التوفيق بين الفكر والواقع

كلمة اليوم
الانسان العاقل يفكر فى امرين معا :
الامر الاول :ان يفكر فيما يجب ان يكون مما يتوصل اليه بالفكر والراي , وهذا ما يسمى بالاحلام التى يحلم بها الانسان لكي ينتقل الى الافضل , ويتفاضل الناس فى مستوى ما يفكرون به وما يجب ان يكون , وليس كل الناس سواء فيما يفكرون فيه وما يحلمون بتحقيقه من الامال الراقية التى تعبر عن سمو الانسان ورقيه فى الفهم وعلو همته فيما يختارلنفسه وما يحب ان يصدر عنه..
الامر الثانى : ان يفكر الانسان فيما هو ممكن ان يكون, وهذا هو عالم الواقع ولا يمكن تجاهل عالم الواقع ابدا , فمن شغله واقعه عن احلامه فقلما ينهض ابدا لان النهو ض يحتاج الى قوة اقلاع , وهذا هو دور الاحلام فى تمكين الانسان من توليد روية لما يمكن ان يكون ..
احد الامرين لا ينفصل عن الاخر , فمن سيطرت عليه الاحلام وتجاهل واقعه فلايمكن له ان يحقق شيئا , وقد يفقد باحلامه صلته بالواقع , ومن غلب عليه الواقع فقلما ينهض , والانسان العاقل الذى يريد ان ينهض ويحقق نجاحا فى حياته لا بد له من ايجاد معادلة عاقلة بين احلامه وواقعه بحيث يكون الحلم ممكنا من الناحية الواقعية , ولا يتجاهل الواقع الذى يفرض نفسه على اختيارات الانسان ..
والناجحون فى الحياة هم القادرون على ايجاد تلك العلاقة الحتمية والضرورية بين الاحلام والتمنيات وما يمكن ان يكون , واغلب ما يبرز فيه هذا التلاؤم هو عالم السياسة وعالم التجارة والاقتصاد فلايمكن للسياسي ان يتجاهل واقعه الذى يعيش فيه وهو الذى يفرض عليه اختياراته فى المواقف فلا يكون حالما بما لايمكن ان يكون ,.
..
كم نحتاج الى فهم هذه المعادلة الضرورية لكي نفكر بطريقة واقعية بعيدة عن المثالية المطلقة , ففى علم الفكر يمكنك ان تفكر فى المثاليات المطلقة , وهذه مهمة الفكر , اما فى السياسة فلا يمكنك ان تتجاهل ما هو ممكن او غير ممكن وهذا ما اشار اليه ابن خلدون عندما قال بان العلماء لا يصلحون للسياسة ولا ينجحون فيها لانهم اقل قبولا للواقع من غيرهم , وهذا ما يجعلهم اقل مرونة فى المواقف فلايحسنون فهم طبائع النفس البشرية ..

( الزيارات : 834 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *