اسرار القران مالا يفهمه كل المخاطبين الذين استقاموا ،وأخلصوا ، الأوصياء على الدين من ادعيائه ليسوا اقرب الى الله من كل المخاطبين فيما تدركه عقولهم ومداركهم الفطرية ، المؤمن الصادق لاتحجبه كل الحجب ولو كانت كثيفة عن الشعور بالنور الالهي في قلبه .

…………………………………………………………………

نفحات روحية

عندما يريد الله شيئا يهيئ اسبابه لكي تقام الحجة على الانسان فيما اراده الله منه  ، كل العقول تتوقف عن اداء دورها وتتجه صاغرة مستسلمة منقادة لما اراده الله ان يكون في الوجود ، ويكون العقل وكأنه ليس هو ، امر الله سيكون وفق قانون السببية الظاهرة المدركة ولكن الاقدار هي ما سيكون في النهاية بأمر الله وحكمة تدبيره ، إرادة الانسان تو جهها الحكمة ويظن ذلك الانسان انه فاعل افعاله وهو لا يملك من امر ارادته شيئا ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

 كنت ارى في الاختلاف حكمة وفِي التعددية كمالا ، ما ضقت يوما بمخالف خالفني فيما أراه حقا ولا بمعاد لي فيما اعتبرته عدوا ، كنت ارى في كل هؤلاء الصورة الاخرى لما اعتبرته لي حقا وصدقا ، كم من مخالف أيقظني من غفوة كادت ان تجعل من امري عسرا ، وكم من عدو أوقفني امام منزلق لولاه لاقتحمته غير مبال بإخطاره ، عندما نكتشف الحكمة الإلهية نسنتسلم لها راضين فرحين مقبلين غير مدبرين ، ومستبشرين غير كارهين ولا متذمرين..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

 ليس مما ينتقص به الانسان ان يجد نفسه فى واقع يفرض عليه ان يهتم باشياء لايجد سعادته فيها سواء فى عمله اوفى محيطه او فيما نشأ فيه , لا احد يمكنه ان يتحكم فيما عاش فيه فى طفولته , وهناك فريقان من الناس , هناك من يجد سعادته فيما هو فيه ولو كان مما لا يليق به لان قلبه هو فى هذا المرتبة , وهناك فريق اخر لا يجد سعادته فىما لا يليق به , ويتعلق قلبه فيما هو اسمى واعلى من الاهتمامات والاستعدادات , مالا تجد نفسك فيه لا يسعدك واذا فعلته فسرعان تضيق بما فعلت , وتهمس فى داخلك : لست انا من يحب هذا او يفعل هذا , هناك من يتعلق قلبه بالاعلى ولو كان فى الادنى مكانا وواقعا , وهناك من يتعلق قلبه بالادنى ولو كان فى الاعلى , حقيقة الانسان هو ماتعلق قلبه به , وبهذا يقع التفاضل والتمايز .. وهذا هو مصدر السعادة الحقيقية ولا سعادة للانسان فيما لا يجد سعادته فيه سواء فى الادنى او الاعلى , وتلك هي حقيقة الانسان ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

 من طبيعة النفس انها تستلذ الملذات الحسية وتشتاق اليها وتبحث عنها , وتشمل الملذات الحسية كل ما ارتبط بالشهوات المادية الملذوذة , والانسان يملك اداة تلك الشهوات وهي الغريزة , والغرائز عمياء لاتحسن التفكير فيما تجد لذتها فيه , وعندما يمنع الانسان منها يغضب وينفعل ويخاصم ويعادى ,

والتساؤل الملح ..

اين هو العقل وهو اداة التمييز ,

اين كل ما يملكه الانسان من قدرات على التمييز ,

لا شيء يقف فى وجه جموح الشهوة اذا تمكنت وترسخت , وعندئذ تطغى على كل ما يملكه الانسان , امور ثلاثة توقف طغيات الشهوات المادية , الخوف من المجتمع فالعاقل لا يقدم على ما يسيء اليه , والخوف من العقاب وهو العامل الثانى , ويمكن للانسان ان يفعل ما يريد ويضمن السرية لنفسه فيما يفعل , وهناك العامل الثالث وهو الخوف من الله وهو الذي يراقبه ويحاسبه , وهناك عامل رابع وهو حب الكمال والتعلق بالكمال , وهذه مرتبة عالية وراقية , هناك فئة يتعلقون بالكمال فلا يفعلون ما هو من النقصان ولو تمكنوا من ذلك , هذا فضل من الله لمن اراد هدايته الى محبة الكمال , هؤلاء لا يجدون لذتهم فى الاشياء المادية وانما يجدونها فى اللذة العقلية عن طريق التامل العقلى او يجدون لذتهم فى القضايا الروحية الناتجة عن المجاهدات , وهؤلاء يجدون سعادتهم فيما هم فيه , لذة البحث عن الكمال هو شوق غريزى وهو اشد من شوق كل المحبين ,

 مهمة التربية بكل انواعها النفسية والروحية ان يصل الانسان الى درجة الكمال وهذه هي الفضيلة الانسانية التى هي اسمى معنى للاخلاق , محبة الكمال تجعل كل الاستعدادات والاهتمامات تبحث عن ذلك الكمال بطريقة عفوية لاتكلف فيها ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

من اراد ان يعرف الله عن طريق الدليل فلن يتمكن من ذلك ابدا  لان الله يدرك بالفطرة وليس عن طريق الدليل , فالدليل هو اداة العقول فيما تتصوره من الاشياء, والله تعالى يدرك فى القلوب عن طريق اللطف الالهي الذى يخص الله به من اراد من عباده والله تعالى لا يعرفه الا من تعلق به , فمن تعلق به احبه , ومن احبه ادرك بفطرته انواره , وليس هناك واجب على الله فيما يتعلق بالثواب والعقاب , فالله لا يجب عليه شيء , وكل ما يصدر عن الله فهو من باب المشيئة الالهية التى لا يحدها زمان اومكان, ورحمته وسعت كل شيء ,.

…………………………………………………………………

نفحات روحية

 مقام التكليف هو ارفع المقامات لان التكليف هو مقام العبودية , واول معانى التكليف هو الايمان بمقام الربوبية , والله تعالى ليس مشبها بالخلق فى اي صفة من صفاته والله ليس بجسم ولا صورة ولا جوهر , واوصافه ليست كاوصاف الخلق وهو لا يحل بمكان ولا يقيده زمان , وكلام الله ليس بحروف وانما الحروف هي دلالات عليها, والقران ليس بمخلوق ولا محدث , والله تعالى هو خالق قدرات الانسان وخالق افعالهم ولولا خلق قدرات الانسان لما كانت الاعضاء قادرة على فعل ما يصدر عنها من الحركات الظاهرة ,

 والانسان مكلف بامرين الاحكام والاداب , والانسان مخاطب بهما معا , ولا شيء من الاوامر التكليفية يمكن ان تسقط عن المكلف بها مهما بلغت درجته عند الله , انطلاقا من النبوة وانتهاءا بالصالحين من اوليائه المقربين , مرتبة النبوة لاتتجدد , ولا شيء من خصوصياتها تنتقل بالوراثة , فلاعصمة خارج النبوة والرسالة , اما التكليفف فالمخاطب به هو الانسان واداته هو العقل , والعقل لا يتجاوز المحسوسات فى ادراكه , ولا يمكن للعقل ان يتجاوز قدراته بالمشاهدات والمحسوسات , اما قضايا الالوهية فالعقل يدرك اثارها ولا يدرك حقيقتها لان اداة ادراكها هي الفطرة الايمانية التى هي من اللطف الالهي لمن التزم بكامل الاداب بالاضافة الى الالتزام بالاحكام التكليفية , وتلك الاحكام مرتبطة بالسلوك الظاهرى , ولا يستقيم ذلك السلوك الا بصفاء النفوس وادبها وسمو اخلاقها ونقاء خواطرها بحيث يكون داخل الانسان كخارجه , وعندما تصفو النفوس ترتقى خواطرها وتكون اكثر محبة للخير واكثر رحمة ومحبة لكل الاخرين , ومن طبيعة النفوس انها تتأثر بمجتمعها ومحيطها وتاخذ بما اعتادت عليه , وهذه مهمة التربية الروحية التى تحرص على رقي السلوك الخارجى وصفاء القلوب , منهج التربية الروحية ليست مجرد طقوس معتادة واحوال متكلفة وانفعالات لا دلالة لها وتطلعات لمكاسب دنيوية ومنافسات على المصالح والمغانم , لا شيء من ذلك يمكنه ان ينسب الى الدين الا اذاكان غايته الدين التزاما باحكامه وامتثالا لادابه..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

 التسامح لا يعنى ان الاقوى يتعامل مع الاضعف من منطلق التفضل عليه بما هو حق له , الاخر الاضعف منك يملك ماتملك من الحقوق فى الحقوق الانسانية , الاضعف يحتاج ممن هو اقوى منه ان يعامله بكرامة ناتجة عن الشعور بالتكافؤ , , لا احد يملك تميزا انسانيا , نحتاج الى التسامح فى حالة واحدة عندما يتنازل الاقوى عن جزء من حقه لصالح الاضعف منه , وهذه هي الفضيلة والتفضل , ولا يتصور التسامح الا بعد كامل العدالة وفى ظل الحقوق المتبادلة التى لا ظلم فيها ولاتجاوز , اما التسامح فى ظل انتفاء العدالة فهو تسامح اذعان واذلال ولافضيلة فى مثل هذاالتسامح ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

 لم يستطع الفلاسفة ولا من تاثر بفكرهم ان يتوصلوا الى الطريق التى تقود الى معرفة الله تعالى , لقد كان طريقهم هو العقل بكل ما يملكه من قدرات على التمييز والفهم , ولا يمكنهم ان يصلوا الى نتيجة , اما من تاثر بمنهجهم من الفلاسفة المسلمين من امثال ابن سينا والفارابى ومن بعدهم ابن رشد فقد حاولوا التوصل الى فكرة الايمان بالله عن طريق الاستدلال العقلى , هذا المنطلق الاستدلالى ليس هو الطريق ولهذا اختلفوا فيما بينهم , وما توصلوا اليه ليس هو حقيقة المعرفة الايمانية , اذا لم تهتد الى الطريق الصحيح فلا تتوقع ان تصل الى ماتريد , المعرفة الايمانية المتكلفة ليست معرفة , ومالا يقودك الى اليقين فلا يقين فيه , هي محاولات للبحث عن النور فى ارض لانور فيها , واكثر من هؤلاء جهلا هم المتوهمون الذين تمكن منهم جهلهم فظنوا انهم بما يتوهمون انهم قد وصلوا الى الايمان وهم به جاهلون , الجاهل يكبر وهمه وتتمكن منه وساوسه , وهؤلاء كثر فى مجتمع يشتد جهله , ولا بد من العلم الذي يجعل صاحبه على بينة من امره فى ثوابت الايمان واصول الدين , ولا ثقة بجاهل ولو ادعى المعرفة , لا شيء من المعرفة الروحية خارج اسوار الدين ولا العقل , ما ترفضه الفطرة الانسانية فلا يمكن الثقة به, ولو ادعى صاحبه الصدق والصلاح , المعرفة الذوقية ليست شططا فى الفهم وليست انحرافا عن الفطرة , وليست مما ترفضها العقول , المعرفة الذوقية هي تاكيد لما كان وتوثيق له بما يجعل القيم الايمانية اكثر رسوخا فى النفس , المعرفة الذوقية او الالهامية او العرفانية ليست خارج المعايير العقلية والعلمية , هي اضافة فهم ارقى دلالة واكثر رحمة واقوى تعبيرا عن معنى العبدية لله تعالى والامتثال لامره وان يكون ذلك القلب الانسانى متعلقا بالله تعالى من غير حجب مانعة له او تعلقات تحجب القلب عن الله , وفى ظل هذا يكون اليقين ويتبعه السكون القلبى , تلك مرتبة لا يصل اليها من ادعاها من غير اهلها الصادقين , وهناك فريقان يختلف كل منهما عن الاخر , ولا يتهم احدهما بادعاء الكذب فيما ادعاه , اتحدث عن الصادقين ولا اتكلم عن غيرهم وهم الاكثر , وكلما اشتد الظلام كثر الادعياء لما هم عنه مبعدون ولماهم به جاهلون , الفريق الاول هم الاكثر صدقا, وهؤلاء هم اهل العناية لصفاء قلوبهم , وهؤلاء يملكون مالا يملكه غيرهم من ادراك عظمة الله , وهؤلاء هم اهل الجود الالهي , وهؤلاء يعرفهم الله بذاته ثم يعرفون به اثاره فى خلقه , ومن الصعب على اصحاب العقول ان يعرفوا ذلك او يسلموا به , وهذه امور يحسن عدم الخوض فيها لانها من الامور التى لا تدركها العقول , واهل هذه المرتبة لا تعنيهم اهتمامات الاخرين بهم , وهؤلاء رجال صالحون ومحبون ومقربون الى الله , و ليسوا من اهل الدنيا ولا يعنيهم ما يعنى كل الاخرين , هؤلاء هم الذين انصرفوا لشؤون الاخرة , ولاتعنيهم شؤون الدنيا ولا يصلحون لها , هؤلاء كمالهم فى ذاتهم , وهذه المرتبة تعبر عن كمال الخلق فيما يختارون , اما شؤون التدبير وقضايا المجتمع والحقوق فهي لمن يحسنها من الخلق وفقا للحكمة وسداد الرأي , من علامة صدق هؤلاء انهم اهل تميز فيما يعملون واهل استقامة وصلاح ولا يعنى انهم اهل رأي ومشورة لان امر ذلك يرتبط بالحكمة الواقعية والسداد ,..

 اما الفريق الثانى فهم اهل مجاهدات ورياضات نفسية للتغلب بها على الصفات المذمومة الناتجة عن سلطان الغرائز والطبائع , ومنهج المجاهدات طريق صعب ويحتاج لاهل ارادة وعزيمة , قلة من هؤلاء يصلون الى مقامات من الرقي النفسي والروحي تجعلهم اكثر تعلقا بالكمال فى افعالهم واوصافهم , وكثرة تتغلب عليهم او هامهم ويظنون انهم اصحاب معرفة وفهم , ومن الصعب الامساك بهؤلاء من الانزلاق في الوساوس التى تشعرهم انهم على الحق , ما اكثر الذين ضلوا واضلوا لانهم لم يلتزموا بالثوابت الايمانية وهي اعمدة الاستقامة ,

 لا احد ينكر اهمية المجاهدات النفسية لكبح جماح النفوس المتطاولة , ومشكلة المجاهدات انها تشعر صاحبها بالتميز عن كل الاخرين , وهذه هي مقاتل الطامحين عندما تتحكم فيهم اهواؤهم الدفيئة ويظهر عليهم ما كان خافيا من الاوصاف والطيائع , الصحة النفسية تكون بالتزام الاعتدال فى كل شيء , ومن تجاوز الاعتدال فهم فى خطر الانزلاق فى مستنقعات الوهم والتطرف والتميز , وقلما ينجو المتوهمين من خطر الانزلاقات فى افكارهم وفيما يفعلون , ما اقسى الشعور بالاحباط على الذين يحفرون ابارا فى الارض الصحراوية وقلما يحصلون على شيء مما يبحثون عنه , المعرفة الذوقية اذا لم يصحبها ما يدل عليها من صدق الايمان ووضوح اليقين فلا يمكن الثقة بتلك المعرفة , وهي معرفة افتراضية مدعاة الا اذا ازهرت واثمرت وقلما تكون ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

الخواطرالتى تتولد منها الافكار  هي ثمرة للوارد على القلب فى لحظات التامل , اذاكان القلب صافيا كانت الواردات عليه نورانية وتزين له فعل الخيرات , واذاكان القلب ملوثا كانت الواردات عليه معبرة عن ذلك القلب كما هو , لا شيء من الخواطر لا يعبر عما فى القلب , من فعل صالحا واستقام كانت خواطره راقية وصافية وقادته الى ما يحبه الله منه , ومن غفل عن الله وتمكنت منه اهواؤه وشهواته كثرت اوهامه وتمكنت منه وساوسه , وفى معظم الحالات يضل عن الطريق ويظن انه من المهتدين ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

عندما يريد الله ان يفتح على متكلم او سامع باب فضله وسر عطائه  يهيء له الاسباب الظاهرة , فالمتكلم يلهمه ان يقول رشدا فيما يقول , اما السامع فانه يشعره بلذة ما يسمع من ذلك الكلام , لا قيمة لفتح لا يثمر فى قلوب السامعين زهورا , من تكلف الرشد فليس براشد ومن تكلف الاجادة فلن يبلغ ماتكلفه اذا انتفى الاخلاص في مقاصده والصدق فى اقواله , ليس السر فى رقي العبارة والاداء , وانما السر فيما اودعه الله فى تلك العبارة من حلاوة تجعل السامع يستلذها ويجد جمالها ويكتشف كمالها وتضيء فى قلبه نورا

…………………………………………………………………

نفحات روحية

 اهم ما يميز الانسان حسن الفهم وصدق التوقع لعواقب تصرفاته واقواله وما يصدر عنه , ومن احسن الفهم لطبائع النفوس احسن التوقع لما يمكن ان يكون , من اليسير ان يقرر الانسان ما يريد وان يفعل ما يريد , وهذا حقه بشرط الا يكون فى ذلك اي تجاوز لحق الاخرين , اذا اردت التجاوز على حق الاخرين فيما يعتبرونه من اختصاصهم فيجب ان تتوقع ما يمكن ان يكون , ولا يغرنك انك الاقوى فالاضعف منك يملك من ارادة التضحية مالا يملكه كل الاقوياء , الياس قوة والبؤس يصنع خلق الباس , الشجاعة المحمودة هي الاقدام العاقل الذى لا يندم عليه صاحبه , وهذا هو معنى الحكمة , والحكمة تعنى ان تحسن اختيارك وقرارك فى الزمان الملا ئم والمكان المناسب , وبهذا يتفاضل العقلاء ويتمايز الرجال , الحكمة مطلوبة فى كل سلوك انسانى , ومصدر الحكمة امران الاستعداد الفطرى الذى يكرم الله به بعض الناس فييرزقهم الحكمة , والمصدر الثانى هو التربية والتكوين ومخالطة الحكماء من ذوي التجربة الانسانية , ليس كل الصغار يكبرون ويرشدون , البعض يظل صغيرا ويستلذ ماهو فيه وبخاصة ممن تربوا فى مجتمعات الترف واللا مسؤولية ممن تتمكن منهم او هامهم وتتحكم فيهم غرائزهم , وهؤلاء قلما يفلحون .

…………………………………………………………………

نفحات روحية

 هناك فى الحياة افراد رائعون , هم قلة نادرة , انهم من طفولتهم يشعرون انهم مختلفون , كل من يلتقى بهم يشعر انهم ليسوا كالاخرين , انهم يمشون الى ما يريدون لا يترددون ولا يتعثرون , انهم لا يحبون التوقف ولا الثرثرة كما يفعل كل الاخرين , ما يفرحهم ليس ما يفرخ غيرهم , انهم يبتسمون باستمرار وفى اعماقهم الم دفين وجرح عميق , كل الاخرين يظنهم يبتسمون لانهم سعداء بما هم فيه من مظاهر الدنيا , انهم اكثر انسانية ورحمة , انهم ينكرون مالا ينكره غيرهم من انواع السلوك المصطنع والمتكلف , لاتغريهم كل الملذات ولا تسعدهم كل ما يطمع فيه غيرهم , ما يفكرون فيه هو اسعاد كل الاخرين وبخاصة من المستضعفين والمعاقين والايتام والمحرومين , ما اروع هؤلاء وهم يقتحمون المخادع المظلمة ومواطب البؤس بحثا عمن يحتاج الى ابتسامة او مساعدة او كلمة مشجعة فى ظلمة الليل وكآبة الياس , هؤلاء يحملون مشاعل الامل فى قلوبهم يعطون ولا يمنون , ويبتسمون وهم يتالمون , ما اقسى جراح هؤلاء وهم يخفون ما فى قلوبهم من الالام والاحزان , ليس كل من يبتسم فهو يعبر عن سعادته بما هو فيه , هؤلاء الذين يملكون قلوبا رحيمة وعواطف انسانية لا تغريهم كل ما يطمع فيه غيرهم , هؤلاء هم المؤمنون حقا , هؤلاء هم المقربون من الله , هؤلاء هم الذين انار الله قلوبهم بمحبته , من احب الله احب كل عباده لا يعنيه من يكون وما هي هويته وعصبيته وانتماؤه , قساة القلوب لا مكان لهم عند الله وهم عنه مبعدون وبه جاهلون وعما يريده الله منهم غافلون , لا تبحثوا عن هؤلاء فى احياء الغافلين والمترفين ولافى مجالس الطامعين والحاقدين والجاهلين , من ادعى انه الافضل فليس هو الافضل , ومن توهم انه الاتقى والاعلم فقلما يفيق من اوهامه , لا تشفقوا على هؤلاء ولا تسخروا مما يفعلون , انهم يجدون سعادتهم فى خدمة الاخرين , هؤلاء يبتسمون لكي يسعدوا من يحتاج الى ابتسامة الامل من اليائسين والمنبوذين والمنسيين , تعالوا نذكر هؤلاء فى كل مناسبة ونبنى لهم فى القلوب صروحا من المحبة والاكبار , هؤلاء هم الذين يستحقون التكريم ..هؤلاء هم المؤمنون حقا ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

مقام التوكل على الله من اعلى مقامات المقربين والسالكين  لقوله تعالى ومن يتوكل على الله فهو حسبه , والمتوكل على الله يفوض امره اليه , ومن نظر الى السبب فلا يصدق فى ادعائه التوكل , لان من علامة صدق المتوكل ان يعرف الوكيل وهو الله , فمن عرف الله وانه المدبر لشؤون خلقه وهو القادر والرازق فعليه ان يستسلم له ويرضى بما قدره عليه , والقدرة والحكمة موتبتان لاتنفصل احداهما عن الاخرى , ومن صفات المتوكل انه لا يمدح مادحا له ولا يذم ذاما له لانه يرى ان المدح والذم من الله وهو المعطى والمانع وهو الذي يحرك القلوب للقيام بالمدح والذم , مرتبة التوكل مرتبة عالية واعلى مراتبها ان يكون دافع المتوكلين هو التعظيم والاجلال لله تعالى والقيام بما يجب على العبد من وجوب التسليم له نظرا لحكمته فى تدبيره , والقعود عن الاسباب ليس من التوكل المحمود , لان الله تعالى امر بالاسباب لاكتساب الرزق وما هو مقدر للانسان , القعود عن العمل والاعتماد على الاخرين ليس توكلا وانما هو من الكسل المذموم الذى يدفع اليه الجهل والتخلف والوهم , العمل فى الدنيا فى الزراعة او التجارة من الاسباب المشروعة للرزق وهو عمل محمود ولا يتنافى مع التوكل ابدا , فالتوكل الحق هو سكون القلب بما قسمه الله لك والرضا بذلك وعدم تطلع القلب للمزيد طمعا , وليس من الرضا بقضاء الله الرضا بالنقصان والقعود عن الاسباب التى امر الله بها , الخمول ليس توكلا , وانما هو خمول مذموم لا يرتضيه لنفسه اهل الهمم العاليه الذين يشعرون بكرامتهم ولا يخفون ذلك الخمول تحت ستار التوكل الموهوم الذى يمنع صاحبه من البحث عن كماله فى كل ما يحقق له ذلك الكمال ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

اشق انواع الاسئلة هو السؤال الذى لا تجد له جوابا وكلما اعتقدت انك وجدت الجواب اكتشفت ان هذا الجواب هو سؤال يحتاج الى جواب فى رحلة من التساؤلات المتجددة لاتتوقف ولانهاية لها , تلك هي محنة العقل عندما لا يجد النور الالهي الذى ينير له طريقه الى اليقين الذى يبحث عنه , لا احد ممن حاول ان يصل الى اليقين عن طريق التامل العقلى لم يقع فى التناقض مع نفسه , العقل لا يقودنا الا الى الشيء الذى هو فى داخلنا ولا شيء ياتينا من الخارج , العقل يعيد لنا ما هو فينا وبخاصة فى الامور التاملية التى يتحكم فيها زمانها ومكانها لكي تكون الفكرة هي وليدة مانحن نريده وما هو فينا من القابليات الفطرية المتاثرة بما نحن فيه ..ما نتوهمه قد نظنه هو الحقيقة , وهو كذلك الى ان ننتقل من وهم الى وهم اشد تعبيرا عما نحن فيه..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

 كل الناس يتألمون اذا اصابهم ما يبرر الالم من الازمات والمحن , ولكنهم يتفاوتون فى مدى تحملهم لذلك الالم وصبرهم عليه , هناك من يصبر على المحنة وهناك من يضيق بها فتنهار مقاومته وينفد صبره , والمؤمنون الصادقون يكتشفون فى الازمات وهم الذين يجتازون المحنة بصلابة ويضعفون كما يضعف كل الاخرين ولكنهم لا يظهرون ضعفهم وتجرى دموعهم فى خلواتهم , ويضيقون اذا غلبتهم وتمكنت منهم , هؤلاء تراهم يبتسمون وهم يتألمون , لكي تظل صورتهم فى الاذهان كما يودون ان تكون تعبر عن الصلابة والقوة والقدرة على الصبر , وفى هذه المواقف يبرز دور الايمان الدينى الذى يجعل علاقتهم بالله تعالى اكثر رسوخا , هؤلاء يرون ان الله تعالى هو الذى انفرد بالخلق والتدبير وان كل ما يصيبهم هو من الله , ومن الادب مع الله التسليم له والرضى بحكمه , وهذا الايمان يمنحهم شعورا بالراحة يخفف عنهم ما هم فيه ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

 اذا احب الله عبدا امتحنه واختبره , فمن تعلق قلبه بالله امتحه فى احب الناس اليه , فمن تعلق قلبه بالله فلا يتحرك قلبه مهما اشتد امتحانه , وزاد بذلك تعلقا بالله , ومن تعلق قلبه فيمن هو قريب منه او صديق امتحنه به , وسلطه عليه وكان ابتلاؤه به كبيرا والمه منه شديدا , لكي يخرجه من قلبه , لان التعلق بغير الله حجاب عن الله وهو شاغل له عن صدق التعلق وصفاء القلب , لا شيء كالتعلق يحجب القلوب عن صدق التوجه الى الله , رايت الكثير من الصالحين امتحنوا بمن يحبون ممن تعلقت قلوبهم بهم , فايقظتهم المحنة من غفوة التعلق , فكانت المحنة خيرا لهم وهي من العناية التى يكرم الله بها من احب من عباده , واراد ان يستخلصهم من كل التعلقات الدنيوية , من احسن الفهم ارتقى بمحنته الى ربه , وكان بذلك راضيا لانه ادرك الحكمة وفهم الرسالة ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

 الاحوال الروحية اذا كانت متكلفة كانت غير ذى دلالة ولو ادعى صاحبها الصدق فيها , ما جاء من غير تكلف كان مثمرا ولا يعنى انه طيب المذاق , ما بني على غير استقامة فالوهم فيه غالب , ليس كل مياه الابار عذبة صافية , ليست كل الاطعمة ذات مذاق واحد , لكل حال مذاقه الخاص به , مالا تظهر اثاره على الملامح صحة ونضارة فلا يمكن الثقة به ولو كان مذاقه طيبا ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

 من اعتقد انه يملك عند الله اكثر من الاخرين فقد اخطا الفهم , الخلق جميعا هم خلق الله وهم عباده ويملكون من الحقوق الانسانية ما يملكه غيرهم , لا احد اقرب الى الله الا بعمله الصالح , رحمة الله لكل خلقه , من عرف الله التزم الادب معه فى عبادته والتزم الاستقامة فى سلوكه , من افقده انسه بالله هيبته من الله فقد اساء الفهم والادب معا , من اغتر بطاعته كانت تلك الطاعة حجابا عن الله , فلا احد يمن على الله فى طاعة او احسان , من تجاوز ولو بخاطرة من خواطره حدود عبديته لله اساء الادب , لا احد يتقرب الى الله بغير ما امره الله به , خواطر الشر دليل الغفلة عن الله وخواطر الخير دليل الصفاء الداخلى , الطريق الى الله هو الايمان والعمل الصالح , وماليس صالحا من الاعمال فلا يقبله الله من عباده , ما ترفضه الفطرة الانسانية من انواع السلوك وما كانت دوافعه ليس الخير فلا يمكن ان يكون عملا صالحا ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

 ما تختزنه الذاكرة من الاحداث والمواقف لا يمكن ان ينسى , ويظل حيا يتفاعل واحيانا ينمو ويكبر ويؤثر ويوجه , خواطرنا هي وليدة ما فى داخلنا , هناك مالا ينسى ابدا , ما نفكر فيه فيما بعد يعبر عما فى داخلنا , الشعور بالظلم والاضطهاد فى الطفولة يظهر فى افكارنا , شخصية الانسان متأثرة بما فى ذاكرته , العنف هو وليد اسبابه , الرحمة عطاء الهي اختص الله بها قلوب من صفت قلوبهم من كدورة الذكريات , المجاهدات النفسية لاتمحو اسباب التوتر والانفعال ولكنها تخفف من اثارها فى السلوك وتجعلها اقل جموحا وايسر انقيادا للانسان..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

حقيقة الاشياء واحدة ولكنها تتنوع وتتعدد بحسب الناظر لها وبما هي عليه من استعداد  لصاحبها يجد بها كماله ، كل احد يجد كماله فيما يراه أمامه ويراه بالصورة التي تعكس مافيه من استعدادات ، لا احد يرى الحقيقة المطلقة التي يعجز عن ادراكها الانسان، تعددت المفاهيم بحسب الرؤى وكل احد يصف ما يراه وما يشعر به بحسب استعداده الفطري والعقلي ، الكمال المطلق لله تعالى وحده وبه يكون كمال النظر ف في وحدة الكون الذي تمثل النقطة الوسطية قوة الجذب الوحيدة التي يصدر منها النور الالهي الذي ينجذب كل شيء اليه ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

ما يقودك الئ كمالك الانساني هو الدين ، وهذه هي رسالته ، وما قادك الى النقصان او زيّنه لك  او دفعك اليه فهو حظ من حظوظ النفس والهوى ، وهو ثمرة سيطرة غريزتك الشهوانية او الغضبية عليك ، مصدر النقصان هو شعور بالطمع في حال الرغبة يدفعك الى ما تتوهم سعادتك به من الملذات الحسية ، وشعور بالحقد في حال الغضب والرغبة في الانتقام والعدوان ،

والطمع قد يعترى الصالحين وهو الذي يدفعهم الى استرضاء من ارتبطت مطامعهم به مالا وجاها مما يحط من مكانتهم ويبعدهم عن صداقة اهل الكمال ومجالسهم..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

من تمكنت منه خواطر السوء كثُرت ظنونه وكبُرت او هامه وساء ظنه في كُلِّ من احسن اليه،  وأحس بالوحدة‏ والغربة والعزلة ، و سيطر عليه الحزن والكآبة ، القلوب الصافية تُحسن ألظن في كل الآخرين ولو أرادوا بها السوء الى ان ينتصر الخير على الشر وإشراقة الفجر على ظلمة الليل ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

الجمال هو قيمة شعورية مرتبطة بالمشاعر الانسانية ، وهو امر نسبي يرتبط ظاهريا بالمقاييس المادية  من حيث التناسق والانسجام ، وله ابعاد غير مدركة يشعر بها الانسان من حيث احساسه بذلك الجمال ، وعندما يغيب الجمال يكون الجلال جمالا في المواقف وكمالا في السلوكيات ، الجمال المادي مدرك بالحواس ويمكن فهمه ، وهو يذبل ثم يفنى ،اما الجمال المعنوي فهو باق ويمكن ملاحظته في الطبيعة في لحظات الصفاء لأهل الصفاء عندما تزول الحجب عن النفوس ، وتكون القلوب منجذبة بطريقة عفوية وتلقائية لمبدع الكون وهو النور الالهي ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

من عرف الله احبه , ومن ابتعد عنه غفلة خافه , المحبون اقرب الى الله واكثر انسا فى خلواتهم ويرون فى اقداره حسن التدبير , وهم بمحبتهم راضون لانهم يرون الحكمة فيما هو مقدر عليهم , الخائف اذا احس بالوحشة انقطع , وكان اكثر يأ سا واقل املا ..

…………………………………………………………………

نفحات روحية

هناك رجال نصادفهم في حياتنا لا يضع

فون مهما ثقلت عليهم الأحمال وضاقت بما يلقون الآمال ، يتابعون رحلتهم في الحياة كماهي لا يتوقفون ، ولا يضيقون بما يعترضهم من مصاعب وازمات ولو كانت شاقة وعسيرة ، هؤلاء لاتسمع أنينهم ليلا او نهارا ولو تضاعف عليهم الالم واشتد عليهم الظلام ، تسيل دموعهم في داخلهم دما ولا يبكون ، هم واقفون على الدوام لا ينحنون امام العاصفة ولو كانت رياحها مرعبة ولا يسقطون ، هم قلائل في عصر كثرت فيه امحنه وتتالت أزماته ، ولكنهم لا يغيبون وان قلّ عددهم ، هؤلاء هم من ادركوا حكمة التدبير الالهي ، وكانوا بما اختاره الله لهم من الراضين..

 

( الزيارات : 691 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *