التامل للبحث عن الحق..

ذاكرة الايام..التأمل للبحث عن الحق..

منذ طفولتى كنت اريد ان افهم كل ما يجرى حولى وكنت كثير التساؤل حول كل ما اراه , هناك ماكنت اقبله وقد اعجب به وقد اتعلم منه , وهناك ما لا اقتنع به ولست بحاجة اليه , لا اقول اننى كنت على صواب فى ما كنت اراه هو الصواب , ليس لدي ميزان اعتمد عليه , كنت اتأمل معتمدا على ميزان عقلى وما جرت به العادة فى موازين العقول بالرغم من قناعتى ان العقول متفاوتة وموازينها ليست متماثلة وتختلف باختلاف اصحابها وهناك مؤثرات توجه تلك العقول واهمها التربية والتكوين والبيئة والاستعداد وطبيعة الحياة التى يعيشها الانسان ,  وهناك الجانب الاقتصادى الذى يسهم فى تكوين قابليات واستعدادات شخصية , حياة الترف او حياة الشظف واحيانا الشعور بالظلم من المؤثرات , وهناك امر مهم وهو النظام الاجتماعى والسياسي , ومدى الشعور بالحرية الشخصية والضغوط النفسية , كل ذلك من العوامل التى سهم فى تكوين الانسان , العقل هو وليد كل هذه المؤثرات التى توجهه وتتحكم فيه , نحن اليوم اسرى لواقع نعيشه , ولذلك كان التغيير ضعيفا لان قابليات النفوس لقبول التغيير ولو الى الافضل اقل مما هي عليه لدى الشعوب الاكثر انفتاحا واوسع ثقافة واقل تعصبا , كنت احب ان اقرأ كثيرا واتأمل فى تاريخ الشعوب والثقافات والدول وتاريخ الممالك والثورات , كنت اتعلم من كل ذلك ولا اجد صعوبة فى فهم كل اسباب الاختلاف , كنت لا اقبل شيئا الا اذا اقتنعت به ولا ارفض شيئا الا اذا اطلعت عليه وترجح لى بطلانه , كنت اقبل الاخر او التمس له العذر فيما ذهب اليه , عندما كنت اقرأ القرأن كنت اجد فيه فهما لا اجده لدى كل كتب التفسير  , وما ابعدعلم  التفسير عن القرأن اذا لم يفهم المفسر ماهو المراد من الخطاب القرانى , القرأن ليس بحاجة الى تفسير او تاويل يخرجه عن مقاصده واهدافه وروحه , لا شيء فى القران لا يمكن فهمه , كنت اريد ان افهم القرأن كما هو من غير تأويل يخرجه عن دلالته اللغوية التى خوطب الانسان بها , يمكن لاي انسان ان يفهم ما يريده الله من عباده كما فهم الصحابة ذلك عندما سمعوا القران لاول مرة , لقد خاطبنا الله بما يمكننا فهمه وامرنا فيما هو من الغيب  الايمان بالغيب والتسليم به من غير خوض فيه , لسنا مكلفين بما غاب عن فهم عقولنا من الغيب , ما فهمناه اخذنا به وما غاب عنا تركناه كما هو من غير عبث بقدسية القران بجهل , لا احد اولى من احد بالفهم لان القلوب الصافية قد تفهم ما لا يدركه كبار العلماء , لم اكن اريد الخوض فيما تركه القرأن للعقول ان تدرك الحكمة فيه , لقد اخطا الذين قالوا بالتأويل للبحث عن الجانب الخفي فى القران , لسنا بحاجة للتوغل فيما لا يمكننا معرفة الصواب فيه , وقد ضل من ضل من الفرق الاسلامية عندما توسعوا فى التأويل وذهبوا بعيدا فيه , لم يكن يعجبنى ذلك التكلف لدى غلاة الفكر من الباطنية وعلماء الكلام وغلاة الصوفية عندما ذهبوا بعيدا عن النص القرانى فى دلالته الواضحة على معانيه , العقل هو المخاطب وعليه ان يفهم كما فهم كل السابقين , العلم يشرح لك المفردات اللغوية اما الاشارات الخفية والايماءات فلسنا بحاجة اليها لكيلا ننحرف عن الطريق , لو اقتصرنا على ما جاء فى القران والسنة الصحيحة التى ترجح لدى اهل الاختصاص صحتها متنا وسندا لما كانت هناك كل تلك الانزلاقات لدى المتكلمين وفلاسفة الاسلام وما اضيف الى الاسلام من اثار الثقافات الاخرى , كنت اريد الاسلام كما هو , وما اضفناه اليه من جهد العقول فننظر اليه من خلال معيار العقول ما هو صالح ومفيد وما ليس كذلك , من حق العقول ان تستفيد وان تتعلم وان تضيف  الى ثقافتها ماتراه مفيدا ومهما من تراث الاقدمين ..

 كنت اتامل فى كل ذلك عندما كنت اقرا ما هو مفيد من جهد الاجيال المتتابعة , ما هو متروك للانسان من حرية البحث عنه فهو حق له ويشمل كل ما يسهم فى رقي فكره وما يعمق مشاعره الانسانية وما يجعله اكثر انسانية ورحمة واقل انانية وقسوة , رسالة الدين واحدة وهي الدعوة الى  الايمان بالله وعمل الصالحات التى هي ثمرة من ثمرات الايمان , الصراع بين الانسان والانسان قديما وحديثا صراع على المصالح والسلطة والمال والجاه  , وهو صراع مشروع بشرط الايكون هناك ظلم ولا عدوان ولا تجاوز لما امر الله به من حقوق يجب ان تحترم والا يقع تجاوزها لانها من حقوق الله على الخلق , الدين لا يدعو الى نظام محدد  لان النظام من امر الانسان بما يحقق مصالح الخلق ولكنه يريد من الانسان ان يضع نظاما عادلا لا ظلم فيه وهذا من اختصاص الانسان ..عندما نقبل كل الاخرين ولو كانوا مخالفين لنا  فهذا من الدين ولا اكراه فى الدين ولا سلطان لاحد على احد ابدا , عندما نجد أثما او منحرفا فاننا نمسك بيده لكي ندله على الطريق , قد يكون هذا المنحرف افضل عند الله من كل الاخرين ..الدين رسالة الهية الى الخلق جميعا فلا يمكن ان يكون هناك من هو اقرب الى الله من الاخرين الا بما يقوم به من عمل الصالحات , مهمة العلم ان يجعلنا اكثر فهما واكثر استقامة , والعلم الذى لا ينهض بالانسان لا قيمة له ولا اهمية ولا يعتد به…

( الزيارات : 1٬085 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *