الحق والفضيلة.ز اية علاقة..

نفحات روحية..الحق والفضيلة .. اية علاقة…
سؤال كان يتردد فى ذهنى منذ المرحلة الاولى من حياتى العلمية وهو ماذا يريد الانسان , وما زال هذا السؤال يتردد ولا اجد جوابا شافيا , حاولت ان افهم , رجعت الى ما كتبه الفلاسفة ورجال الفكرمنذ القديم وما كتبه فلاسفة الاسلام , ومن اليسير ان نقول : الانسان يبحث عن الكمال , ولكن ما مفهوم الكمال , مسكويه فى كتابه تهذيب الاخلاق تحدث عن السعادة فى مقالة من مقالاته الست التى تحدث فيها عن الاخلاق , وتحدث عن العدل كما تحدث عن المحبة والصداقة , ثم تحدث عن الصحة النفسية , وحاولت ان اقارن بين ما كتبه مسكويه وما كتبه الغزالى فى كتابه الاحياء, ولكل منهما منهجه الذى يختلف عن الاخر , هذه الاهتمامات تختلف كليا عن اهتماماتى الفقهية المرتبطة بالاحكام , ومنهج الفقهاء لا يهتم بهذه القضايا , وحاولت فى احد المجالس العلمية ان اتحدث عن الفضيلة واثرها فى مجال الحقوق , وكنت ادرك اهمية ذلك , كان عنوان الحديث :دور الفضيلة فى فهم الاحكام وفى تقييدها , وحاولت ان ابين اثر الفضيلة كقيد ملزم لاستخدام الحقوق المشروعة , فالحق لا يعنى ان تستخدمه بطريقة مغايرة للفضيلة والحرية لا تعنى ان تستخدم خارج الفضيلة ولا يجوز لمالك السلطة ان يستخدم سلطته بطريقة منافية للفضيلة ولا يجوز لمالك المال ان يستخدم ماله او ينفقه بطريقة منافية للفضيلة , وحاولت ان ابحث عن معنى الفضيلة عند الفلاسفة الاقدمين وعند عدد من مفكرى الاسلام , كان هذا الموضوع هو موضوع الدرس الذى القيته امام الملك الحسن الثانى رحمه الله عام 1985 فى الدروس الحسنية , وكان الحسن الثانى ينصت باهتمام وانا اخاطبه , وكان المجلس يضم ابرز علماء العالم الاسلامى , كنت ادرك اهمية اقرار فكرة ان الحق الفردى ليس مطلقا وانما هو مقيد بالفضيلة التى يراها المجتمع محققة للعدالة , وكان الحسن الثانى من ابرزمن عرفت فهما لما يسمعه وذكاءا واحتراما لحرية الفكر , وكان له افق واسع ويحسن الفهم لما يسمعه ويحترم الفكر ويشجع عليه , لقد اثار الموضوع اهتمامه وعبر عن تقديره له وتشجيعه لهذا المنهج فى فهم معنى الحق , وحاولت ان اكتب بعد ذلك عن موضوع الحق والفضيلة , وكتبت مقالة علمية فى مجلة العربى الكويتية , وفى مجلة الفيصل , وما زال مفهوم الفضيلة يثير اهتمامى , فالفضيلة من الفضل وهو الزيادة المؤدية الى الكمال وليست كل زيادة مؤدية الى الكمال , فالسرعة فى الخيل فضيلة وليست فضيلة فى الاغنام , وزيادة الوزن فى الاغنام فضيلة وليست فضيلة فى الخيول , فاذا زادت الاوصاف عن الاعتدال فليست فضيلة , فالشجاعة فضيلة فاذا تجاوزت حدود الاقدام العاقل كانت تهورا مذموما , والسخاء فضيلة فاذا تجاوز الاعتدال كان اسرافا وسفها وهو مذموم , والتدين فضيلة فاذا اقترن التدين بالتطرف والتعصب كان مذموما , لانه يدل على الجهل , والانسان يملك الحق ولكنه يجب ان يستخدمه فى اطار الفضيلة, فالطلاق حق ولكن الدين لا يبيح الظلم ولا التعسف فيه , وليس لهذا ابيح الطلاق وانما ابيح لكي يعبر عن مطلب مشروع عندما يستخدم الحق فى اطار الفضيلة من غير تعسف فى استعمال الحق ولا ظلم ولا تجاوزلما امر الله به , , كنت اتكلم فى مجلس الحسن الثانى بحرية تامة وكان رحمه يشجع الرأي ويقدره ويعجبه ان يتحدث المتكلم عن رؤيته لما يراه وكما يراه , موضوع الفضيلة والخير والكمال من الموضوعات الجديرة بالاهتمام , والتعلق بالكمال هو تعلق فطرى فى الانسان وما خالف الكمال فهو من النقصان وهو ليس من خلق الانسان ولا يليق به , , واعتبر مسكويه ان كل ما هو محسوس فهو فى المكان الادنى لارتباطها بالحواس الظاهرة , اما ما هو من الخيرات والفضائل والكمالات فمكانها هو الاعلى وهو ما تدركه العقول التى تميز بها الانسان وفضله الله بها عن سائر المخلوقات البهيمية .
( الزيارات : 1٬211 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *