أثر الظلم في خراب العمران

أثر الظلم في خراب العمران :

خصص ابن خلدون الفصل الثالث والأربعين للحديث عن الظلم، وقال : «الظلم مؤذن بخراب العمران، لأن العمران يرتبط بالإرادة ويتحقق بالسعي في الاكتساب، والسعي يحتاج إلى بواعث ومناعات، فإذا حدث الظلم عن طريق العدوان على الناس في أموالهم ذهبت آمالهم في اكتسابها وتحصيلها، وانقبضت أيديهم عن السعي، لأن أموالهم ستخرج من أيديهم عن طريق الظلم»

وقال في ذلك :

«وعلى قدر الاعتداء يكون انقباض الرعايا عن السعي في الاكتساب، فإذا كان الاعتداء كثيراً عاما في جميع أبواب المعاش كان القعود عن الكسب كذلك لذهابه بالآمال… وإن كان الاعتداء يسيراً كان الانقباض عن الكسب على نسبته (ص507)…

وهذا الربط بين الظلم والنشاط الاقتصادي مهم جدا، في نجاح التطور الاقتصادي والإنتاجية…

مفهوم الظلم عند ابن خلدون :

يتسع مفهوم الظلم لكي يشمل كل أنواع الاعتداء الذي يقوم به أصحاب السلطات والنفوذ ضد الرعية، والأقوياء هم الذين يظلمون، ولذلك كانت الحكمة من وجود الدولة لمنع العدوان الذي يباشره الأقوياء ضد الضعفاء».

ويشمل الظلم ما يلي :

– «كل من أخذ ملك أو أحد غصبه في عمله أو طالبه بغير حق أو فرض عليه حدا لم يفرضه الشرع فقد ظلمه» (ص510)

– «جباة الأموال بغير حقها ظلمة» (ص510)

– «المقتضون عليها ظلمة» (ص 510)

– «المنتهبون لها ظلمة» (ص510)

– «المانعون لحقوق الناس ظلمة» (ص510)

– «غُصاب الأملاك على العموم ظلمة» (ص 510)

ومن الظلم المفسد للعمران الاحتكار، وهو التسلط على أموال الناس وشراؤها بأبخس الأثمان ثم بيعها بأعلى الأثمان.

وهذا الربط بين الظلم والعمران مهم جداً، ويمنع الظلم لتشجيع النشاط الاقتصادي والسعي والكسب، وإن كسب الإنسان إنما يمثل قيمة عمله، ومن لا يعمل لا يكسب، وعلى قدر العمل وشرفه وحاجة الناس إليه يكون قدر قيمته (ص695).

( الزيارات : 1٬114 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *