واتقوا فتنة..

ذاكرة الايام..واتقوا فتنة

كان جيلنا هو الجيل الاول الذى اعقب الاستقلال فى منتصف القرن الماضى وكنا نحلم بما سوف نحققه فى المستقبل , هي احلام الشباب , كان صوتنا عاليا وثقتنا بانفسنا كبيرة , كان شعبنا اقل ثقافة واكثر وطنية وتماسكا وتضامنا  , لم نكن نملك المال كما هو الشأن اليوم ولكننا كنا نملك الحرية والكرامة كنا نفخر بالاستقامة ونخجل من النفاق والتبعية , كانت التحديات كبيرة ولكننا كنا اكبر منها واقدر على حلها , كنا نشعر اننا امة ذات تاريخ كبير ومثل عليا , كنا نحب كل من ينتمى الينا بصلة من الدين واللغة والتاريخ المشترك , لم نكن نعرف التعصب ولا الكراهية لا التطرف ولا العنف , كان لدينا عدو واحد اغتصب ارضنا واعتدى على اهلنا وكان هو الوحيد الذى كنا نعاديه ونقاومه , كان عدوا دخيلا على ارضنا ومغتصبا لحقوق شعبنا , كانت هذه المنطقة ذات تاريخ واحد وهناك علاقات ثقافية وتاريخية ودينية  بين شعوب هذه المنطقة , احيانا كانت هناك خلافات ومغالبات وخصومات وتنافسات على الارض والحكم والمجد , وسرعان ما يكون التقارب وتعود شعوبنا الى ماكانت عليه من حسن الجوار والرغبة فى التعايش والتساكن , كانت ارضنا مضيافة لكل الشعوب التى نزحت الينا من كل الاديان والطوائف والقوميات , ما ضاق شعبنا بمن وفد اليه من الجيران , كانت هناك هجرات من قوميات اخرى من غير العرب كا الجركس والتركمان والشيشان والالبان ومن الارمن ايضا , كانت ارضنا هي ارض الرسالات السماوية , وكانت هناك الطوائف المسيحية القديمة , لم يكن شعبنا واحدا ولا متجانسا ولكنه كان متعايشا والكل يحترم الكل فى ظل عقد غير مكتوب من التوافق على تكوين مجتمع واحد  , كان العرب هم العمود الفقرى فى هذه المنطقة بما يملكون من تراث اسلامي واعتزاز بلغة القران وقبلة المسلمين وهي الحرم الجامع لكل المسلمين بكل طوائفهم ومذاهبهم , لم يكم هناك من ينافسنا فيما كنا فيه وما كنا نملكه من خصوصيات ,  وهناك شعوب اخرى مجاورة وقوميات مختلفة وهي شعوب اسلامية ذات تاريخ عريق واسهمت كلها فى بناء مجد الاسلام , العرب والكرد والترك وفارس هم شعوب هذه المنطقة ولا احد اولى من احد بمجد الاسلام ولكل شعب ارضه ولغته وتراثه وتاريخه واسهاماته , كانت شعوب المنطقة تقاوم كل عدو يقترب منها طامعا في جزء منها , كانت الحروب الصليبية وسرعان ما استعاد العرب ارضهم  ومقدساتهم , وهناك يهود الشتات الذى طمعوا فى ارض فلسطين ان تكون وطنا قوميا لهم وجاؤوا محاربين ومعتدين وتصدى لهم شعبنا وما زال يقاومهم دفاعا عن ارضه , كل شعوبنا مؤتمنة على ارضها وتراثها , اي خلاف بين شعب وشعب لا يجوز ان يتجاوز حدود الخلافات العائلية التى تكون بين الاخوة , كل شعوب المنطقة سوف تدافع عن وجودها , التعايش امر لا بد منه واحترام الكل لمصالح الكل فيما يملكون من حقوق واجب اخلاقى وحق مشروع , لاوصاية لشعب على اخر ولا لقوي على ضعيف , الحرب بين شعوب المنطقة يجب ان تدان مهما كانت اسبابها , شعوب هذه المنطقة يجب ان يحلوا مشاكلهم فيما بينهم كما كانوا يفعلون من قبل على امتداد التاريخ ولا احد اقدر منهم على ذلك , ويجب الا يسمحوا لي عدو مهما ادى صداقته  ان يثير الفتنة بينهم والا يسمحوا لطامع فيهم او حاقد ان يقودهم الى ما يريد لتحقيق مصالحه فى ارضهم وثرواتهم , الحرب ليست خيارا صائبا ولا محمودا , شعوب هذه المنطقة لا تريد مزيدا من الدماء ولا مزيدا من  المحن والكوارث ومعاناة المستضعفين , ما جرى فى ارضنا  من المحن  يكفى ودفع شعبنا ثمن الغدر غاليا ممن ادعوا صداقته , ليس هناك صراع حتمي بين السنة والشيعة ولا بين العرب والكرد ولا بين الفرس والترك , هذه شعوب متعايشة  منذ القديم وهذه الارض هي ارضهم ولا احد اولى بهذه الارض من اهلها  , ويجب ان يحترم الكل مصالح الكل لكي يكونوا امة الاسلام المثلى التى تربت بقيم الاسلام وكانت خير امة لا تظلم ولا تعتدى وتدعو بدعاء السلام وترفع شعار السلام  , من ظلم او تجاوز منهم او اعتدى على جاره فيجب ان يمنع  والله لا يحب الظالمين , مهمة العقلاء والحكماء ثى كل شعب وامة ان يرفعوا اصواتهم منكرين ما يجرى بين شعوب المنطقة من استفزازات متبادلة وتحالفات مشبوهة واحتكام للطامحين واصحاب المصالح الذين يجدون مصالحهم فى هذه الفتنة , تعلموا من التاريخ الا تثقوا بمن يثير الفتنة ويحرض البعض على البعض الاخر , لا نريد الدماء ولا الكراهية بين شعوب يجب ان يتعايشوا فى ارضهم , لا احد يمكن ان يقتلع من ارضه , لا توقظوا دعوة الجاهلية من جديد فلقد اكرمكم الاسلام وجعلكم اخوة متحابين متكافلين , الحروب لا تاتى بخير ابدا , والدماء اذا سالت فلن تجف ابدا وسوف تثمر الاشواك وتنمى الاحقاد والبعضاء , ودعوتى الى حكماء كل طائفة ان ارفعوا اصواتكم عالية بانكار ما يخطط له اعداؤكم من تشجيع الخلافات واثارة الفتن لاضعافكم جميعا فانتم مؤتمنون امام الله عما تفعلون , كونوا ايها الحكماء الصوت الناصح الذى يمسك بالمقود ولا يسمح للطامحين ان يقودوا شعوبهم من الابرياء الى حروب ومواجهات , لا مصلحة لاحد فيما تسير اليه الامور من الانفعالات والاستفزازات , كلكم ينكر بقلبه ولكن ارفعوا اصواتكم لكي يسمع الكل ان الشعوب تحب الامن وتطالب بالسلام وتكره الحرب وشقاء الانسان ..لا شيء من الخلافات لا يمكن ان يجد طريقه الى الحل العادل , الذى يضمن كرامة الجميع ..

وصدق الله العظيم :

واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا ان الله شديد العقاب ..سورة الانفال 25

( الزيارات : 739 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *