هل ولى عصر الادب

هل ولّى عصر الادب
القى المفكر المغربى الكبير الدكتور محمد الكنانى عميد كلية الاداب والمستشار الملكى محاضرة علمية فى الاكاديمية الملكية المغربية مساء يوم الخميس 36 يونية 2014 بعنوان : هل ولّى عصر الادب تحد ث فيها عن اعراض الطلاب فى الجامعات عن الدراسات الادبية والتاريخ والفلسفة واتجهوا الى الدراسات العلمية , وتساءل عن سر ذلك ومدى حاجة المجتمعات الى الدراسات الادبية , وقد علق الدكتور محمد فاروق النبهان على المحاضرة بالكلمة التالية :•
كلمة العضو الزميل السيد محمد فاروق النبهان:….اا
أود أن أشكر الزميل الكريم الدكتور محمد الكتاني على هذا البحث القيم المستوعب، و اعتدنا دائماً أن نسمع منه بحوثاً قيمة ومفيدة. ويعالجها بطريقة علمية تاريخية ومستوعبة يستعرض فيها كل ما يتعلق بها. ويطوف بنا في موانئ كثيرة تمدنا بمعرفة واسعة حول كثير من القضايا التي يعرضها بموضوعية علمية
واليوم نحن على مائدة الأدب. وهي مائدة شهية. كلنا نحبها. وكلنا نشتهيها ونشتاق إلى الأدب. وهو شوق طبيعي. و هو مما يميّز الإنسان ، ويراد به الميل إلى الشيء والرغبة فيه.
البدن يشتاق، والعقل يشتاق، والقلب يشتاق. البدن يشتاق إلى الغذاء. فإذا لم تعطيه الغذاء ضعف وانهار. والعقل يحتاج إلى غذاء، وهو غذاء الفكر وغذاء الأدب. إذا لم تعطه الفكر يضعف ويفقد خصوصيته الإنسانية . والقلب يشتاق إلى جانب جديد هو الجانب الروحي، الذي يعمق فيه العواطف الإنسانية التي تميّز الإنسان عن الإنسان الآخر.
وكما قال الزميل الدكتور عباس الجراري، وهو أن علاقة الإنسان مع الإنسان ليست علاقة رياضية محضة، وليست علاقة مصالح مادية ، وإلا كان التغالب والتصادم حتمياً.
لابد من وجود العلاقة الإنسانية ، فالمسؤول عندما يمارس سلطته لابد من أن يكون إنساناً. يعرف متى يتقدم ومتى يتراجع. ومتى يعفو ومتى يطبق القانون. و القاضي، يجب أن يعرف متى يقسو ومتى يعفو، لابد من الجانب الإنساني في الإنسان.
في العلاقة الأسرية، الزوج مع زوجته , لا تستقيم الحياة بثقافة الحقوق وحدها. لابد من ثقافة التعايش وثقافة الرحمة والمحبة والاحترام المتبادل.
ليست العلاقة الانسانية دائماً واحدة بواحدة بمنطق رياضى ، الحق ليس له معيار واحد ، وإلا يقع التغالب! حيث كل إنسان يعتقد أنه صاحب الحق.
لابد من الجانب الإنساني في الإنسان. أن نُنَمي هذا الجانب الانسانى … والخوف الذي تحدث عنه الزميل محمد الكتاني خوف واقعي ومعه الحق فيه.
وأنا أدرك أن الدراسات الأدبية في تراجع اليوم. ربما لضعف الحاجة إليها. أو لأنها لم تستطع حتى اليوم أن تطور نفسها لكي تلائم متطلبات المجتمع الجديد. اليوم بدأ الناس يهتمون بالدراسات العلمية، لأنها ارتبطت بالمعاش، في كلية الطب والهندسة والعلوم والكليات المهنية لكي يضمنوا لأنفسهم العمل. ولكن ماذا يفعل الذي يتخرج في الجغرافيا والتاريخ ؟ عنده مجال واحد وهو مجال التدريس.
ماذا يمكن أن يفعل إذا اكتفت المدارس واستوعبت جميع المدرسين المطلوبين ؟ أين سيعمل ؟ ماذا يمكنه أن يعمل بمادة الجغرافيا ؟
الغاية من الدراسات الأدبية هي تكوين الإنسان , ولو كان مزارعا فهو يحتاج إلى تكوين قيَمه وفكره، وتكوين اختياراته وقراراته.
كنت أبحث قبل أيام في موضوع في الفكر السياسي والإداري. أول شرط فى المسؤولية كما يقول الإمام الماوردي، هو شرط العلم. وفي القضاء شرط العلم. وفي كل الولايات العامة لابد من شرط ضروري هو شرط العلم.
تحدث العلماء عن العلم المطلوب… قال بعضهم علم القرآن وعلم السنة، وبعضهم علم الفقه. والاحكام
ليس هذا هو العلم كما أفهمه، العلم الضرووري هو الذي نحتاج إليه، فالقاضي يحتاج إلى الأحكام الفقهية ، وكل مسؤول يحتاج إلى العلم الذي يمكنه من القرار الصحيح.
والطبيب يحتاج إلى العلم الذي يمكنه من معرفة القضية التي يعالجها.
والفلاح يحتاج إلى العلم لكي يمكنه من معرفة الطرق الحديثة في الفلاحة.
هذا هو العلم ! ما حاجة الإنسان للعلم فيما لا يهمه ولا يمكننا أن نقول للطبيب ادرس اللغة العربية وتعمق في علوم النحو.
ليس هذا، لكنه يحتاج إلى القيم الأخلاقية والقيم الروحية.والعلوم الطبية هذا هو الجانب الذي يحتاج إليه.
علاقة الطبيب بالمريض ليست هي فقط علاقة علاج. ولكن هناك علاقة إنسانية لابد من وجودها. ومدير الإدارة في إدارته لابد أن يكون له بعد إنساني في علاقته بالآخرين.
في علاقة الفلاح بأرضه، لابد أن تكون هناك علاقة حب وتبادل عاطفى بينه وبين الأرض.
نحن نعرف في تربية الخيول، عندما تريد أن تقترب من الفرس أو الحصان الذي تريد أن تركبه، لابد أن تستميله إليك. وتضع يدك عليه حتى يألفك، حتى يطمئن إليك.
هذه علاقة انسانية مهمة جدا في علاقتك مع كل الآخرين.
يجب أن تكون هناك علاقة إنسانية. وهي التي يحققها الجانب الروحي والأدبي.فى حياة الانسان
صحيح أن كلمة أدب أصبحت مرتبطة باللغة، أو مرتبطة بالدراسات النظرية…الأدب أعم من كل ذلك. الأدب أو الدراسات الإنسانية تتعلق بالدراسات التي تهتم بتكوين إنسانية الإنسان. لكي يكون إنسانياً.
الطبيب الذي لا يعرف إنسانيته لا يمكن أن ينجح في طبه، والمهندس الذي لا يعرف إنسانيته لا يمكن أن يكون ناجحاً وكذا الفلاح والزوج والأم والصديق.
في كل شيء لابد أن تكون العلاقة ذات طابع إنساني، علاقة إنسانية بين الإنسان والإنسان…إذا فقدنا هذه العلاقة الإنسانية، لابد من وجود تصادم بين الطرفين. وهذا ما نعيشه اليوم.
نحن اليوم في حالة من التصادم لضعف الجانب الروحي والتربوي الذي ينهض بالجانب الإنساني. معاني المحبة، العاطفة، حتى يكون الإنسان إنساناً في تعامله مع كل الآخرين.
إذا لم يكن هناك حب، لن تكون هناك علاقة طبيعية لا في نطاق الأسرة ولا في نطاق الحكم، ولا في العلاقات الاقتصادية والتجارية.
لابد من وجود علاقة إنسانية تنهض بعلاقة الإنسان مع أخيه الإنسان كي تستقيم الحياة.
وأكرر تقديري للزميل الدكتور محمد الكتانى على هذا البحث القيم، الذي ارتحلنا معه فيه الى جوانب كثيرة من تاريخ الأدب وأهميته في حياتنا، لكي يرتقي الإنسان الى الافضل , وكلما ارتقت الثقافة، ارتقى الإنسان برقيها.فى رحلة الانسان الى الكمال ..
وثائق الاكاديمية

( الزيارات : 1٬264 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *