نفحات روحية
لكل عيد مقام اقامه الله فيه يناسب استعداده وما هو فيه , وهو مشدود اليه لا يمكن له ان يخرج منه قلة من الناس تفهم ذلك وتدركه , وكثرة منهم هم غافلون عنه ويتسابقون فيه ويتنافسون , ولا يبلغون ماهم متطلعون اليه مما اراده الله لهم وقدره عليهم , فى ظاهر الشريعة يكلف الانسان بالبحث عن الاسباب , ولا شيء خارج الاسباب , تلك حقيقة شرعية ومنهج عقلى لا يمكن انكاره , ويجب التسليم به , من اخذ به فقد اخذ بالحق والعدل, وهذا هو منهج التكليف , وبه تكون الاستقامة الشرعية الظاهرة , تلك مدرسة يجب التسليم بها , واحترام موازينها واحكامها , وهي المدرسة الاهم والاعم والاضمن والاعدل , وهناك مدرسة اخرى اقل شيوعا واضيق افقا, والصادق فيها قليل , والمدعى كثير , مدرسة لها خصوصية روحية , وهناك من يحسن فهمها , وقد اقام الله تعالى بعض عباده فيها , ومن اقامه الله بها فلا يملك ان يخرج منها لانه لا يملك اسباب الخروج , من اراده الله فيها هيأ له اسبابه , فكان عن الاسباب الظاهرة بعيدا , من تطلع الى الاسباب فليس من اهلها , درجة خاصة جدا لمن ارادهم الله ان يكون تعلقهم به كاملا لا يشغلهم عنه شاغل من الاسباب , وقد هيا الله لهؤلاء من الاسباب الخفية مالا يدرك بما تدرك به الاسباب , فئة خاصة جدا من السالكين ممن قويت صلتهم بربهم فكانوا بها من المقربين , تلك مرتبة ايمانية روحية لا ينطبق عليها ما ينطبق على غيرها ممن كانت لهم مقامات مختلفة , ذلك مقام ذوقى لا يخضع للمعايير والضوابط الظاهرة , هذا مقام موجود , واهله اعلم بخصوصياته , ولا يقاس عليه غيره ولا يحتج به , ويترك لاهله , فما كان حسنا منه وصدقا فينسب الاحسان لمن احسن , من طبيعة العقول انها تنكر مالا تدركه بواسطة الحواس الظاهرة , وهناك مالا يمكن انكاره لثبوته , وهو ليس من الغيب ولكنه من كمال الحياة لانه مدرك باثاره , هناك مراتب فى الوجود يراها العقل وقد لا يحسن فهمها , وتترك لاهلها , اما الانسان فهو مكلف بالاسباب الظاهرة فى نظر الشرع , وعليه ان ياخذ بالاسباب وهو مامور بها , وهي اسلم واضمن لانها خاضعة لضوابط شرعية ومفاهيم ايمانية , عالم الروح خاص باهله وله خصوصياته , ومن انكره يخشى عليه من سوء الخاتمة لانه انكر مالا يصح له انكاره , لا احد يكلف بمالا طاقة له عليه من امر الغيب او امر الروح , مالم تكلف به ليس من امرك فدعه لاهله , انه عالم مغلق على من يحسن فهمه , من الادب الا تتجاوز , رؤية العين لاتتجاوز ماهي مستعدة له , مالا تراه من الكائنات الصغيرة والذرات الدقيقة لا يعنى انها غير موجودة , عالم العقل هو عالم الاسباب , ويجب احترام معاييره الظاهرة , هناك ما نشعر باثاره ولا ندرك وجوده المادى , الكون اكبر من قدرات العقول على فهم كل الظواهر الكونية , واكثرها غموضا هو عالم الانسان , كيف يمكن للانسان ان يدرك كيف يفكر فى الاشياء وكيف يتوصل الى فهم تلك الظواهر الكونية , ذلك تساؤل يحتاج الى اجابة
اترك تعليقاً